أقلام حرة

مهدي المولى: العراق على ابواب حرب عشائرية

ادرك الكثير من المسئولين في العراق الذين وصلوا الى كرسي المسئولية بالصدفة وعن طريق الفساد والرذيلة والكذب والحيلة والتزوير انهم لا يمكنهم الاستمرار في هذا النعيم وهذه الرفاهية فكل شي بيدهم ومن اجلهم وتحت الطلب اموال عقارات نساء اذا استمر حكم القانون والدستور والمؤسسات الدستورية واحترام ارادة الشعب فكل هذا النفوذ وهذا المال سيتلاشى ومن الممكن ان يحاسبنا الشعب ويحيلنا الى العدالة لاننا سرقنا امواله دوائه كتب اطفاله هتكنا كرامته اغتصبنا شرفه وبالتالي يحكم علينا بالسجن بالاعدام ومصادرة اموالنا المنقولة وغير المنقولة لهذا علينا ان نلغي القانون والدستور والمؤسسات الدستورية ونعود الى الاعراف العشائرية وشيوخها الجهلة الذين يركضون وراء المال وفعلا اتفقوا على الغاء القانون والغاء ارادة الشعب ورفعوا شعار لا دستور ولا مؤسسات دستورية ولا حرية ولا انتخابات انها من قيم واخلاق الغرب الكافر الذي يستهدف افسادنا وافساد نسائنا لهذا علينا العودة الى قيمنا قبل 1500 عام وهي الاعراف العشائرية وشيوخها  وهكذا قسمت دوائر الدولة المختلفة الى حصص عشائرية فجعلوا من كرسي المسئولية ملك طابو لهم ولافراد عوائلهم وعشائرهم فعبثوا وفسدوا وخانوا وسرقوا ولعبوا ما يحلوا لهم قيل هناك بعض المسئولين عاش كل حياته بدون عشيرة ولا اقارب لانه لا يعترف بذلك اصلا لكن بعد جلوسه على كرسي المسئولية حيث استطاع ان يشتري له عشيرة وشيخ عشيرة وهكذا اصبحت مكاتب الدولة مضيف وديوان خاصة بالعشيرة فيها توزع الهبات والهدايا والغنائم وحسب اتفاق المحاصصة 

لهذا نرى اغلبية  المسئولون في العراق تخلوا عن الدستور والمؤسسات الدستورية عن القانون والسلطة القضائية وتوجهوا الى الاعراف العشائرية وشيوخها في حل الخلافات والصراعات التي تحدث بينهم لهذا اصبحت كل عشيرة حكومة خاصة لها علمها الخاص وجيشها الخاص وحاكمها الخاص هو شيخ العشيرة يفعل ما يريد ويطاع في ما يأمر حتى اصبحت حكومة العبادي في بغداد اضعف من اي حكومة شيخ عشيرة  كما ان الكثير من اوامر السيد العبادي لا تنفذ او يؤخر تطبيقها في حين اوامر شيخ العشيرة تطبق فورا والويل لمن لا يطبقها

اثبت في كل التاريخ ان الحكام البغاة الطغاة الغير شرعيين  يعتمدون على العشائر واعرافها وشيوخها لما تمتاز بعدم الشرف والكرامة بل معروفة بالسفالة والرذيلة وبيع الارض والعرض لمن يدفع اكثر ابتداءا بالطاغية معاوية وانتهاءا بالطاغية صدام والوحوش ال سعود

فالشعوب التي ابتلت بالعشائرية واعرافها وشيوخها شعوب ذليلة مهانة لا كرامة لها لا شرف لا مقدسات انها اشبه بقطيع الاغنام لا تفرق بين المرعى والمذبح

لهذا لا يمكن لشعبنا ان ينطلق في عملية البناء والتقدم الا اذا قبر العشائرية واعرافها وشيوخها كما يقبر اي نتنة قذرة في الارض

فعلا انطلق شعبنا في بناء العراق الحر بعد ثورة 14 تموز 1958 عندما اعلن الحرب على العشائرية وشيوخها واعرافها وفعلا تمكن من عزلها الا انه لم يقبرها ويزيل اثرها وتمكنت من النمو والنهوض وغيرت الواقع لصالحها وبالتالي وقفت عملية بناء العراق ومسيرة الانسان العراقي وتدهور وضع العراق والعراقيين الى هذه الحالة المزرية

