أقلام حرة

زعيم الخير الله: خفاء الاشياء والعقل

في هذا الكون العجيب، الذي يعج بالاسرار، ويكتنز في اعماقه الالغاز والخفايا، نجد ان ما يظهر لنا، ليس بشيء ذي بال، بالقياس الى ماخفي عنا وما نجهله. الاشياء المخفية، الغائبة عن حواسنا، لها تاثير اعمق في حياتنا ووجودنا، وان كنا لانراها، ولانحس بها. الفيروسات والجراثيم، وكل الكائنات المجهرية التي لانقوى على ادراكها بحواسنا، والتي لاترى بالعين المجردة، هي اشد فتكا بالانسان، من الموجودات المرئية والمحسوسة، يسلطها الله تعالى على الانسان المغرور، ليعرفه حجمه وفقره وعجزه ومحدوديته في هذا الكون الفسيح .

فالايدز الذي فتك وما يزال يفتك بشعوب وامم على سطح هذا الكوكب، هو فايروس لايرى بالعين المجردة . والطاقة التي لا نستغني عنها في حياتنا وخصوصا الطاقة الكهربائية، لها تاثيرات عميقة في حياتنا، ولكننا لانراها ولانلمسها، ولانحس بها.

لماذا كانت الموجودات الخفية تشكل الجزء الاعظم في هذا الكون؟ ولماذا غيبت واخفيت عنا، رغم حاجتنا الماسة لهذا الكشف للتوقي من اخطارها؟

هنا ياتي دور العقل، ليكتشف، ويتامل، ويفكر ويستنتج، ويبدع . الله لم يكشف لنا هذه الوجودات الخفية المغيبة عنا، ليعطي مجالا للعقل الانساني ليكتشف ويبدع،، ويتامل ويفسر، ويحلل ويربط بين المقدمات والنتائج، لوكشف الله كل شيء للانسان جملة واحدة، كان في هذا الكشف الكلي الشامل تعطيلا لدور العقل عن اداء وظائفه.

لو ان الاسرار في هذا الكون كشفت للانسان دفعة واحدة، وقدمت اليه على طبق من ذهب، بلاجهد، ولااعمال عقل، ولااثارة فكر، حينئذ لايحس الانسان بقيمته، ولايحس بلذة الاكتشاف، وعندها يجرد الانسان عن موقعه كخليفة لله في هذا الكون، وعندها يتساوى الانسان مع اصغر حشرة هيا الله لها كل ماتحتاج اليه.

وتتميما للفائدة، نقول: ان هذه المسالة، مسالة تاثير القوى الخفية في حياتنا، تنسحب الى عالم السياسة ايضا، ففي عالم السياسة، هناك قوى ظاهرة هي التي نراها بارزة وواضحة للعيان، وكانها هي من يتحكم بمجمل قواعد اللعبة في العملية السياسية .

الدول الديمقراطية التي تاتي حكوماتها عبر اليات ديمقراطية، من انتخابات واستفتاءات، هذا هو الظاهر، ولكن هناك قوى خفية، لها دور اعمق في المشهد السياسي من القوى الظاهرة التي نحسبها هي من يخطط ويبرمج، ويدير اللعبة.

فالمخابرات المركزية الامريكية بادوارها السرية الخفية، هي التي تمكنت  من اسقاط  حكومات منتخبة من شعوبها، في دول امريكا اللاتينية وفي مناطق اخرى من العالم، وثبتت ودعمت دكتاتوريات مرفوضة من شعوبها. وهذا يؤكد دور العقل في هذه العمليات، لان العقل المخابراتي يقوم على جهود وامكانات عقلية، لتحقيق نتائج افضل.

 

زعيم الخير الله

 

في المثقف اليوم