أقلام حرة

رائد عبد الحسين السوداني: يوميات معتقل (2)

raed sodaniوأنا أتناول العشاء الاجباري اتصل ملازم ستار بالشرطة المحلية عن القاضي الخفر فأجيب انه القاضي المرحوم (نعمة سلطان) ياللمفارقة إنه جاري وبالطبع يعرفني ويعرف أخي الاكبر كونهما يعملان في سلك القضاء، ادار الملازم قرص الهاتف ودار الحديث التالي، ألو مرجبا أستاذ، نحن مديرية الأمن يدعى رائد عبد الحسين عبد الرحيم هل نجلب أوراقه إليك للبيت، شكرا جزيلا، مع السلامة، لاداعي لارسال الاوراق للقاضي سأوقع بدلا عنه هكذا أخبر ستار المفوض (ح) ثم نادى على الحرس تعال ياهذا خذه إلى القفص، مد يدك صاح الحرس، أجمعهما، مددت يدي اليه شدهما بخرقة مزقها من لافتة تمجد الحزب والثورة ثم عصب عيني ثم أمرني بالمسير، هنا صاح مفوض (ح) ضعوه في الممر، حاولت السير فلم استطع السير لأني اصبحت أعمى ومقيد، أين اسير، أجبت بصفعة على الوجه سر أمامي ولا تتكلم، ياالهي كيف لي ذلك فأنا حتى لو مفتوح العينين لا أعرف الطريق الى المكان المعني فكيف لي ذلك وأنا في هذه الحالة، بعد جهد وسحل كالخروف وصلت الى النقطة الفاصلة هنا حصل نزاع هذا يقول في القفص وذاك يقول في الممر المخصص للمعتقلين الخطرين يضعوهم في هذا المكان كي يتلقون تعذيبا جسديا ونفسيا من الحرس فالممر طريقهم وكلما مر منتسب يجب أن ياخذ المعتقل حصته من الضرب بشتى أنواع الضرب وبعد مدة لم تطل حسم الامر أن ضعوه في القفص أو كما جائهم الامر تحت السلم (جوة الدرج) نعم القفص تحت السلم وقد وضعوا في مقدمته قضبانا وفي أعلاه مشبكا لتعليق المعتقل العنيد، فتح الباب صاحوا لقد جئناكم بزعيم العصابة لم اتبين ردة الفعل، رميت كما ترمى الشاة على الارض، هات يدك اليسرى، اعطيتهم يدى جيء بالجامعة وربطوها بجسم حديدي وضعوه على مساحة القفص كي يبقى المعتقل نائما طوال اليوم معصوب العينين ومقيد اليد وياويل المعتقل ان حاول ان يرفع جسمه ولو لتغيير جهة نومه، لم اتبين زملائي في المعتقل ولم يحاول أحد منهم أن يتعرف علي لكني سرعان مانتبهت إلى أنين وتأوهات من بعضهم سمعت احدهم سأل ترى من القادم الجديد لم يتلق اجابة فورية ثم سمعته يروي وبهمس شديد رؤيته التي رآها في منامه أجابه المفسر، يعني الفرج قريب، سرعان ما نادوا على صاحب الرؤيا، علي تعال قم ذهب ولم يعد إلا بعد ساعة وانينه ارعبنا، كانت الليلة الاولى الرعب بعينه انتهت بصوت الحرس، سالت مالامر، الحمامات، أجاب احدهم بهمس، حمدت الله لوجود حمامات، جاء الدور لي كي اذهب للحمامات، نهضت لكني لم اعرف الطريق، قالوا يمين لكن كيف واين انا حتى اعرف يميني عن يساري، جائتني رفسة وضعتني على اليمين، صاح بي سر، سرت امتارا لم تكن طويلة الان ادخل يمينك صاح بي الحرس، دخلت، هنا صاح بي الحرس ارفع العصابة عن عينيك، رفعتها التقيت لاول مرة بزملائي الاجباريين المعتقلين وجدتهم وقد شجبت وجوههم وهزلت اجسامهم على الرغم من اعمارهم الصغير نسبيا ثم شاهدت سجانيي فوجدتهم قد اكلت القسوة التي فيهم كل سحنة بشرية، أدخل الى الحمام، ما أن دخلت حتى صاح اخرج (فضهة) خرجت كما دخلت ثم عصبوا عينيي واقتادوني الى القفص ثانيتا، اجلس نادى امر الحرس، جلست هنا تعرضت الى اقسى ضرب تعرضت اليه، ان الامر ليس اليك فلماذا تجلس لم استطع الاجابة ولا يحق لي الاجابة، رموني كالمرة الاولى، ثم جاؤوا بالفطور وهو عبارة عن قطعة جبن صغيرة وقدح شاي وضع في قدح لبن اب ما ان يمسك حتى يتهشم ويسكب الشاي على يد المعتقل وهنا جريمة ثانية يجب أن ادفع ثمنها

 

رائد عبد الحسين السوداني

 

في المثقف اليوم