وبعد تحرير العراق في 2003 اعتقدنا ان العراق بدأ مرحلة جديدة مرحلة القانون والموسسات القانونية مرحلة الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية

فالعراق بعد 2003 بدأ مرحلة جديدة  بدأ حكم الشعب كل الشعب بدأ حكم الدستور والمؤسسات الدستورية اي حكم العراقيين جميعا متساوون في الحقوق والواجبات وحرية الرأي والعقيدة وهذا يتطلب الغاء الاعراف العشائرية وشيوخها واعتبار ذلك من امراض الماضي الفتاكة ويجب قبرها كما تقبر اي نتنة قذرة

الا ان الرياح جرت خلاف ما يشتهي الشعب العراقي حيث تسلطت مجموعة لا تملك مشروعا ولا قيما ولا مبادئ كل الذي تريده هو التسلط والنفوذ والمال والنساء وهذا لا يأتي الا بطريقة غير مشروعة وبقوة جاهلة لم تجد غير العشائرية واعرافها وشيوخها لتحقيق ذلك وهكذا ساد التخلف والجهل والفساد الاكثر اجراما كانت العشيرة واعرافها وشيوخها كلها في خدمة الطاغية ومن اجل فكان شيوخ العشائر يتنافسون في هز بطونهم في حضرة صدام من اجل الحصول على مكرمة على عبارة عفية اما الان فكل شيخ عشيرة اصبح صدام

الغريب ان الاغلبية المطلقة من المسئولين الذين اختارهم الشعب العراقي غير مهيئين للمرحلة الجديدة لمرحلة الحرية الديمقراطية التعددية حكم القانون المؤسسات الدستورية بل انهم لا يختلفون عن صدام بل ان النجيفي والمطلك والهاشمي والبرزاني ومن حولهم انهم نسخة طبق الاصل عن صدام حتى انهم يرون في صدام القدوة ويتمنى ان يكون كل واحد منهم صدام آخر في الغاء الاخر وبما انهم غير قادرين على تحقيق ذلك لهذا رفض الدستور والمؤسسات الدستورية ورمى نفسه في احضان العشيرة وشيوخها وهذا ما حدث بالنسبة للمالكي والحكيم والصدر والجعفري اخذوا يتنافسون على العشائر و شيوخ عشائرها وهذا من اكبر الاخطاء الذي وقع فيها هذا الطرف اي الطرف الشيعي والذي ادى الى فشلهم كان المفروض ان يبتعدوا عن العشائرية وشيوخها ويرفضوها رفضا قاطعا ويلغوا العشائر واعرافها وشيوخها ويتمسكوا بالدستور بالمؤسسات الدستورية بالمرجعية الدينية للاسف ان هذا الطرف اي الشيعي تخلى عن المرجعية الدينية الرشيدة وتمسك بالاعراف العشائرية وشيوخها المعادية للمرجعية لهذا فان الطرف الاكثر تضررا هم الشيعة وخاصة الفقيرة والذين يشكلون 90 بالمائة من الشيعة

فالعشائرية وشيوخها ممكن ان تفيد البرزاني ومجموعته وتحقق بعض مصالحهم الخاصة ويمكن ان تفيد النجيفي ومجموعته الا انها لا تفيد المالكي ولا الصدر ولا الحكيم ولا من حولهم بل تضرهم اضرار كبيرة على المدى الطويل

هذا يعني اننا على ابواب حرب عشائرية بعضها يغزو بعض وبعضها يسبي بعض ومن ثم تأسيس دويلات عشائرية على غرار الدولة الاموية العباسية البويهية السلجوقية العثمانية السعودية

لهذا اطلب من الامم المتحدة من الدول العظمى من دول اوربا من امريكا انقذوا العراقيين من نار جهنم 

العراقيون غير قادرين على حكم انفسهم في الوقت الحاضر يظهر ان العراقي يخضع لغير العراقي فالعراقي في كل التاريخ لم يحكمه عراقي.

 

مهدي المولى 

 

في المثقف اليوم