أقلام حرة

علجية عيش: بَيْنَ الصَّوْتِ والصَّدَى.. السلطة الرابعة في مأزق

eljya ayshامتلأت الساحة بالضجيج.. نسمع كلاما هنا وهناك، ونقرأ أنباءً في الصحف عن الزعماء وصناع القرار، وجماعات "المافيا"، وأعمال الإرهاب والجواسيس، والانتصار في النهاية لأصحاب القوة، ليسوا أولئك الذين نسميهم "مفتولي العضلات" الذين نراهم في حلبات المصارعة، يغامرون بأنفسهم من أجل كسب معاشهم اليومي،  فأولئك يثيرون الاشمئزاز بل يدفعونك إلى التقيؤ،  لأن أجسامهم لا تشبه الأجسام، فأصحاب القوة  هم الذين يملكون المال ويحركون الأمور عن بعد، هم الذين يصنعون القرار ،  يخلقون الأزمات، ويفتعلون الصدامات، تصريحاتهم عبارة عن قنابل وهمية يخيفون بها الشعوب،  ليغيروا بها الدساتير والقوانين، يأمرون ويلوحون بالأصابع وعلى حكامنا  الطاعة، طالما العالم في قبضتهم، فما يحدث في الجزائر مثلا يطرح الكثير من الأسئلة، لأن المواطن البسيط لم يعد يفهم إن كانت الجزائر بلد تعددي ديمقراطي، أم  ما زال يحكمها الحزب الواحد، وتدفعه إلى السكوت عن بعض الأمور المسكوت عنها،  التي تشكل "طابو".

لم يعد للسلطات الأربع نفوذ في بلاد المليون ونصف مليون شهيد، بلد تختزن تحت ترابها البترول وشعبها ضائع، جائع تائه ، لا توجد "استقلالية" ولا " لامركزية"  في التسيير، لا السلطة القضائية ولا السلطة التنفيذية ولا  السلطة التشريعية لها حرية اتخاذ القرار، حتى "السلطة الرابعة"  في الجزائر حوصرت من أجل كبح صوتها، خدّروها ، أطعموها الجمر فاحترقت،  وجعلوها تابعة لـ: "السلطان"، ولو كان سلطان واحد لهان الأمر، فالجزائر يحكمها سلاطين، وفي كل مؤسسة تجد سلطانا يأمر على هواه ويؤسس دولة داخل دولة ، فيما  توجد مؤسسات "هاملة" وتُسَيّرُ بالنيابة، ولا حديث عن حقوق المواطن البسيط، الذي دمروه باسم "التقشف" ، والحقيقة أن سياسة التقشف أكبر كذبة أطلقها النظام الجزائري أو الحكومة الجزائرية، لكي تلهي الشعب عن قضاياه الأساسية وتغرقه في مشاكل تافهة هي قادرة على حلها ، إن لم نقل هي من اخترعها، ما زاد في الطين بلة هو أن هذه "الآفة"  التي سموها التقشف انتقلت إلى السلطة الرابعة، فالعديد من الصحف اليوم مهددة بالتوقف، ونزع منها "الإشهار" الذي يعتبر المورد الأساسي للصحف التي به تسدد رواتب الصحافيين.

المؤسف له أن سياسة التقشف تحولت عند بعض المؤسسات الإعلامية  إلى  ورقة تجارية  يعبثون بمصير الموظفين وفي خبزهم اليومي، ويكفي أن نقف على رواتب الصحافيين في القطاع الخاص، يخجل اللسان من ذكرها في هذا الفضاء "المقيّد" بقوانين وضعها أناس لخدمة مصالحهم، والدليل أن هذه القوانين  تتجدد في كل تعديل دستوري ، وعرقلت هذه الممارسات المسيرة النضالية للصحافيين في الجزائر، في ظل الانقسامات التي يعيشها أصحاب مهنة المتاعب، زادت من همومهم ، وأصبح البعض يخشى من أن يرفع "صوته" ليرد عنه المظالم، حتى لا يتعرض للتوقيف والطرد، خاصة العاملين في القطاع الخاص، لأنه لا عقد عمل يربطهم والمؤسسة الموظفة، فمدير الجريدة فلان قريبه الوزير، وآخر صهره الجنرال، والثالث  قيادي في حزب من الأحزاب، وما أكثرهم يؤسسون صحفا ويسلمونها لتجار لا يفقهون شيئا في العمل الإعلامي .

هذا مثال  فقط عن مؤسسة من المؤسسات التي لها كلمة وبإمكانها أن تصنع القرار وتحدد مصيرها وموظفيها، ، بل بإمكانها أن تغير نظاما بأكمله، أو تسقطه إن تحتم الأمر من أجل إنقاذ الجزائر،  لكن؟؟؟ تبقى الصحافة الجزائرية "صوت بلا صدى"،  بل يمكن القول أن بعض المؤسسات الإعلامية لا صوت لها ولا صدى،  وأقصد بذلك الصحف والمجلات "الصفراء" التي  بدلا من إصلاح المجتمع أفسدته ، عدا بعض العناوين حاول أصحابها إيصال صوتهم، ولكن كُمِّمَتْ أفواههم،  وبأساليب مقننة، وبدون خلفيات..، كنت أظن أن الصحفي"مثقف" والمثقف يعتبر "ضمير الأمّة"، لكن بعض المسؤولين شوهوا هذه المهنة النبيلة.. وجعلوا من الصحافة تجارة ، إلى حد إهانة موظفيهم، ولكن لا أحد يرى ويسمع مع أن  الجميع يتكلم.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم