أقلام حرة

عماد علي: هل ما تفعله الصومال يفيد العراق؟

emad aliيبدو ان صومال خطت كثيرا نحو الامام، وتجاوزت محنتها شيئاما او في طريقها الى وضع قدمها على ارض ولو مرنة لحد اليوم، الا انها مهيئة لتحسين حالها وتبلور تفاهم كبير بين مكوناتها القبلية بشكل مقنع ومناسب لهم، من اجل التنقل من وضعها السياسي الى مرحلة متقدمة مقارنة بما كان من قبل وقبل اي شيء اخر. واليوم بعد ان حاول في انشاء الاقاليم والاحزاب السياسية وفق وضعها الاجتماعي القبلي، تخطوا الى نقل السلطات الى الاقاليم وللقبائل دور هام وخاص فيها، وعليه اعطوا ما يمكنهم من تحقيق اهداف الحكومة لخططها بما يلائم  الفدرالية الخاصة بهم ووفق مكانتهم في الجمهورية الصومالية.

البلاد قبلي وحتى الاقاليم غير واضحة التركيب، الا انهم انشؤوها اساسا، المكونات غير بعيدة عن البعض الا ان الوضع الاجتماعي القبلي غير مهيء للوحدة الاجتماعية، لذلك ارادتالحالة السياسية والاجتماعية الموجودة  وضعا خاصا قائما على القبائل وفي اختيار برلمان بشكل غير مباشر، وفق ما هم عليه من المستوى الثقافي الامني والاجتماعي العام. ان اهم ما ساهم في استباب الامن فيهم الى حدما بشكل خاص هو نقل السلطات ومشاركة الاطراف ببناء اقاليم غير مؤسسة اساسا لتوزيع السلطات عليهم وبوجود رئيس مثقف متفهم لحال بلده، وبه يمكن توزيع الخير والشر اي المشاكل والامتيازات  ايضا بعيدا عن المركز . لم تكن هناك احزاب فقاموا بتاسيسها، اضافة الى الاقاليم الخاصة بالقبائل، واتخذوا النظام الفدرالي الحقيقي الملائم بهم ولم يحاولوا فرض سطوة وسلطة المركز لحد اليوم، وذلك باختيار رئيس بانتخابات خاصة بهم . اي الفدرالية والسلطة والحكم والدستور كله جاء بما يلائم قاعدتهم الاجتماعية الثقافية السياسية، ووجدوا حالهم في التقدم خطوة الى الامام بما عثروا عليه من النظام ومكنونه بالذي يفيدهم، واهم المباديء التي اوصلتهم الى حال غيرت من احوالهم الى حدما بعد الفوضى والاحتراب والتقاتل اليومي، هو اتخاذ النظام الفدرالي وتوزيع السلطات كاساس هام وعادل في عدم التعدي القوي على الضعيف على الرغم من انهم لم تكن لديهم الارضية مهيئة لذلك، وبفضل رئيس مثقف عاقل بعيد عن الاستاثار لشخصه ولم يرد فرض السلطة وجمعها بين ديه لحد الان فانهم تمكنوا من ذلك .

فلنعد الى العراق وما فيه من الاقاليم والمكونات المتميزة غير المستندة على العشيرة بشكل مباشر على الاقل، ولديه من الاحزاب المختلفة التركيب والتشكيل، ويمكن الاستناد على الاقاليم البارزة التي يمكن في حال توزيع السلطات العادل الاعتماد عليها وفق ما تستوجبها سماتها المختلفة عن البعض .

على الرغم من وجود الدستور المساند والممكن الاعتماد عليه في تحسين الوضع السياسي الاقتصادي القائم، الا ان القيادة العراقية لم تفكر بما يلائم واقعه غير ابه بمستقبله بشكل جيد ولم يبرز قائد يمكن ان يعيد المسار الى ما هو الممكن الملائم لتحسين الوضع العراقي او على العراق اتخاذ الخطوة الاولى الاساسية لبناء الكيان الامن، دون الاعتماد على الشعارات والاقاويل وما يضر بهم من الموروثات الغريبة والمستوردة اليه .

اي كل ما يحتاجه العراق هو التنظيم وليس التاسيس له كما هو حال الصومال وما احتاجته للخطوة الاولى، فان الكيان موجود والاقاليم بارزة ومستعدة لاتخاذ الاجراءات القانونية لتوزيع السلطات استنادا على الدستور المبني عليه . وبمعادلة رياضية بسيطة فان توزيع المشاكل والقضايا الصعبة على مساحات واسعة واكبر من الموجود المسؤول عن حلها فانها تكون سهلة الحل اكثر من ان توليها جهة واحدة باطار معين وبما تملك من امكانية ومن خلال المركز الذي لا يعلم بدقائق الاطراف كما يعلمها اهلها .

اذن، ان كانت صومال وليس هناك احد لا يعرف كيف كانت وتوجت محاولاتها بتوزيع السلطات واتخاذ النظام الفدرالي لحل قضاياها الشائكة المعقدة، واستطاعت ان تغير من احوالها ونجحت الى حد كبير افليس بامكان العراق الاكثر تهيئا وامكانية سواء من الناحية المادية او الاجتماعية او السياسية ان يحل ما هو عليه، مجرد باتخاذ الدستور حلا مناسبا له دون اللف او الالتفاف عليها او التملص من اقرار القوانين المتعلقة بالقضايا المهمة التي تضيف دافعا وسندا له نحو الامام في التوصل الى الحل النهائي من اجل ضمان الامن والاستقرار والوصول الى العيش الرغيد لابنائه . انه تطبيق النظام الفدرالي الحقيقي بما تسانده بنود الدستور كما هي دون تدخل الايديولوجيا والدين والمذهب في القانون الاساسي .  

 

في المثقف اليوم