أقلام حرة

صادق السامرائي: الدهلومازية!!

الدهلومازية من التدهلز والدهلزة، والدهليز هو المَجاز، وتوصف به المتاهات والسبل المظلمة المتحندسة، التي لا يدري سالكها إلى أين يمضي، وما سيواجهه من مفاجآت ومخاطر وأهوال، والمقصود هنا التخبط التفاعلي والإضطراب السلوكي المشين.

وهي تشير إلى فقدان القيم والأعراف والأخلاق الدبلوماسية للدول التي لديها سفارات، يعشعش فيها مَن لا علاقة لهم بالدبلوماسية وعلومها ومعارفها ومهاراتها، وإنما مناصبها وما يرتبط بها عبارة عن مزايدات وتوزيع حصص وإمتيازات، مما يتسبب برسم صورة هزيلة وغريبة عن أي بلد له تأريخ دبلوماسي عريق ووجوه دبلوماسية ذات قيمة تفاعلية ثقافية تحاورية وحضور عالمي وإقليمي.

ويبدو أن من أهم أسباب التداعيات التي تحل في أي بلد هو الفشل الدبلوماسي المروع الذي يتوالى، والسلوك الخالي من الضوابط والأعراف والقيم والمناهج والرؤى الدبلوماسية المعاصرة.

وهذا واضح عندما تتحقق المقارنة بين هكذا سفارات وسفارات أخرى، فترى الإنحراف واضحا من أبسط العاملين في السفارة وحتى السفير، الذي لا يمتلك أبسط المقومات الدبلوماسية، لكنه في منصب سفير وما دونه كذلك وأكثر !!

ولا يمكن توقع شيئ مهم ونافع للبلد من أشخاص لا يعرفون الأصول الدبلوماسية، ولا يملكون أبسط المقومات والمهارات الضرورية للعمل الدبلوماسي الناجح، وإنما هو المنصب، ولا معنى له إلا أن الذي فيه ينتمي لهذه الجهة أو تلك، وإن العاملين هم من هذه الفئة أو تلك.

وهذه مصيبة كبيرة وفاجعة خطيرة تحل بأي بلد إحترقت مدارسه الدبلوماسية، وتحولت إلى فئويات وتحزبيات وتصارعات تذل البلد وأهله، وتعكس صورة سلبية عنه وعن تأريخه وحضارته.

فعندما تخلو الدبلوماسية من المفردات الوطنية وتزدحم بالمفردات التمزيقية التفريقية، فأن ذلك يشير إلى حجم البلاء الوخيم الذي يحل بالبلد.

وعندما تجد السفارة وما فيها دون حال سفارات الدنيا الأخرى، فهذا يشعرك بالحزن والأسف، وتقف متحيّرا متسائلا لماذا يتهاوى بلد بكل ما فيه، من منارات العزة والكرامة والقوة والريادة، إلى حفر التبعيات والإذعان والإذلال وتنفيذ أجندات الآخرين، الذين يغارون على مصالحهم وأهدافهم أكثر من غيرتهم على ذاته وأهله!!

فهل إنها الفانية، وما أدراك ما هي؟!!

 

د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم