أقلام حرة

حميد طولست: تشكيل الحكومة الجديدة وابتزاز أمناء الأحزاب !!

hamid taoulostليس من طبعي التشاؤم، كما أني لست من الصحافيين المثبطين الذين ينشرون التيئيس والعدمية والسوداوية بين المواطنين، ويسهمون بصورة مباشرة أو غير مباشرة في تهويل الأمور والزيادة في معدلات الإحباط والتشاؤم، ومع ذلك لست متفائلاً حول نوعية الحكومة التي ستسفر عنها الجولة الحوارية التي انطلقت بعد تعين الملك محمد السادس للسيد بنكيران الذي تصدر حزبه إنتخابات السابع من أكتوبر، لولاية ثانية، وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة، فهل سينجح في تمكين المواطن المغربي من مكومة لطموحاته، حكومة كما يتمناها مختلفة عن سابقاتها، شكلا ومضمونا، تعزز الإنصاف والمشاركة والتعددية والشفافية والمساءلة وسيادة القانون بشكل مستدام وفعّال.

حكومة معقولة العدد، توفر الطاقات والأموال لتسخيرها فيما يستجيب للحد الأدنى من مطالب المواطن البسيط وتمكنه من خبز عياله .

حكومة تتجاوز ما اعترى غيرها من التجارب الفاشلة التي انهكت البلاد، وشغلت المسؤولين عن القضايا المهمة في تدبير الشأن العام، وفوتت على المجتمع فرص التقدم والرخاء، وجرت على مسيريها سخط الرأي العام  .

حكومة تتخلى عما عرفته غيرها من ثقافة تغييب المطالب الشغيلة، ومأسسة الحوار وتعزيز الحريات والاهتمام الجاد بالملفات الشعبية الحساسة، وعلى رأسها الزيادة العامة في الأجور والمعاشات، بدل الانتقاص منها، وتطبيق السلم المتحرك للأثمان والأجور، بدل تجميدها، والحد من الفوارق بين العليا منها والهزيلة، بدل تفاقمها، والرفع الحد الأدنى للأجر الشهري بدل ...

حكومة مسؤولة عن صناعة السياسيات العامة التي تقود المجتمع في الاتجاه الصحيح وتساعد أعضاءه في الترابط فيما بينهم وتكفل لهم الأمن والسلام.

لاشك أن حكومة مثالية بهذه المقومات التي تمكن المجتمع من النهوض، وتعزيز اقتصاده وتحسين سياسته،  من الأكيد أنها  لا تتحقق إلا أجود الوزراء وأكثرهم كفاءة وذربة وتجربة من بين ذوي النية الصادقة في إصلاح أوضاع المواطن والرغبة القوية في تغييرها أحوال الوطن، الأمر الذي يتحمل فيه بنكيران وحده المسؤولية الستورية والأخلاقية، ويحتم عليه، الوقوف بإرادة كاملة وعزيمة قوي لا يقهر ضد العوائق التي تحول دون تشكيلها هذا النوع من الحكومة التي يريدها أمام الملك والشعب، يتدخل بجدية في اختيار الوزراء، وعدم الخضوع لابتزاز بعض أحزاب التحالف،  ورفض ما  تقترحه من الأسماء التي ترغب في تقلد المنصب من أجل المنصب فقط دون أن تتوفر على الكفاءة والذربة والتجربة والحنكة السياسية، من الذين،  أو بالتزكيات السياسوية أو الحسابات الحزبوية، ولا يقبل منهم إلا الذين يمتلكون القدرة على الحضور الفعال والتمكن من صنع القرار الذي يصب في مصلحة الشرائح الواسعة من المجتمع، وله في كثرة فضائح بعض الوزراء السابقين أمثالا وعبر.

وبالرغم من كل التفاؤل الذي يظهره السيد بنكيران حول نتائج التحالفات المرتقبة من أجل تشكيل هذه الحكومة، فإنه - كان الله في عونه -أمام مهمة صعبة جدا،  يتعذر معها التفاؤل بالمرة، خاصة وأن كل المؤشرات تشير إلى أن تشكيل حكومة في المستوى المطلوب سيكون صعب المنال ، مع أحزاب ألفت السعي واللهاث وراء الإستوزار الذي يسيل عليه لعاب أمناؤها العامين، وكأنهم لا يستطيعون العيش خارج الحكومة -ليس غيرة منهم على الوطن، ولا اصطفافا منهم حول مصالحه العامة المشتركة، ولا حبا منهم في خدمة مواطنيه، وإنما هي مجرد وصولية وانتهازية..

قد يقول قائل أن ذاك التدافع شيء محمود ومرغوب فيه، أقول له نعم ولكن ماهي حدود و نهاية هذا التدافع ؟ وهل يمتلك هذا التدافع “السياسي” مقومات و أصول التدافع السياسي المتجرد من الذاتية و يناقش برامج وخطط التنمية؟ والغريب أن كل ذاك التدافع يشترك في هدف واحد، هو الإستوزار ولا شيء غير الاستوزار الشرط الوحيد بل والأوحد الذي وضعته الأحزاب لابتزاز بنكيران للحصول على مقاعد وزارية كثيرة ومهمة اكثر من وزنها الانتخابي، مقابل تحالفها معه لتشكيل الحكومة الجديدة التي سيقودها حزب العدالة والتنمية.

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم