أقلام حرة

واحُسيناه .. صيحة الفقراء

التي ذبحتك من الوريد الى الوريد على أرض الغاضرية قبل اكثر من الف سنة، وانت تعلم ياسيدي ومولاي ان بغداد ارض السواد قد توشحت بالحزن المدمى قبل ايام من ذكرى فجيعتك بمذبحة وصل نجيع دمها الى عنان السماء، اجل ياسيد الشهداء والغرباء والمظلومين والمضطهدين والمنفيين وسيد الأحزان والحق والحب وشفيع الفقراء، كنا نرى رأسك المرفوع على الرماح وهو يبصر نهر دجلة يفور بشهقات الأيامى واليتامى ونشيج الثواكل وانين الجرحى، وكنت ترى الفرات قد إستبدل سندس موجه بثياب الكروب وحتى النخل تخلى عن سعفه ورطبه الجني وتوشح برداء المصيبة والفجيعة، غدروا بك المرتزقة ياسيد المستضعفين مثلما يغدرون الآن بأرض الأنبياء، واستباحوا القتلة دمك الزكي على تراب كربلاء بظهيرة بكت لها ملائكة السماء، مثلما يهدرون الآن دم السومري والآشوري والأكدي والكلداني والمسيحي والصابئي على كل شبر من أرض السواد بمشهد عاشورائي يتكرر كل ساعة وانت وحدك من يرى هول الفجيعة التي هزت حتى عرش السماء، في يوم العاشر من عاشوراء ستهبط الملائكة من الفردوس برفقة المسيح عليه السلام وينثروا على ضريحك الطاهر ازاهير الجنة وابتهالاتهم المباركة من الله وسيفد الى قبرك المشع بنور الشهادة كل المنكوبين ومن كل فج وهم يتوشحون بالسواد وبأكفهم رايات تقطر دمعا على مصابك الأليم، سيقدمون بقلوب صافية واقدام حافية من ذنوبها ويرصعون مرقدك الذهبي بنشيج عبراتهم وإستغاثاتهم الجريحة ويتوسلونك بشفاعتك عند الله ان تزيل هذه النقمة وهذه النكبة عن ارض البلاد وتدع اعداء الحب واسياد الجريمة والمفسدين والمرتزقة والطامعين بثرواته والذين يرتدون جلباب الدين زورا وبهتانا يتناثرون شذرا مذرا في فلوات الجحيم، اجل ياسيد العبرات سترى وتسمع حشود الزائرين في ايام عاشوراء تصرخ مستغيثة بك واحسيناه واحسيناه واحسيناه بصوت عاصف جلل حتى يصل صدى صرخاتهم الى شعاب الارض جميعا، فلربما تتوقف الأحزاب الأمّارة بالسوء وكهنة السياسة الخلب من ديدن النهب والسرقة لثروات البلاد وتستفيق من دوامة القتل التي تمارسها دون وخزة ضمير بحثا عن منافعها وادامة المؤونة لكروش جشعها واحتكارها للسحت الحرام .. وسنرى ياسيد الهواشم وثأر الله ان اخاك قمر العشيرة وحامي الظعينة على فرسك الميمون مازال يجوب على ثكنات الفقراء وبيديه المقطوعتين يسقي من ماء الفرات شفاههم العطشى، وسنرى أختك الحرة ام المصائب والأحزان تمسح الدموع عن وجوه النسوة الارامل واليتامى والعوائل المهجرة كسبايا، وسنرى ولدك العليل امير الساجدين وقدوة الزاهدين يتفقد المرضى والجرحى ويضع بلسما طاهرا على جراحهم الراعفة بالأسى والنزيف .. اجل يا غريب كربلاء لانريد ان نرى عاشوراء وكربلاء في البلاد كل يوم، نريد عاشوراء واحدة عاشوراءك وكربلاءك انت وبدموعنا وهتافنا ننتصر لك ولها كل عام حتى نرى كالحالمين ان اسرابا من الحمام تخرج تباعا من مرقدك الذهبي وتملأ سماوات البلاد بهديل المحبة والسلام .. ياحفيد مصباح الدجى وكبش العراق هاهي اصواتنا تهدر وتصيح واحسيناه واحسيناه واحسيناه فهل من مجيب لندائنا نحن الفقراء في عاشوراء؟

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1270 الاثنين 28/12/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم