أقلام حرة

صادق السامرائي: الإسلام المقرون بالسوء!!

بتأريخ (2\8\2016)، توفى العالم المصري العربي المسلم (أحمد زويل) الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999، ولم نقرأ خبرا واحدا في وسائل الإعلام العربية والعالمية يشير إلى أنه عربي مسلم، ولم يُقرن إسمه بالإسلام على الإطلاق.

بينما أبسط جريمة أينما وقعت ويكون مرتكبها مسلما فأنها تُقرن على الفور بالإسلام!!

تُرى لماذا تقرن المساوئ بالإسلام؟!!

وقد رفض البابا فرنسيس في كلمة له هذا الإقران المجحف ما بين الجريمة والدين، وقالها بوضوح وحكمة وموضوعية، إن هذا الإقران غير منطقي وغير صائب، وإلا لماذا لا نقرن جميع الجرائم المرتكبة بدين مرتكبها؟!

وفي واقع الأمر لو تحرينا عن ديانات المجرمين في سجون الدنيا كافة لوجدنا أن نسبة المسلمين منهم قليلة جدا بالقياس إلى نسبة الديانات الأخرى.

فلو أحصينا المجرمين في أيه دولة لوجدنا معظمهم من أديان ومعتقدات متعددة، فهل سنقرن جرائمهم بديانتهم ومعتقداتهم؟

وهل هناك نزعة في علم الجريمة والإجرام لتسمية الجريمة بدين صاحبها ومعتقده؟!

لن يحصل هذا ولن يكون، لكنه صار معتادا فيما يخص الإسلام، فكل جريمة يقوم بها شخص يدين به أو يدّعيه  تؤخذ على أنها ليست جريمة، وإنما حالة أخرى يُراد لها أن تترسخ في وعي الأجيال بتكراراها، وتعزيزها بالأمثلة والأدلة التي تتحقق في مجتمعاته المغلوبة على أمرها، والمرهونة بالتبعية والإحتلالية ومصادرة الإرادة والمصير.

فالجرائم معروفة قبل جميع الأديان، وشريعة حمورابي مكتوبة قبل الأديان الثلاثة وغيرها من الأديان، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إقران الجرائم بدين أو معتقد، ذلك أن الجريمة ما هي إلا تعبير عن إرادة أمّارة السوء الكامنة في البشر، ولا يخلو بشر واحد من سطوتها، والإختلاف ما بين الناس والمجتمعات في قدراتهم على تهذيبها والتحكم بها، وضبطها بالقوانين والإصلاحات والأعراف والتقاليد والمعتقدات والأديان.

ومن المعروف أن جميع الأديان تستهدف السيطرة على هذه النفس المتوطنة في أعماق البشر، والذين إستطاعوا  الإنتصار على نوازعها ورغباتها وإندفاعاتها، هم الذين إكتسبوا درجات المصلحين والصالحين والأولياء والأنبياء وأكثر، فالذي يقمع إرادة النفس الأمّارة بالسوء الفاعلة فيه يحقق إنجازا أخلاقيا وسلوكيا متميزا، وبهذه القدرة فقط يمكن التمييز بين القادة القدوة والقادة الخردة، وعندما تُبتلى المجتمعات بقادة خردة فأنها تنحدر إلى أسفل سافلين.

وعليه فأن التركيز على إقران الإسلام بما هو سيئ ومشين يُعد إعتداءً سافرا على جوهره ومعانيه وقيمه النبيلة السامية، والذين يقومون بأعمال مخزية وجرائم مروعة تحت إسمه، إنما يمرغون هيبته وروحه في أوحال أمّارات الأسوء من السوء، التي يرفعون راياتها ويترجمون إرادتها، ويحسبون ذلك هو الدين القويم، وما هم إلا يترجمون إرادة شيطان رجيم!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم