أقلام حرة

عماد علي: الجميع متفق على الفدرالية في العراق وسوريا

emad aliبعد التغييرات التي حصلت اخيرا في المواقف لدى جميع الجهات ذات الصلة بسوريا، وما استقرت عليه المواقف حول العراق ومستقبله بشكل نهائي شبه مؤكد، هو تجسيد النظام الفدرالي في البلدين استنادا على التركيبة الموزائيكية لشعوبهما، وما يتطلبان من النظام الذي يلائمهما ويمكن ان يتفق عليه الجميع ويرضى به لضمان حقوقهم السياسية الاقتصادية، وهذا ما اقر في الدستور العراقي  وقطع خطوات ويحتاج لسند وقوانين تثبته على ارضيته  ولا رجعة فيه .

الدستور العراقي اقر الفدرالية ولم يات هذا النظام من الفراغ او نتيجة تاثير العواطف والمتطلبات لدى مكون ما، وانما توافق عليه القوى الخارجية قبل الداخلية واعتبرته افضل ما يمكن تطبيقه لارضاء الاكثرية وبناء ارضية لتعاون ومشاركة الجميع وانهاء شوط طويل من الخلافات والاختلافات بين المكونات العراقية .

سوريا لازالت في الطور البدائي لانها غير مستقرة وفي حال تستمر فيها الاحتراب بين الجهات المختلفة وهي تحت تاثير القوى الخارجية التي لها المصالح المختلفة فيها وبشكل مباشر، عدا من يتربص على حدودها للقض عليها من اجل وضع لمساته الخاصة على نظامه وليس ما يلائم وضعه وظروفه السياسية الاجتماعية الثقافية العامة، ولم ينجح لحد اليوم  .

نرى التنسيقات المختلفة بين المحاور المختلفة التي لها العلاقة بما يجري في سوريا، ونلمس التناقضات الكثيرةايضا  نتيجة تعقيد الامور على الجهات الداخلية والخارجية ايضا، الا ان البائن لدى العيان هو التنسيق الامريكي الروسي حول ما يجب ان تكون عليه سوريا مستقبلا . اي، الطرفان ينويان استقرارها على نظام استوضحت بشائره على الفدرالية كحل مناسب حسب التحركات الاخيرة التي نرى ملامح ما تكون عليه البلد ما بعد الصراعات الدموية الجارية بفعل من تتضرر  مصالحهم والتي تؤخر الحل كثيرا.

نعم هناك طموحات اكبر من المخطط له لدى البعض ومنهم يستحق الاكثر من الفدرالية وهو الحقيقة، وهناك تدخلات لعرقلة ما هو المرسوم، وهناك  تضارب في المصالح بين القوى مما يضع العراقيل امام ما يمكن ان نقول انه  متفق عليه في الغرف المظلمة ويمكن ان يتبصر المتابع له من خلال المنافذ الضيقة لخروج الاضواء من تلك الغرف العاتمة لما يُخطط لمستقبل سوريا .

لا يمكن ان نرى في المستقبل القريب غير الفدرالية السائرة في العراق وباتفاق الجميع، اي القوى الخارجية والدالخية عدا البعض هنا وهناك، وهم ايضا لم يقراوا ما يجري او يتلاعبون بالشعارات من اجل كسب ود الشعب بالعواطف او بالمزايدات التي لا تغني ولا تسمن الشعب .

هذا يعني ان العراق قد كسب القرار النهائي لقرار الدستور الفدرالي على ارض الواقع ولو لمرحلة ما لا يمكن معرفة مدتها، ولا يمكن ان نعتقد بتغيير هذا التوجه او الراي او الموقف من القوى المؤثرة وفي مقدمتهم امريكا وروسيا ودول الجوار والقوى المتنفذة الداخلية، عدا هذا وذاك الذي قلنا انهم من  الاطراف الذي لا يمكن ان يُعتمد توجهاتهم، لانهم اصحاب المواقف الضعيفة بين ما يريده ويعمل عليه الجميع .

