أقلام حرة

عماد علي: حقيقة دور امريكا الانية في القضية الكوردية

emad aliامريكا التي اتخذت مواقف مختلفة جدا عما كانت عليه في المراحل السابقة،و بالاخص فيما يسير عليه اوباما من التحكم من البعيد والتركيز على القضايا الداخلية بعد الازمة الاقتصادية الخانقة التي مرت بها امركيا وتجاوزتها الى حد ما بتلك السياسات العامة الجذرية الحلول داخليا وخارجيا، واعاد النظر سياسيا اقتصاديا في تعاملها مع الداخل والخارج دون ان تهتز قوتها وثقلها كثيرا في العالم، نتيجة الاداء السياسي الصحيح بالنسبة لها واستنادا على ما هم يسيرون عليه من العلمية في الخطوات وبعد دراسات وليس اعتباطيا كما في الشرق وما نعيش به .

امريكا التي تتعامل مع القضايا العالم جميعا، سنحت لها فرصة فرض الامر الواقع وما تريد بعد ان سخرت لها الارضية بعد تهاوي الاتحاد السوفيتي وانفكاكه وتشتت قوته، مما سمح لامريكا ان تغير من سياساتها استنادا على استغلال ما يمكنها من تنفيذ ما تريد دون كلفة تؤثر على حالها الاقتصادي داخليا الى حد كبير . بعد الصراع الدائم بينها والاتحاد السوفيتي وما كلفتها مصاريف الحرب الباردة اتخذت خطوات كيرة وتراجعت اخيرا عن الكثير من الامور التي اهتمت بها ايضا . هنا يسال الكثيرون اين الهيبة وو المسؤلية التي تحملتها ازاء اخطر القضايا في العالم وفق مصالحها ومنها القضية الكوردية التي اودت بها من قبل لمصالح اكبر من مضمون هذه القضية، وما تستنتجه عند تحقيق اهدافها او حلها وان كان على حساب اي طرف من اصحاب القضية . الجميع على دراية بان امريكا تتحرك الان وفي هذه المرحلة بالذات بشكل لم يتصورها حتى اكثر المحللين السياسيين علما ودراية بها، انها فقدت الكثير من المصداقية بانكماشها وترددها في امور كانت لم تمر عليها في العصور السابقة . اليوم تستند على محاولة التوافق في التحالفات العديدة وو لا تهتم بان تكون ادارة تحالف لها بشكل مطلق، بحيث لم يدرك اي منا موقفها من اية قضية بشكل جيد لانها تغيرها بين ساعة واخرى، وهي صديقة قوى في تحالف معين في فترة ما وينعكس موقفها في اخرى والعكس صحيح ايضا، اي تستمر امريكا على سياسة التعامل مع الاجزاء دون الكل في اية تكتل موجود في العالم ولم تسر على التعاون الدائم او العداء الدائم وتتعامل مع جزئيات القضية وليس القضية او اي امر بكامله، لذلك يعتقد الكثيرون بانها سوف تتوافق وتتفق مع حتى كوريا الشمالية بين لحظة واخرى، كما يسر عليه اوباما واخيرا خطى نحو ايران وكوبا وفنزويلا والاتي ممكن ان تكون كوريا الشمالية دون ان يتعجب او يتفاجا بها احد . انها تحاول بين كل هذا التعقيد في مسيرتها السياسية العامة وعلاقاتها الدبلوماسيةالمتنوعة في منطقتنا الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية الطويلة الامد، وهذا امر في غاية الصعوبة الا انها تعتمدها في المرحلة الحالية بجمع اجزاء القضايا وليس جميعها مع البعض في التعاملات وكذلك مع ما موجود من اجزاء القضايا الاخرى .

في ظل هذه السياسة وتغيير المواقف بسرعة والتعامل الموزائيكي وتغيير الاولويات، كيف يمكن فهم نظرة وسياسة امريكا للقضية الكوردية في اي جزء على انفراد او في كوردستان باجزائها جميعا .

اننا على يقين بان امريكا تتعامل بانتقائية مع القضية الكوردية بحيث تنظر الى مواقف الدول التي تنقسم عليها كوردستان اولا ومن ثم تحلل ما تفيدها في اتخاذ اي موقف وان كان تكتيكيا مرحليا او انيا مع القضية الكوردية بذاتها، فلحد الان لم ترفع من موقفها المعادي من حزب العمال الكوردستاني ولم ترفعه من لائحة القوى الارهابية على الرغم من ما تخللت علاقاتها من التقارب والابتعاد والتناقضات، لانها تفكر في استراتيجية العلاقة معها وتقارنها مع ما تستفيده من اي علاقة اخرى غير ما يمكن ان تاخذه مع هذا الحزب وما عندها لدى تركيا، وانها تتعامل مع الحزب الاتحاد الديموقراطي في كوردستان الغربية بشكل سلس وتتعاون في امور كثيرة تتناسب مع ما تريد في اللحظة، اما علاقاتها مع اقليم كوردستان لازالت في مكانها دون تغيير منذ عقدين وان شابها بعض الود الاكبر احيانا وتلته حال مختلفة حتى وصلت التضاد، وان سارت على منوال ومنحنيات لا يمكن الاحساس بمدياتها الا بمتابعتها ومعرفة ثناياها بدقة شديدة، كما هي افعالها مع الكثير من القضايا المصيرية في العالم .

اليوم، وبعد ان وصلت الحال والسياسة الصبيانية التي سارت عليها حكومة الاقليم والجهة المحتكرة لها وهو الحزب الديموقراطي الكوردستاني، تراجع موقفها القوي وثقلها الى ما كانت عليه واقل ايضا، بحيث وبعد ادعاءات وتضليلات حول استقلال كوردستان والاستفتاء وما اضرت بها حتى نفسها دون ان تقدم خطوة واحدة، انها تراجعت وعادت بوجهتها نحو المركز الذي اكد على العراق الواحد الموحد، وحتى انه بات ينطق بالفدرالية وكأن لسانه اثقلته الايديولوجيات والنظرات السابقة النافذة الصلاحية . الدور الامريكي المعلوم علنا لحد الان، انها تساند وتتعامل مع العراق الفدرالي ولم تبين رايها وموقفها عن اي تفاصيل في العلن الا عند مشروع بايدن الاكثر صراحة من مواقف امريكا في جميع مراحلها في العراق ما بعد الدكتاتورية، ولذلك يمكن الشك بان الخطوات التي اتخذها المتعاملون مع حكومة اقليم كرودستان او بالاحرى الحزب الديموقراطي والبرازني بنفسه هو اجباره على العودة الى المركز دون ان يعلم حتى بنفسه، اي ما اتخذه البرزاني استنادا على العاطفة والسذاجة في السياسة المرحلية ،و في ظل انعدام وجود خطط ودراسات ودقة في السيرفي هذه المرحلة التي تعتبر اسا لبناء اي كيان كان وباي شكل كان، وعدم قراءة الواقع وما يحدث في المنطقة وتحركات كل طرف بعيد او قريب وتاثيراتها على الاقليم، ادختله هذه العقلية في زاوية بحيث لا يعلم اين يقع راسه عن ارجله .

هذا من ناحية تعامل الاخرين معه، اما داخليا واعتماد على عقليته المحافظة العشائرية المستندة على العديد من العادات والتقاليد التي اخلطها مع السياسة ومع مراعاة المصلحة الحزبية والشخصية ونرجسيته الطاغية اودت به وانقلته الى حال لا يحسد عليه، واجبره على اتخاذ خطوة كانت لا يمكن ان يتخذها لو لم يكن محصورا وفي حالة اختناق ويمكن ان يلفظ انفاسه السياسية الاخيرة، وداس على كرامته العشائرية التي يعتمدها في خطواتها لاول مرة واتخذ خطوة اعتبرها في داخل وفي تفكيره بانه خطوة مماثلة لدعوة البعث لمساعدته في صراعه الداخلي كما فعله في 31 اب عام 1996، وتجرع كاس السم ثانية، وهذه المرة بفعل اخطاء نتجت عن يده وعمله وخطواته اكثر من ضغوطات الاخرين من منافسيه .

اما موقف امريكا فانها كما تريد وتهمها، لا تريد صداع ومشاكل مع ما هو اهم من القضية الكوردية لها، فانها تريد الكورد كما هم دون اي تغيير تسبب لها التعقيدات في علاقاتها مع تلك الدول التي ينقسم عليهم الكورد، وتريد ما هو الاضمن لمصلحتها، وهو بقائهم ضمن العراق الواحد الموحد واكثر واعلى ما تؤكد عليه هي الفدرالية، وربما تدفع بسوريا على النظام ذاته في المستقبل القريب، وان حدثت تغييرات مساعدة على العمل في داخل ايران وتركيا فانها تعمل وتتعامل معها على ما تعامل بها مع سوريا والعراق ايضا في المستقبل البعيد الممكن .

اما ما يهمنا هنا دور امريكا الانية فهو، دفع الكورد في البقاء على حالهم دون احداث مشاكل اضافية الى المنطقة بخطوات اكبر من ما رسخت على ارضية المنطقة، ومحاولة عدم تكرار ما حدث من قبل من النكسة لهم ايضا، والذي يضع الكورد اللوم على امريكا في حدوثها، ومن ثم لا تسمح بالقفزة التي تزعج حليفاتها الاكثر اهمية لها استراتيجيا، الا ان بدء الخطوات لتغيير خارطة المنطقة قد يظهر ويمسح ما تسير عليه امريكا انيا، وسوف تكون المواقف مغايرة وربما مختلفة جذريا، ولكن اليوم لم نرى ما يمكن ان يعتمد عليه الكورد من اتخاذ الخطوات وفق تلك الخارطة ويجب التعامل مع اي شيء موجود ووفق ما يُرى على الارض او على الاقل مشاهدة ملامحه وان كانت بعيدة ،للاعتبار لها وعدم غض الطرف عنها . اي مواقف امريكا ازاء كل جزء من كوردستان وسياساتها الانية كما هي، الفدرالية في العراق وما تفرضه من الالتزام به دستوريا، العمل على بناء الفدرالية في سوريا على رقعة حسب ما يقتنع به الكورد او يفرضه الواقع ولا تعترض مصالح حلفائها القريبين بشكل مباشر، وفي تركيا المواقف مؤجلة تجاهها الى حدوث هزة او تغيير معين، وربما كان الانقلاب احد ابواب التغيير التي كان بالامكان ان يمر من خلالها الكورد نحو بداية مغايرة لما هم عليه اليوم، اما في ايران ربما تنتظر لموقف او طاريء او بعد تغيير المعادلاتالسياسية في المنطقة التي لا تساعد اليوم على التحرك في اتجاه ايران، لان المصالح الاقتصادية والتوازنات لا تسمح بهذا العمل لما في المنطقة من مخاض كبير لاستقرار التوازنات الكبرى والمعادلات بين المحاور الكبيرة المسيطرة والمعادية للبعض، وما يهمها من كل منهم هي مصلحة امريكا استراتيجيا لتتخذ مواقف مناسبة لها . القضية الكوردية بمجملها مجتزاة ومنقسمة على بعضها ولكن ملامح بناء ارضية التغيير والاستقرار على شيء في مرحلة معينة بائنة بشكل طفيف جدا ، فلننتظر ما يحدث، ولكن النقطة الاهم بالنسبة للكورد نفسه هو صحة السياسة والتعامل مع التغييرات والوقائع التي فشل فيها لحد اليوم، وهذا هو الماساة لما فيه العقلية الكوردية في القرن الواحد والعشرين .  

 

في المثقف اليوم