أقلام حرة

عماد علي: هل ينجح اردوغان فيما يخطط له في الموصل؟

emad aliيعلن اردوغان جهارا ما يريده في محاولة مشاركته في عمليات تحرير محافظة نينوى، ويتشدق بامكاناته وعلاقاته وموقعه ويعتقد بانه سوف يفرض ما يفكر به من خلال خططه رغم المعارضات التي يواجهها بشكل صريح من قبل الاكثرية المشاركة في العملية العسكرية السياسية لتحرير نينوى من مخالب الموالين له خفية داعش، وهم يعلمون جيدا نوايا اردوغان  الانية  وما تحلم به تركيا تاريخيا ازاء مدينة الموصل والادعاءات المتكررة من قبل قياداتها المتعاقبة، ولم يصفوا نياتهم التوسعية بالحق فقط بل ازدادوا تعنتا وغرورا وتشبثا بخيالهم العثماني العسكري والفكري والسياسي في الاونة الاخيرة .

هذا من الناحية الاستراتيجية وما تؤمن به تركيا، وهي لا تكف عن تخرصاتها التي مرت عليها الزمن ولم تعد قابلة للتحقيق الا اذا انقلبت المنطقة وحلت الفوضى الكبيرة التي لم تُبقي على القانون واقتحمت القوة وحلت مكانه ومكان كل شيء . اما اليوم واحلام اردوغان الشخصية السياسية ونواياه وما يريده من تسجيل الامجاد بعيدا عن الاتاتوركية والعثمانية  الحقيقية بل باسمهما وباليات وادوات الاثنين معا، هو القفز على الموجود والثابت والوصول الى الهدف بحيَل وتكتيكات تضليلية عديدة من اجل استراتيجية تجعله شخصية تاريخية لبلده كما يفكر، ويريد ان تكون تركيا اردوغانية لقرون اخرى بعدما كانت طوال المائة عام اتاتوركية، وتركيا خاصة في الشرق الاوسط على حساب الضعفاء الاخرين وليست المدافعة عن نفسها خلال الفترة ما بعد العثمانية لحد اليوم، تركيا التوسعية الحالمة بان تكون هي الاولى ثقلا وامكانية من الناحية السياسية العسكرية في المنطقة وتدع المنافسين وراءها ، تركيا تركية خالصة باسم الاسلام عنوانا والقومية التعصبية جقيقة وجوهرا .

عملية تحرير الموصل من قبضة داعش فرصة سانحة لاردوغان وما يفكر فيه من اجل ايجاد ثغرة لوضع اللبنة الاولى في طموحاته الخارجية وازاحة ما يعرقله في تحقيق مخطاطاته، ولم يقصّر الشخص في اعلان ما يريد جاهرا بما ينوي ملمحا تارة ومصرحا تارة اخرى فيما يريد في المنطقة وما يعلن  يضع له عناوين مطابقة احينا ومخالفة لحقيقة ما يريد احيانا اخرى .

فلنحسب ما يريد حسابيا دقيقا ومن ثم نخرج بنتيجة وفق التوقعات، ما يريده اردوغان داخليا هو فرض النظام الرئاسي ليبقى خليفة صاحبة الصلاحية المطلقة الدائمة نهائيا لتنفيذ مخططاته بعيدا عن الديموقراطية الشكلية لحدما في بلاده، وهو يعلم انه صعب وعرقلة امامه، ولذلك يتنازل هنا ويتملق هناك ويهدد في زاوية ما ومن ثم يمهد في اخرى . اليوم وهو يتحالف مع الحزب القومي الشوفيني التركي بقيادة باخجلي من اجل اكمال النصاب لفرض النظام الرئاسي في البرلمان ويحقق لهذا الحزب ما يريد وان كان مؤقتا لحين ما ينفذ ما يريده منه، وعليه يتشدد في تعامله مع القضية الكوردية بشكل كبير وغير مسبوق في عهده كتنفيذ لما يريده الحزب القومي في قطع وانهاء عملية السلام وان تكون تركيا تركية ولا قومية اخرى فيها كما يريد هذا الحزب وقادته العنصريين الشوفينيين، ومن ثم يريد في الوقت ذاته توجيه ضربة يريدها ان تكون موجعة لحزب العمال الكوردستاني داخليا قد بداها منذ مدة وخارجيا لما يفكر به ان يتقدم اليه فيما بعد عمليات موصل وما يمهد له منذ الان، ومن ثم يريد فصل كوردستان الجنوبية عن الغربية كاملا لتكون له اليد العليا في شمال العراق والسورية معا، ويمكنه ان يفعل ما يريد او يفرض ما لصالحه بشكل سهل .

و عليه ان ما يخطط له اردوغان لما بعد تحرير الموصل هو كما ياتي؛ بعدما لقي الاعتراض الكبير من قبل اكثرية الجهات المشاركة في تحرير موصل وبالاخص امريكا والعراق وبه حرم من تطبيق خطة  (الف) لديه، وهو المشاركة المباشرة في العملية وتحقيق اهدافه الخاصة والتاريخية فقط وليس طرد داعش كما يدعي، اجبر على التوجه الى الخطة (باء) كما يدعي ويعترف بانه من الممكن ان يفشل فيها ايضا ليتوجه الى الخطة ( جيم) وكما اعترف ضمنيا .

اولى اولوياته واهدافه من الخطة ( باء ) هي فصل كوردستان الجنوبية عن كوردستان الغربية ومن ثم توجيه ضربة موجعة الى الحزب العمال الكوردستاني باي شكل كان وبمساعدة تابعيه الذي يفرض عليهم ما يريد بسهولة لحد الان . ويكون التنفيذ من خلال فرض اليد الثقيلة على منطقة ممهدة للتحكم بها ومدروسة للنجاح من الناحية الديموغرافية والجغرافية والعسكرية، لتكون مركزا وساحة للانطلاق منها في تحقيق الاهداف المرسومة من قبله باسهل ما يمكن . وبعدما تاخر اردوغان في فرض المنطقة الامنة ويحاول تحقيقها اليوم في شمال سوريا يريدها ان تكون سريعة في شمال العراق ويفكر ان تكون مع انتهاء عملية تحرير الموصل بادعاءات تضاليل وتخرصات يعلمها الجميع وهي غير حقيقية لكي يتحجج بضرورة تلك المنطقة ايضا، هنا لن يدع ان تنقطع ايدي داعش نهائيا عن هذه المنطقة بل يعيدهم بشكل وصورة اخرى وهم دواعش في جوهرهم وحقيقتهم .

يتوقف نجاح اردوغان فيما ينوي على مواقف مختلفة دوليا، من قبل امريكا وروسيا اولا ومن ثم دول المنطقة وخاصة من المحور الاخر وعلى راسهم ايران ومصالحها العديدة التي لا يمكن ان نعتقد بانها تسمح ان تكون لتركيا منطقة امنة الا ان تفرضها عنوة وبقوة وهو وما يحدث هنا الفوضى والتعقيدات اكثر بما لا تتحملها المنطقة والدول ذاتها ايضا . والقوى المحلية الاخرى كجزء من سنة العراق وبعض القوى التي تاسست بايدي تركية خالصة كجماعة اثيل النجيفي والتوابع كالحزب الديموقراطي الكوردستاني لحد اليوم (ولا نعلم ماذا يحدث غدا وما تصدر منه من المواقف ان اقترب اكثر من بغداد وحقق اهدافه)، وعليه ان تغيرت المعادلات ولو قليلا لا يمكن ان ينجح اردوغان بها . واخيرا يتوجه الى الخطة (جيم) وما تباحث حوله من تقسيم نينوى الى ثلاث محافظات مشتتة قواها لتكون اقليما بمساعدة وتنسيق الحزب الديموقراطي الكوردستاني، وان يكون هناك اقليم للمنطقة الغربية التابعة لسنة العراق ليكون سندا لاقليم نينوى، عندئذ يمكن يتلاعب بهم بسهولة لتحقيق ما يريد من تبعيتهم له، وهذا ممكن لان مصالحهم تكون مرتبطة به اي باردوغان وبيملك يريد تحقيق اهدافه، فربما ينجح . وهذا هدف استراتيجي غير سهل تواجهه عرقلات قانونية وجيوبولوتوكية عديدة لا يمكن تجاوزها بسهولة، ولا يمكن لاردوغان ابعاد حزب العمال الكوردستاني من هذه الخطط وما يريده من ضربهم وتشتيتهم بما يتمكن . وعليه، انّ خطط اردوغان العديدة لا يمكن ان تمر بسهولة وتطبيقها خيالي بعيد عن الواقعية في اكثر جوانبها وليس امامه الا ان يعود الى رشده ويتراجع عن ما ارتكن اليه اخيرا، ويمكن ان يعود الى تحقيق اهدافه بسهولة داخليا ومن خلال التصالح واستئناف العملية السلمية والتفاهم التوافق مع المعارضين وفي مقدمتهم الكورد والحزب العمال الكوردستانية كي يسجل لنفسه مجدا بسهولة ممكنة ومن خلال قطع دابر الحرب والخلافات في بلده نهائيا، وليس بما يريد من التوجهات المعوجة .  

 

في المثقف اليوم