أقلام حرة

مُحَمَّد جَواد سُنبَه: ليَكُنّْ ثَمَنُ (التِّمَّنِ والقِيْمَةِ) مَشَاريْعاً للمُحتَاجيْن

mohamadjawad sonbaمنذ ليلة يوم الخميس الماضية 13/10/2016، بدأت باب داري تُطرَق من قبل (أهل الثواب)، وهم يحملون الينا، أَوعية مصنوعة من الفلين البلاستيكي (دسبوسبول)، وقد ملئت هذه الأَوعية، بـ(التمن والقيمة)، اضافة الى أَوعية (الهريسة). أَصبح ما في هذه الاوعية من زاد، يفوق حاجة عائلتي بكثير.

سألت نفسي كيف سأتصرف بهذا الزاد الفائض عن حاجتي، وانا اصلاً غير محتاج اليه.

فكّْرت ملياً بالاشخاص الذين قدموا لي هذا (الثواب)، وطرأَت على خاطري الأسئلة التالية:

س1:

الشخص (ٍس) الذي قدم لي الثواب (التمن والقيمة)، أَلا يعرف، وهو جاري بأني غير محتاج إليه، ومكتفي بفضل الله تعالى.

الاجابة:

نعم، ولكن أَتصور انه يريد أَنّْ يُعلمَني، بطريقة غير مباشرة، بأَنَّه رجلٌ محبٌّ للامام الحسين عليه السلام.

سألت نفسي:

لكن هذا الرجل، يسكن في دار واقعة في منطقة التجاوز(غير مرخص السكن بها رسمياً)، والكهرباء الذي يغذي منزله تجاوز(لا يدفع ثمنه لدائرة الكهرباء)، والماء الذي طُبخَ به الثواب تَجاوز أيضاً.

فهل يجوز لي شرعاً أَكل هذا الطعام؟.

هذه التجاوزات التي أَعلمها، فكيف بالتجاوزات التي لا أَعلمها؟.

فمن يرتضي لنفسه اقتراف الصغائر من الذنوب، لا يتورع عن ارتكاب الكبائر منها.

سألت نفسي:

كم حالة تشابة هذه الحالة التي مرّت بي، خلال هذين اليومين؟.

الجواب:

قُلّْ : آلاف الحالات ولا تَخَفّْ، لا بل قُلّْ عشرات الآلاف، يوجد منها ولا تخَفّْ.

سأَلتُ نفسي:

أَلا يوجد بديل لترشيد هذا الثواب؟.

أَجبتُ نفسي:

لو فكّرنا لوجدنا البدائل، وليس البديل الواحد؟.

سأَلتُ نفسي:

إِطرح بديلاً واحداً؟.

قُلت لها : أبسط بديل، أُلخِصَه بالنقاط التالية:

1. أَنّْ يقوم الخيريون الملتزمون الموثوق بصدقهم، في كل منطقة من المناطق، بتشكيل لجنة، تقوم بجمع مبالغ من المتبرعين، وضبطها في سجل، ومن ثم التفكير بفتح (كشك) لبيع المواد القليلة التكلفة، (كارتات شحن رصيد الموبايل، قناني ماء الشرب، علب العصائر.....الخ).

2. حتى نبرز الصورة الايجابية، لمسيرة أئمَّة أهل البيّت عليهم السلام، التي كانوا يطبقونها في حياتهم، لمساعدة الضعفاء من الناس. وحتى يكون الموضوع مرتبطاً باسم الإمام الحسين عليه السلام، لا بأس بأن يُطّْلَقَّ على هذا النشاط، عنوان موحد، مثل: (أَنصار الحسين يكفلون المحتاجين)، او غير ذلك من العناوين. حتى تبقى الصورة محصورة، في قضية نصرة الامام الحسين عليه السلام، عملياً لا شكلياً.

2. أَنّْ يدير هذا (الكشك) شخص متبرع من أُولئك الأخيار.

3. بعد مرور ثلاثة أَشهر، تُحسب ارباح المبيعات، ويخصّص نسبة بسيطة منها، لتطوير المشروع. والنسبة الأكبر، توزع على المعوزين، الذين لا سبيل لهم لكسب قوتهم اليومي، كالارامل المتقطعة بهُنَّ السُّبل، والأَيتام الصغار، والمعاقين، والمرضى... الخ.

سأَلتُ نفسي:

وهل هذا العمل يرتضية الشرع المقدس؟.

أَجبتُها:

بما أَنَّه عمل مباح، ولم يدخل فيه حرام، فما الذي يمنع من القيام به. أَلمّْ يأمرنا النبي (ص) بقوله: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). و(خير الناس من نفع الناس)؟.

وهناك أمر آخر يجب الالتفات اليه، أَنَّ وجبة (التمن والقيمة)، التي تُقدّم لغير المحتاجين، تؤكل كوجبة واحدة، وينتهي الموضوع، حتى عاشوراء المقبل. بينما رَيّْعُ الكشك (و إِنّْ يكن بسيطاً)، فإِنَّه مستمر على مدار العام، كما أَنَّ من الممكن تطويره، او ايجاد بدائل أخرى أفضل منه.

أَقول:

هذه الفكرة أَطرحها كمثال، او كمبادرة عمل، ويمكن دراستها وتطويرها، لتكن ذات نطاق أَوسع، وجدوى اقتصادية أَنفع وأَعمّ. ومن المؤكد، وأنا مطمئن تماماً، أَنَّ ثوابها سيكون للقائمين بها، أَضعافاً مضاعفة من توزيع، (التمن والقيمة) بأوعية (الدسبوسبول). فإنَّ الله تعالى (يكون في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه).

أما ما قُدِّمَ لي من (ثواب)، فسأُطعِم به العصافير والطيور، لأَنها لا تعرف مصدره. والله تعالى من وراء القصد.

 

مُحَمَّد جَواد سُنبَه - كاتِبٌ وبَاحِثٌ عِرَاقي

 

في المثقف اليوم