أقلام حرة

واثق الجابري: طبيعي ما حدث في مستشفى اليرموك فلماذا إستغرابكم

watheq aljabiriتسعة أشهر من الآلام والإنتظار، وأيام وليالي وحلم الأب والأم والعائلة، وحتى الأطفال الصغار بمولود جديد، وبين الإختلاف على التسمية بين الأبوين ربما والعائلتين؛ يخرج طفلاً بريئاً؛ فمن يحق له سلب حياته، ومن يُحاسب المقصرين والمهملين والفاسدين؛ بمختلف درجاتهم الوظيفية والسياسية، وهل ستأخذ القضية من الرأي العام والسياسي؛ ما تناله بعض القضايا على مكاسب شخصية وحزبية؟!

طبيعي ما حدث وغريب إستغرابكم، وماذا تتوقعون من طبقة سياسية متورطة بالفساد، وهمها تحطيم الحياة لتحقيق أحلامها الدنيئة.

حادثة مستشفى اليرموك واحدة من مئات آلاف القصص، ومثال حي للإستهزاء بديمومة الحياة والطفولة، أنهم أطفال ينادون ولا أحد يسمع صوتهم يصرخون من النار ولا من مُجيب، ولا يعرفون بأي لغة يتحدثون كي يفهمون غيرهم طلب النجدة، وأنهم في اقفاص الخدج وبين أسلاك الكهرباء والأوكسجين المساعد للإشتعال، وأمهاتهم هاربات من النار والدخان ومشاهد الرعب.

مستشفى اليرموك كحال كثير من المؤسسات المهمة التي أصابها الفساد، ولولا جهود بعض الأطباء والممرضات وبعض العاملين لكانت الضحايا أكثر، وهو واحد من بين أربعة دوائر صحة في بغداد هي: الرصافة والكرخ ومدينة الطب ودائرة اليرموك الطبية، ومتوزعة المستشفيات بين الكرخ والرصافة؛ حيث يتبع لها مستشفى الكندي؛ من الناحية الإدارية والتعلمية وحركة الأطباء الدورية والتخصيصات المالية وكلياته الطبية.

إن الغرابة ما حدث بعد أطلاق أو حزمة من الإصلاحات، وشمول مدير عام دائرة صحة الكرخ بأمر ديواني بقبول أحد الخيارين؛ أما العودة الى العمل السابق او الإحالة الى التقاعد، وفي ليلة وضحاها؛ أعلنت دائرة اليرموك الطبية من إنشقاقها عن وزارة الصحة، ورفض مديرها العام تطبيق الأمر الديواني، ودخولها تحت سلطة محافظة بغداد، ودمج مستشفى اليرموك مع دائرة صحة الكرخ، والتخلي عن مستشفى الكندي، بينما لا توجد بالمحافظة تخصيصات للنهوض بمستشفيات كبيرة كمستشفى بن البيطار.

رحلت أرواح الأطفال الى بارئها؛ تدعو بالويل والثبور على كل من شارك بالفساد والإهمال، ورفعت تلك الأم يديها بالدعاء للأطباء اللذين خاطروا بأنفسهم ولم يرتكوها في صالة العمليات.

خطر كبير وأعمال دنيئة إرتكبتها بعض الطبقة السياسية، وتشاركوا وتعاونوا على تدمير الإنسان العراقي والحياة والطفولة، ويا لشدة لوعة تلك الأم التي كانت تنظر 9 سنوات لولادة طفل، وماذا نتوقع من ساسة لصوص سرقوا الطفولة، وتحايلوا ونتيجتهم الفشل والترهل والحسابات الحزبية والشخصية، ولقد رحل الأطفال غرباء لم يتعلموا حتى كلمة للنجدة من لغة وطنهم، وكأن بعض الساسة يقولون لنا: نحن الدولة وأنتم الغرباء، وطبيعي ما حدث فلماذا إستغرابكم، وكم طفل وشيخ وأمرأة تشوى أجسادهم كل يوم، وكم يذهب مجهول الهوية في وطن ما عاد يملك هويته، وحياته مباعة لشراء الكراسي؟!

 

واثق الجابري

 

في المثقف اليوم