أقلام حرة

عماد علي: لعبة السياسيين العراقيين قبل تحرير الموصل

emad aliيبدو ان كل ما يجري الان في العراق له علاقة مباشرة بما تفكر به القوى الداخلية خفيا ومن ورائهم خارجيا لما يجب ان يصل اليه العراق وفق ما يفكرون ويخططون ويهدفون، وينفذون مخططاتهم بطرق شتى سواء كانت ملتوية وبليّ الاذرع ام باستخدام الوسائل المخابراتية المختلفة ومنها تلفيق التهم وو التسقيط والتشهير والتاثير على السمعة السياسية وحتى الاخلاقية للمقابل .

يجب ان يدرك الملمين بامور المكونات بان المسيطر الان هو السلطة التنفيذية التي يتحكم بها المكون الشيعي باكثرية ساحقة وبشكل مطلق تقريبا، وعليه يمكن ان يتوقع اي متابع ما يجري وراء الستار لاتمام السيطرة بتخطيط اللاعبين الداخليين والخارجيين وربما بمساعدة الاطراف العالمية ايضا، ليستقر الوضع على بقاء المعادلات السياسية الحالية الداخلية والخارجية على توازنها لصالح طرف ما، ويمكن ان يقع لصالح طرف يكون مفيدا لتوزان القوى في المنطقة وما له صلة بمحور معين على حساب المحاور الموجودة للمنطقة بشكل عام وبدافع مخططات استراتيجية مستقبلية كبرى  .

عملية التسقيط او التدجين او الاخضاع بشتى الوسائل، نجحت فيها السلطة والمكون التابع لها لحد الان وتتقدم يوميا في امالة التوازنن السياسي لجانبها ولصالح المكون الذي يدبرها، وما جرى في البرلمان بمثابة ضربة قاضية وقنبلة مدوية في هذا الجانب سواء كان مخططا او وقع كما هو لصالح مكون على حساب الاخرين وربما كان باثارة مسبقة لوزير الدفاع دون ان يعلم هو به ايضا وتحرك وتصرف بعاطفية شديدة وبرد فعل بعيد عن قراءة الواقع السياسي ابدا .

معركة الموصل وتحريرها ليس كما جرت في صلاح الدين او الانبار، لانها حساسة وعليها علامات استفهام تاريخية وتدخل ضمن الصراع الاقليمي اكثر من غيرها، وموقعها البعيد عن المركز وتركيبته الديموغرافية المختلفة كليا المدن العراقية الاخرى لا تساعدان السلطة المركزية من التمتع بتحريرها دون خطوات سياسية استباقية لضمان ما ورائها او اشراك ما يمكن ان تضمنها لتبقى على ما هي عليه تابعة للمركز اكثر من السابق التي خطفها داعش بسهولة . هناك ثلاث مكونات رئيسية اصحاب مصالح هامة في كيفية تحرير الموصل وكيفية وقوعها سياسيا وعسكريا، وهي مركز ثقل ونقطة صراع مابين المحورين ولا يمكن ان تتخلى عنه الاطراف ذات الصلة بها داخليا اي المكونات الثلاث وخارجيا ايران وتركيا، وما يعملون من اجل تعزيز موقع كل منهم او ما يكون عليه ثقل اي طرف فيما بعد تحريرها. وعليه تلجا السلطة المركزية والمكون المسيطر الى محاولاتها لبث ما يمكن ان تزعزع مكانة الاطرف الاخرى بشتى السبل بحيث تخلق بذرة خلاف ما بين شخصيات واطراف المكون الواحد او بين الطرفين ولديها من الوسائل المؤثرة ماديا ومعنويا في النجاح في هذا الشان .

ان ما يهم الكورد هنا هو قراءة ما يجري بدقة متناهية، ويجب دراسة الاحتمالات والحذر واتخاذ الطرق الملائمة لمنع نجاح اي عمل من شانه بث الخلاف بينه وبين المكونات الاخرى، ومن ثم التسريع في تصفية الخلافات الداخلية  واعادة رص البيت الداخلي باسرع ما يمكن والابتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة، وانني شخصيا لا اعتقد ذلك ولا انتظر بان الكورد يقراون الاحداث وفق مصالحهم كما لم يفعلوا ذلك من قبل وهم على خلافات مدمرة لهم منذ سنين وبتعنتهم واصرارهم على الصراع الداخلي قد يفوّتون الفرصة بسهولة ويمكنون الاخرين من النيل منهم سياسيا ويعودون الى المربع الاول .

المنتظر من ما بعد معركة الموصل وتصفية الحسابات وما يقع عليه العراق لاحقا، ان موقف المكونات سيكون وفق ما يكون عليه ثقل كل منهم ومدى نجاح كل طرف في كسب ما يدعه اكثر اريحية في قرارته وتحركاته مابعد تحرير الموصل . وتكون هناك عوامل عديدة بيد كل طرف يمكن ان يستخدمها في ذلك الوقت ، منها: الوضع الديموغرافي وكيفية استغلاله لصالح كل منهم، مدى الاعتماد على القوى الخارجية وضمان تاييدها لديهم، استخدام ميول وتوجهات الشعب المتحرر من تحت ايدي داعش في تحقيق اهداف استراتيجية لكل طرف، مع التعاون والمشاركة بين المكونات وما يفيد كل طرف من التحالف في تحقيق اهدافهم المشتركة، وهنا ستكون نقطة ضعف السلطة المركزية اكثر من عمليات تحرير صلاح الدين والانبار .

من اليوم وفيما بعد سنرى سيناريوهات سياسية ووقائع مختلفة وعمليات لتمهيد الطريق نحو توجه السلطة من اجل تمكينها السيطرة التامة على الموقف بكل الطرق والوسائل، وهنا يجب ان نقول لا بديل لديها عن اشراك الحشد الشعبي في عملية التحرير من اجل اهداف سياسية فيما بعد التحرير وليس من اجل التحرير بذاته .       

 

في المثقف اليوم