اما سوريا التي في بداية مخاضها لاقرار النظام الفدرالي التي تتواجه مع المعرقلات، وهي في بداياتها ولا يمكن ان ننتظر غير هذا النظام في المستقبل القريب ولم يدعي احد غير ذلك ايضا، بل لم يتجرا البعض في الاقرار به او الاعتراف بملائمة النظام الفدرالي للقوى السورية بمختلف مكوناتها ومناشئها .

لنثبت الوقائع التي يدلنا على ان سوريا ايضا سارية نحو الفدرالية والنظام اللامركزي بمباركة الجميع؛ في الوقت التي تحذر امريكا النظام السوري من قصف حلفائها الكورد في حسكة، وبعهد يوم واحد فقط يهدد بايدن امام السلطان اردوغان حلفائه الكورد من مغبة التوجه نحو غرب الفرات اكثر ويطلب العودة الى شرقه، وينفذ الكورد ذلك خلال الاربع والعشرين ساعة. اي التمسك بوجود الكورد في شرق الفرات . هذا كله يجري وفي الطرف الاخر وفي قاعدة الحميميم الجوية تجري مفاوضات بين الكورد والنظام السوري برعاية روسيا حول الوضع في الحسكة، ويُفرض اتفاق بتسليم زمام الامور بيد الاسايش بشكل مرضي ومقنع وتنقطع الاحتكاكات في وقته . وهذا يشكل انتصارا كورديا في المقابل  من انسحابه من المنبج الذي يتعبر خذلانا له، والعملان المتناقضان يوضحان للجميع مدى التنسيق الموجود بين روسيا وامريكا لما يجري في سوريا ايضا، وما يمكن ان يتوصلوا اليه قريبا جدا لمستقبلها وما يكون النظام فيه، والاكثر وضوحا وتوقعا هو ترسيخ الفدرالية لاسترضاء الجميع .

عدا ذلك،  هناك من التناقضات في المواقف لدى الطرفين الروسي والامريكي حيال الحلب، وهي نابعة من الصراع لما يمكن ان يفرض احد الطرفين من المحورين الموجودين ثقلهما على مجريات الامور في سوريا ليس الا .

المعادلة الانية الموجودة هي؛ محور الروسي الايراني السوري على الطريق المستقيم وبعد تكوع تركيا نحوهما فرض ما امالت الحالة نحوه، وافضى المحور الاخر بما فيه امريكا في قارعة الطريق شييئا ما، الا ان زيارة بايدن التصالحية  مع تركيا فرضت على اردوغان عدم المبيت في حضن بوتين كثيرا الى حد ما .

و ما يفرض علينا رؤية مستقبل سوريا بشكل ورؤى غير واضحة المعالم كثيرا، الا اننا يمكن ان نستشف النظام الفدرالي الملائم لما يمكن ان يتوافق عليه الجميع، بعد هذه التحركات الاخيرة وما برز من التساؤلات حول ما يجري .

روسيا تفرض التصالح في حسكة والنتيجة تكون لصالح الكورد وتثبيت اقدامهم فيها الى حد كبير . امريكا تطلب من حليفها القريب الكورد العودة الى شرق الفرات، وكان المتوقع ان تقدم الطرفان الامريكي والروسي على عكس ما نراه من مطالبهما لحلفائهما في سوريا، الا اننا نتاكد من خطواتهما هذه مدى التنسيق بينهما حول سوريا . وكذلك الامر بالنسبة لحلب وعملية اقلاع الطيران الروسي من قاعدة همدان وما فرز منها، اضافة الى تغيير وجهات النظر قليلا حول ما يمكن ان تفعله المعارضة في الشمال السوري لدى امريكا لصالح تركيا في ظل تحفظ روسيا ازاء ذلك ايضا .

كل هذا يستوضح لنا بشكل جلي مسيرة سوريا والنظام الذي يمكن ان يقوم فيها وهي غير مختلفة بشكل جذري عن العراق في كثير من الجوانب ومنها موزائيكية التركيبة لمكونات الشعب السوري وتوجهاتهم واهدافهم والتاريخ المعتمد في جغرافية مماثلة بشكل واضح جدا . وبهذا نتاكد وبنسبة كبيرة على ان الجميع متفق على النظام الفدرالي الملائم للدولتين العراق وسوريا في المرحلة المقبلة .

 

في المثقف اليوم