أقلام حرة

عماد علي: هل نقرا على القضاء العراقي كما هو الكوردستاني السلام؟

emad aliمن يتابع القضاء في اقليم كوردستان يعلم جيدا بانه مرتهن لدى السلطة التنفيذية او بالاحرى لدى شخص معين دون اية سلطة، ولم يصدر قرارا واحدا لا يناسب الشخص او السلطةالتابعة له  اويمكن ان  يمسه بشيء يُذكر . فان كان المفروض ان يكون القضاء اخر ما يمكن ان يُشك به في الحكم والسلطة الحقيقية الثابتة ويمكن المس بقراراته في اخر المطاف كما هو حال الدول الديموقراطية التقدمية، فان الدول الاخرى النامية منها او حتى المتخلفة تحمل نسبة محترمة من الاعتبار للقضاء من قبل السلطات الاخرى، والقضاء عندهم له موقعه الخاص وقيمته واعتباره وقدسيته، يختلف وفق ايمان المتنفذين فيها وعقلياتم وخلفياتهم والنظام الحكم فيهم .

ان المحكمة الاتحادية العراقية التي اصدرت قرارا بعدم شرعية قرار السلطة التنفيذية في الغاء منصب نائب رئيس الجمهورية المثبت في الدستور، لم يكن رد اعتبار لاحد من النواب الذي شملهم قرار الغاء المنصب بل هو فرض الثبات على بند من الدستور وهو يخول رئيس الجمهورية تحديد نائب او ثلاثة نواب له وفق ما تقتضيه الاحوال كما اقره البرلمان ايضا في قانون . وان كان هناك شك في التمايل للمحكمة نحو من له الفضل على تعين اعضاءه احيانا الا انه لحد الان لم يقع في قاع عملية فقدان الثقة به كما هو حال القضاء في اقليم كوردستان الذي اصبح العوبة بيد السلطة المتفردة المتنفذة في الاقليم الذي اثبط عمل احد السلطات الرئيسية في الاقليم بامر شخصي ومن اجتماع مكتب سياسي لحزبه، ومن ثم فرض احقية بقاء رئيس الاقليم المنتهية ولايته بامر فردي ايضا والترقيع كلاميا من قبل محكمة غير متخصصة في ذلك واعضائها متعينة من قبل تلك الشخصية المتنفذة في موقعها، وهذا ليس استنادا على اي قانون او بند معتمد دستوريا وتشريعيا وامر لبقاءه، نعم  دون دعم قانوني معتبر ومحترم من الجميع ومشرع من البرلمان على الاقل حتى وا ن كان بعيدا عن الدستور .

تاريخ القضاء مليء بالقصص والعبر منذ تولي الاشخاص المعتبرين لاداء مهامه من الشخصيات التي لها المكانة الخاصة بين الناس الى ان وصل الى يد الرسل ورجال الدين في مرحلة بداية الديانات ودورها الاجتماعي المعلوم ومن ثم انتقل تدريجيا الى يد العالمين بثناياه القانونية الصحيحة الحقانية علميا، ودقق امره بالتفضيل للابتعاد عن المزاجية والتفرد والميول الشخصية استناد على العلمية في التعامل به والاعتماد عليه في تشخيص القضايا والبت به دون اي تدخل ممكن من اي كان . وكلما زاد الاعتبار والاحترام للقضاء ووضعه في مكانه السامي كان السلطة اكثر عدالة للناس جميعا .

اما في منطقتنا فهناك قصص وحكايات حول هذا استنادا على السلطات الاخرى الموجودة ودور المواقع والمناصب على الارض، والسلطة التنفيذية هي الاعلى والاهم ولها الاعتبار والمكانة الاعلى من القضاء، ويعتبر هذا الامر  من المصائب التي تصيب كل بلد متخلف او نامي في هذه المنطقة، وهناك من الحكام وهو على راس السلطة التنفيذية هو بمثابة القاضي والحاكم والسلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية .

اثبت اقليم كوردستان خلال هذين العامين المنصرمين بانه لا سلطة فوق سلطة الفرد الحاكم المنفلق من حضن عائلة مسيطرة على زمام الامور من العشيرة اولا الى المنطقة الى اقليم اخيرا، وهو يعاند بتعنت من اجل ان يضع دستورا وقوانين بما تلائم مع بقاء السلطات المطلقة بيده دون اي اعتبار للقضاء والحكم والعدالة وا لمساواة وهذا ما ادى الى وصول الاقليم الى هذه الحال من الازمات الخانقة التي تراجع حتى عما كان عليه منذ سنين .

منصب نائب رئيس الجمهورية يستند على المادة 96 ثانيا من انه تنظم بقانون احكام اختيار نائب او اكثر لرئيس الجمهورية ولا يمكن المس به من قبل حتى البرلمان لانه اقر وفق استفتاء عام لا يمكن تغييره الا باستفتاء شعبي عام، وقرار رئاسة الوزراء في هذا الصدد كان وليد لحظته التاريخية والوضع الذي عاشه العراق في تلك اللحظات، وان قرار المحكمة الاتحادية هو حول البند والنص والقانون وليس الاشخاص كما قلنا من قبل، وكما تتحجج المحكمة بان التاخير جاء لامور واسباب لوجستية فقط وليس للظروف السياسية اي سبب في ذلك، ويمكن ان يصدقها اي منا  وكذلك يمكن الشك في هذا التاخير واصدار القرارفي اختيار هذا الوقت بالذات المشكوك فيه. والان يمكن لرئيس الجمهورية ان يختار من نائب الى ثلاث نواب له وليس عليه ان يعيد الثلاث الى مواقعهم ايضا . اي يمكن الاعتقاد بان القرار ليس بدفع احد او حتى ان كان الدوافع في هذا الوقت بالذات سياسية او اعتبارية الا ان المحكمة استندت على اسس قانونية ثابتة لا شك فيها . فما القول عن منع دخول رئيس برلمان الى قاعة البرلمان وتثبيط عمل البرلمان خلال السنة الماضية وطرد الوزراء المنتخبين من البرلمان بلمحة بصر وبقرار لشخص وباجتماع مصغر من مكتب سياسي لحزب حاكم متنفذ من جهة، وفرض اصدار امر ومن محكمة غير مختصة لشرعية بقاء الشخص المعين كرئيس الاقليم غير شرعي منذ اكثر من سنة . ومهما كان الامر فان المحكمة الاتحادية العراقية لازالت لها اعتبارها على الرغم من الشكوك والملابسات في القرارات وما يصدر منها واستنادا على كيفية تعيين اعضائها ايضا والتي يمكن حلها بتغيير العملية او كيفية اختيار الاعضاء ورئيس المحكمة اساسا ليزول الشك في الولاءات والتبعية لهذا وذاك شخصيا كانت ام حزبيا، ولازالت المحكمة الاتحادية في درجة معينة من المكانة واالاعتبار الذي لا يمكن ان يُستهان به على الرغم من احتياجها الى الاصلاحات الضرورية في شؤونها . اما اقليم كوردستان كيف يمكن ذلك، فهذا يحتاج للحل الجذري وبتغيير الاوضاع السياسية وحتى القضائية جذريا، وما هو القائم الان ليس الا حكم الشخص الواحد الاحد المتسلط المتنفذ المستند على نرجسيته ومزاجه وعقليته دون اي اعتبار للقانون والشرع وبعيد جدا عن ما تستند عليه الدول العلمانية التقدمية في اي مكان، انه يمكن ان يُقال له حكم غاب البلة والبارزان حقا

 

في المثقف اليوم