أقلام حرة

عماد علي: من يخون مربيه كيف يكون وفيا لغيره؟

emad aliاستيقض حواشي اردوغان بعد الانقلاب الفاشل المزعوم متاخرين جدا، ولكنهم لا يُعاتبون لخوفهم من القدر الذي كان ينتظرهم لو نجح الانقلاب وان كان انقلابا اصلا، وسيكشف الزمن كيف حصل وباي قصد او من وراءه، استيقضوا هؤلاء بعد زوال الخوف وتاكدهم من تواري القوة وانتهت العملية وعدم امكان العودة الى الوراء، وكعادتهم وصفتهم وتربصهم لما يجري، وعندما تحين الظروف الملائمة للكلام يخرجون من جحورهم ويصيحون كمن وصفهم الجحى بكلاب باب الشيخ التي تنبح في حال تيقنها من ان شيخهم لازال حيا .

يدعون الكثير من الاقاويل والقصص بعدما فتحت لهم الطريق نحو سيدهم السلطان . يتكلمون عن روسيا وايران وامريكا والسعودية باشكال والحان مختلفة، والنقطة المشتركة في كلامهم هو نجاح اردوغان في كسبهم بحركات يعتبرونها تكتيكية بحتة، (لا يتكلمون عن تكوع اردوغان وتنازلاته المخيبة للامال التركية في لحظة ضعف ) بل اهم ما يدعونه ويبدو انه اصبح عقدة لا ينامون الا ويحلموا بها، وهو ابعاد حزب الاتحاد الديموقراطي الذي يهابونه بل يخافونه كما يخاف الجرذ من القطة عن الساحة، ولكنهم خائبين لحد  اليوم  .

انهم يعلمون جيدا افعال وسلوك اردوغان وكيف تعامل مع اقرب المقربين اليه ومن لهم الفضل عليه اكثر من ابيه وامه، وكيف خانهم وخان العيش والملح والرغيف الذي وضعوه في فمه وهو يزعق من خوفه . هكذا كان مع من علمه بدايات السياسة والمبدا الاسلامي اربكان ولم يطول الامد الى ان خان من اوقفه على رجليه ماديا ومعنويا ودعمه في السراء والضراء فتح الله غولن، وانقض عليه عندما وجد نفسه قويا وخدعه وفرّ المسكين الى امريكا بعدما تاكد من نهايته المحتومة باية طريقة كانت لو لم يهرب .

اليوم يتكلمون عن بيع روسيا للكورد بالسياسة العقلانية لاردوغان وفصلوا بين امريكا والكورد شيئا ما وشقوا على ارض الواقع حلم الكورد ولم يدعوا تحقيق اهدافه، وبداوا يجمعون قواهم لمحاربة الكورد في الاجزاء الاربعة وليس في كوردستان الشمالية والغربية فقط، كما توغلوا في الاراضي السورية بتنسيق وتعاون امريكي في  لحظة ما وربما خدعوا بعض الاطراف، الا انه يبدوا انهم لم يتعلموا الدرس جيدا من الارادة والعزيمة القوية التي بنيت للشعب والقوات المسحلة الكوردية وانهم بنوا القوة العقيدية التي كان بامكانها ان تلتهم تركيا مع سوريا والعراق لولا عدم توافق المصالح العالمية مع ارادتهم تنسيق، وهم من اجبروا تنازل اردوغان لكل تلك الجهات العالمية بعيدا عن ماء وجه، وانتهزوا فرصة خنوع اردوغان واستفادوا من فزعه من ما يجري كثيرا .

 ان داعش لحد اليوم متيقن بان تركيا لن تبتعد عنه ولا تغض الطرف عن مواقفه المفيدة لها، وتبقى على تعاونها وتنسيقها وتحالفها لحين تضيق الطريق ولم تبق امامها الا تغيير مسارها . الجميع على علم كيف انسحب داعش بامر سيده من جرابلس وكيف حلت ما تسمى بالمعارضة السورية وهي تركية قلبا وقالبا، وهي قوى تركية المقصد والسياسة والتوجه وحلوا محل داعش، ولا فرق بينهم بالنسبة لتركيا . لازال الطريق مفتوحا امام الكورد في سوريا ولا يمكن ان ننتظر غلق الطريق وان تضايقت في مسارها بين فين واخر عند كل تغيير او انعطافة سياسية ممكنة .

روسيا ادركت اخيرا ومنذ امس بان تركيا خضعت للامر الواقع نتيجة غوصها في المشكلة السورية ورجعت اليها راكعا لامر واحد فقط هو رفع الدعم عن الكورد او عدم التعاون معه والسماح لها في التدخل المباشر ونجحت لحد اليوم، ولكن لم تكتشف لحد الان ما تنويه تركيا وما يريده اردوغان من تحقيق مرامه من فرض امور على امريكا والاتحاد الاوربي عن طريق تقاربها مع روسيا وايران كما هو المعلوم . اليوم بعدما اكدت تركيا بان لا مجال لبقاء الاسد في المرحلة الانتقالية تبين بجدية ووضوح نوايا تركيا السرية للقاصي والداني وقبل الجميع النظام السوري الذي خدع في غقلة من الزمن وغالز تركيا واراد ان يقتنع بصحة توجهاتها العلنية المعاكسة للحقيقة، ولكن حصل هذا والقوة التركية مسيطرة على ارض سوريا التي تربصت بها منذ البداية والتي دخلتها دون اية ضجيج او مقاومة ما وبتعاون وتنسيق عالمي، وتاكدالنظام السوري اليائس اليوم فقط ما فعلته تركيا واليوم ادركت من خداعها . والمنتظر ان تتغير المعادلات بعد اليوم وان تتخبط المسيرة السياسية والتوجهات وتعود بعض من المتغيرات السريعة غير الطبيعية الى حالها بعدما اكتشف ما هو المستور وكيف استفادت تركيا من تنازلاتها السريعة واستدارتها المعاكسة تماما لما سارت عليه بشكل سريع وفجائي .

يمكن لروسيا ان تقرا ما تريده تركيا وتؤكده يوميا ولكنها هي ايضا مَن يستفاد منها من النواحي الاخرى وخاصة في سياساتها مع امريكا وصراعها المتعددة الاوجه مع اطراف في المنطقة من التابعين للمحور الاخر وفوقهم امريكا وتحركاتها المتعددة الجوانب والمستخدمة للقوى الموجودة في المنطقة في تحقيق ما تريد من تحقيق مصالحها .

عندما لا يؤمن القائد بالاخلاق والمبدا ويضلل الناس باسمهما ولكنه يتصرف العكس كما هو اردوغان في تعامله مع مربيه ومعلميه، لا يمكن لقادة ورؤساء البلدان ان لا يشكوا في نواياه ويثقون به بشكل عمياء ولم يحسبوا لمناوراته وتكتيكاتها المكشوفة في الكثير منها . على الاقل يجب ان يتاكد هؤلاء الرؤساء ان اردوغان يفعل ما يحقق نواياه ونرجسيته بكل براغماتي اكثر من العلمانيين، وهذا ما يدعهم من التعامل الحذر معه . ولهذا نجد التحركات متغيرة بشكل سريع والتعامل معه مشكوك فيه وغير دائم المسار بشكل مستقيم .

روسيا لم تكن اقرب من اليوم الى الكورد ولكنها تقرا ما تفيدها مع مصالحها وصراعها الرئيسي مع ارميكا وتوابعها في المنطقة وليس اردوغان من اثر عليها، وامريكا وان تحركت قليلا باتجاه غير منتظر منها الا انها تادكت هي ايضا من تحركات اردوغان المشكوكة وغير الصادقة في تعاملها الدبلوماسي وسيرها على الفنون العثمانية القديمة النافذة المفعول .    

 

في المثقف اليوم