أقلام حرة

جمعة عبد الله: هل بدأت حرب الاغتيالات الصامتة؟

goma abdulahاصبحت المليشيات الطائفية المسلحة في العراق الجديد، هي الحاكم الفعلي، الذي بيديها الاداة التنفيذية، مقابل تدهور وضعف الدولة، التي وجدت نفسها، في دور الخاسر، في الصراع بين سمك القرش (المليشيات)، لذلك اكتفت الدولة واحزابها الحاكمة، في الانخراط في عمليات النهب والسرقة واللصوصية، وبرعت بامتياز بهذه الجوانب، بحيث ضاعت المليارات الدولارات، وحطت في جيوب عتاوي الفساد الشرسة، هذا الخلل، خلق فراغ في الوضع السياسي والامني، مما حدى المليشيات الطائفية المسلحة، ان تتكاثر تتفقس من بيضة الشيطان، وتسد الفراغ، الذي تركته الدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية، مما وجد المواطن المغلوب على امره، امام واقعاً غربياً ووحشياً، ان تفرض المليشيات الطائفية سطوتها على الشارع . مما جعل الوجود الكثيف للمليشيات من الاحزاب الحاكمة، ان تتصارع وتتزاحم وتتنافس مع بعضها البعض، على مراكز النفوذ والمال، وتكديس السلاح وخزنه في المناطق الشعبية، المزدحمة بالسكان، وراحت هذه المليشيات الطائفية ان تعمل على زيادة حدة الاحتقان الطائفي، بحيث بشرارة واحدة مهما كانت صغيرة في الفتنة والنعرات المتعصبة، كافية لاشعال الحريق الطائفي، واصبح العراق مصاب بهذا المرض الخطير، اضافة ان شهوة الاستحواذ على النفوذ والمال، جعلها في حالة صراع دائم، مع بعضها البعض، وكل مليشيا تحاول ان تحصل على حصة الاسد من الغنائم والفرهود، وتحاول توسيع سلطتها المناطقية، على حساب المليشيات الاخرى . هذا الوضع الشاذ الذي يعيشه العراق الجديد، خلق الارهاب الدموي، الذي يحصد الابرياء، بينما أنزوى ضعف الاجهزة الامنية في دورها ومسؤولياتها، التي وجدت نفسها تكتفي في دور المتفرج، او دور المقايضة المالية، لعبور السيارات المفخفخة، او الاحزمة الناسفة، ان تصل الى اهدافها بسهولة ويسر. ان الصراع على مراكز النفوذ والمال، جعل الاحتكاك والاحتراب، بين المليشيات يندلع على ابسط الامور، يكفي اشاعة صغيرة، تمتلي الشوارع بالمسلحين، وتسد الطرق والمحلات، ويصاب الاهالي على حين غرة، بحالة الطوارئ والرعب، ويهرب المواطنين الى بيوتهم، خوفاً من الصراع الدموي، قد يحدث في اية لحظة، وحتى من الصبيان المراهقين والمتهورين الذين تعج بهم المليشيات . ان وجود المليشيات المسلحة، يعني احتلال دور الدولة، وتحولها الى دولة مليشيات طائفية مسلحة . هذا يترك فراغ كبير للفاسدين ان يسرقوا ويختلسوا اموال الدولة بكل بساطة، لانشغال المواطنين في التدهور الامني، واقتصار دور الدولة، ان تركض وراء هذه المليشيا او تلك، لتبريد الوضع الساخن العنيف، وحتى تقبل بالابتزاز المالي، ان تدفع لهذه المليشيا او تلك الاموال، في سبيل شراء امن الشارع، هذا الابتزاز المالي، خلق حالة من الاحتكاك والتطاحن والتنافس، وبعض الاحيان يؤدي عدم الاتفاق على الحصص المالية، ان تتأزم الامور ويلعلع البارود والنار والدخان، وتتطور بعض الاحيان الى تبادل مواقع المليشيات المسلحة، او قد تطرد من مناطق نفوذها، هذا التنافس العنيف، يدفع الى الاغتيالات المتبادلة بينهم بصمت، سواء اغتيال افراد او كوادر، او قيادات بارزة في المليشيات، كما حدث في مدينة الثورة (الصدر) في اغتيال كادر قيادي في (سرايا السلام) التابعة الى التيار الصدري . او هوس تكديس السلاح والعتاد وتخزينه في المناطق الشعبية، المأهولة بالسكان بشكل كثيف، كما حدث في منطقة (العبيدي) في مخازن السلاح التابعة الى مليشيا (اصحاب اهل الحق) . التي دوت الانفجارات المدوية الضخمة، وحلت الكارثة الدموية في المناطق المحيطة بمخازن السلاح التي شبت فيها الانفجارات، وقتلت عشرات المواطنين الابرياء، وتهدمت المنازل والمحلات، وتطايرات شرارات الصواريخ المتفجرة الى عدة كيلو مترات من منطقة الانفجار . هذا الانفجار الكبير لمخازن السلاح، خلق حالات من الطوارئ والاستعدادات الحربية، ووضع المليشيات في حالة تأهب وانذار، من الضربة القادمة، واستنفرت عناصرها بأخذ زمام الحيطة والحذر، قد يلعلع الرصاص والبارود في اية لحظة، لذلك سارع زعيم مليشيا بدر (هادي العامري) ان يأخذ زمام المبادرة، بالتهديد والوعيد، لكل فصيل مليشياوي، يتطاول ويتحرش بمليشيات (بدر) لذلك صرح بأن (قوات بدر اصبحت اقوى من الحيش العراقي، والشرطة العراقية) رغم ان هذا التصريح يشكل اهانة واحتقار الى مؤسسة الدولة العسكرية والامنية، بهذه الغطرسة والصلافة والوقاحة من الاستهتار، في نفس الوقت يخوض الجيش العراقي والشرطة العراقية، حرباً ضارية ضد تنظيم داعش الارهابي، ان هذا التصريح المدان، يشكل اهانة كبيرة الى شهداء الجيش والشرطة العراقية، وطالما صدر من مسؤول كبير في الدولة، وليس من مواطن بسيط، فأنه يدخل في خانة الخيانة الوطنية، ولكن من يتجاسر ويضع حد لهذا التصرف الاهوج؟ الذي لا يخدم الدولة والمؤسسة العسكرية، وانما يزعزع ثقتها وعزيمتها، بأن مليشيا طائفية مسلحة، اقوى من الجيش والشرطة العراقية معاً !!!! . رغم انه موجهة بالانذار الى المليشيات الاخرى، لكنه يصب في تقويض الدولة ومؤسساتها ....... والله يستر من الجايات

 

جمعة عبدالله

 

في المثقف اليوم