أقلام حرة

فاطمة الزهراء بولعراس: مرسول الحب (العراقي) في سانت كاترين

fatimaalzahraa bolaarasفي أحد شوارع سانت كاترين بمونتريال وأمام أحد محلات (جاب) الشهيرة يتكئ رجل كهل إلى جدار المحل وهو يحتضن عودا قديما يعزف علية لحنا مغربيا معروفا (مرسول الحب).... الرجل قال أنه عراقي أقبل إلى كندا هربا مما يحدث في بلده من مآسي....يتكلم الرجل وهو يبتسم ابتسامة تفيض اسى وقد لمعت عيناه بوميض غريب جمع سحر الشرق إلى مأساته..... ورغم أنه كان يلبس سروالا بنيا وقميصا أسود مخططا بالبني إلا أنني لست أدري لم وضعت له في رأس صورة وهو بلباسه الخليجي القميص الأبيض والدشداشة  ؟؟؟.... لم نكن لنلتفت إليه لولا اللحن الحزين الذي طرق آذاننا فما أكثر من يعزف في شوارع سانت كاترين من الشباب والفتيات وما أكثر من بغني... لكن ما أقل من يحمل العود؟.. هو وحده ذلك الفنان العراقي يحمل العود وكأنه يحمل تاريخ العراق.... أسمار الرشيد..... غضب الرافدين دجلة والفرات..... حضارة بابل..... حضارة آشور...... يعزف ويغني أغاني شرقية  معروفة ربما يوحي بها إليه المارة وتتغير بين فينة وأخرى... وأول مرة مررنا أمامه زادت ابتسامته اتساعا ثم بدأ يغني (مرسول الحب) كنا قد ابتعدنا عنه لكننا عدنا لنستمع لغنائه الحزين ولنضع أمامه مبلغا من المال تعبيرا عن تضامننا مع شعب الحضارات المتعاقبة شعب العراق...وعندها أخبرنا أنه من العراق وربما غنى تلك الأغنية لأنه توفع من ملامحنا أننا من المغاربة ..ونحن مغاربة فعلا فليس مهما أن تكون من الجزائر أو تونس أو المغرب المهم هنا أن شعورك كان عربيا خالصا ودموعك ستنزل رغما عنك وأنت تشاهد العراق مجسدا في هذا الفنان يستجدي مرسول الحب الذي أبى أن يوصل رسالته للعراق الحبيب

ومع اللحن الشجي والدموع المتوارية في المآقي ترفع رأسك للسماء لتدعو بأن يحل رسول السلام والمحبة ببغداد التاريخ...بغداد الأدب..... بغداد العلم... وكل أنحاء العراق

ورغم أننا مررنا  على المكان بعد ذلك عدة مرات وفي كل مرة يعزف لحنا آخر إلا أن لحن (مرسول الحب) لازال يملأ قلبي وعقلي ولا زلت أتمنى أن يزور هذا المرسول المنتظر كل الأوطان العربية التي أرهقتها الحروب

 

فاطمة الزهراء بولعراس

 

في المثقف اليوم