أقلام حرة

صادق غانم الاسدي: ارحموا المرضى والمساكين يا اطباء العراق

sadiq alasadiليس لاحد ان يكذب بكل حرية غير الاطباء، هذه الكلمة لآفلاطون قالها قبل مايقارب اكثر من اربعة وعشرين قرناً ولازالت الى اليوم معناها واضح في تخفيف وطأة الالم والحزن وانهيار نفسية المرضى الذين يعانون من الامراض المستعصية، ويقال في عالم الطب ان اغلب الامراض النفسية تتحول الى امراض عضوية لم تكن ذات يوم يشكوى منها المريض الا بالخيال، فالحالة النفسية وتوفير الاجواء والكلام المنبعث من قلوب طيبة يعطي نشاطا وأملاَ في تجاوز الكثير من الازمات الصحية ويحفزالانسان على العطاء المستمر،اغلب المرضى الذين يعانون من امراض مزمنة كالسكر وضغط الدم حينما يسافرون خارج العراق للنزهة او للعمرة اوللسياحة الدينية لايلتزمون في اخذ العلاج لعدة ايام ولم  تتعرض صحتهم الى اي اذى لربما هنالك اجواء وطبيعة الاماكن الخلابة تجعلهم أصحاء لايمتثلون الى مواعيد الاستمرار بالعلاج وهذا ماسمعناه لاكثر من شخص سافر، كتُب على شعب العراق منذ زمن ليس بالقصير ان يعيش تحت طائلة الاخبار السيئة والاجواء البعيدة عن الآمان والسعادة وهو يجهد نفسه في سبيل توفير ملاذ أمن قدر المستطاع لعائلته رغم قساوة الظروف والاحكام المفروضة عليه تحت تحديات وظروف قاهرة وازدات تلك المعاناة خلال فترة الحصار الغاشم على الشعب العراقي منذ 1991 وظهرت تداعيات واجواء غريبة في المجتمع اجبرت العراقيين للتكيف والتعامل بها وانتشرت الامراض لقلة الوعي والارشادات الطبية وغياب العلاجات،وتفاقمت تلك الأزمة بعد تحول العراق من النظام الدكتاتوري الى النظام الديمقراطي الذي اصبح هذا النظام ثقيلا وغريبا ولم يستغل بما شرعه الله لحفظ كرامة الانسان والمحافظة على ثرواته الطبيعية التي ذهبت هدرا في جيوب مافيات لم يسمع بها العراق الا في فترة التحولات الديمقراطية، ولا استثني منهم الاطباء والصيادلة والمختبرات والمستشفيات الاهلية وهي تستغل المستوى المعاشي المتدني للمواطن العراقي بفرض تسعيرات خيالية لأجور ايادي الاطباء والارتفاع في ثمن الدواء المباع في الصيدليات والاسعارالخيالية للمختبرات والتحليلات المرضية التي تفرض على المريض اثناء قيامه بالتحليل وتأخذ منه مقدما وخصوصا الارتفاع الهائل بعيادات اطباء الاسنان والتفنن مع المريض بتحديد عدة جلسات مقابل مبالغ باهضة دون مراعاة الوضع المعاشي والانساني للشعب، كل ذلك يجري تحت دراية وعلم نقابة الاطباء وهي لم تقوم بدوراً وطنياً بفرض تسعيره على اجور الاطباء والمراقبة والمتابعة لما يجري في عيادات الاطباء والمختبرات وخصوصا في منطقة الحارثية حيث بلغت اجرة بعض الاطباء الى 100 الف دينار وهذا تحدي واضح للمفهوم الانساني وعمل الاطباء الذين هم رحمة للانسانية، ومع شديد الاسف استغل بعض الاطباء ما يتداوله المشرفون واعضاء نقابة الاطباء بان الطبيب في العراق يجب ان نوفر له الاجواء الآمنة والمريحة حتى يبقى في العراق ولايهاجر خوفا من خلوا الساحة الطبية من الاختصاصات،أن تلك التصريحات اعطت مبررا قويا لان يلعب الطبيب بقدرات الفرد العراقي ولازالنا نحن نصب جم غضبنا على ما يتقاضاه اعضاء البرلمان والمدراء العاميين ووكلاء والوزراء من رواتب وانشغلنا بالمهاترات والسجالات ونسينا ما يجنيه الطبيب كل يوم من أنين المرضى دون الاكتراث الى الجانب الانساني ومراعاة الوضع العام للبلاد، واصبح القاسم الاخر في تفتيت الحالة الانسانية هي المستشفيات الاهلية وما ينتج عنها من تداعيات تؤلم وبعيدة عن اعين الرقابة والصحافة التي اشغلت مفهوم عملها بحلقة مستديرة ضلت لسنين دون تسليط الضوء على الاطباء واجورهم تماشيا مع مراعاة عدم الضغط عليهم للبقاء داخل الوطن، خروج الطبيب المنعدم انسانيا من ارض الوطن خيرا من بقائه خوفا منه لتوسيع دائرة الظلم والجشع ويساهم ايضا في خلق مناخات عدائية للمؤسسات الصحية من قبل المرضى وتزداد الاعمال وحشية اذا تعذر عن تسديد اجور الاطباء والتحليلات، فيلتجى للحصول على  المال بطرق غير شرعية من اجل الاستمرار بالعلاج فسيتحول في دائرته اذا كان موظف الى  انسان مرتشي بسبب الضغط والارتفاع الهائل من اجرة الطبيب وثمن التحليلات المرضية وشراء الدواء، مع العلم لم يشرع اي قانون يحد من استغلال الطبيب والوقوف بحزم اتجاه بعض الاطباء وهم لايؤدون عملهم بكفاءة داخل المستشفيات الحكومية وما سمعته ان بعض الاطباء يأتي صباحا للمستشفى للتوقيع فقط ثم يغادرها لاجراء عمليات خاصة في مستشفيات اهلية ويعود نهاية الدوام ليثبت حضوره،اتمنى من نقابة الاطباء ان تاخذ دورها الانساني قبل الوطني وتكون شجاعة في ردع المسيئين من الاطباء المستغلين للوضع العام الذي يمر به بلدنا وهو ينزف دماء وهم يتناغمون عليها ولم تجد من يضمد جروحنا لحد الان.

 

في المثقف اليوم