أقلام حرة

عماد علي: الخطوة الاولى لوأد العلمانية في العراق

emad aliيبدو ان العراق يخطو ببطء نحو النظام الاسلام السياسي على ارض الواقع، دون ان يهتم اي متنفذ المتخرج من مدرسة الاسلام السياسي بانواعه المتعددة بما جاء في الدستور من الحرية الفردية واحترام الديموقراطية والحرية العامة والسيادة والفدرالية وحقوق العام  .

تشريع قانون تداول والاتجار وشرب الخمر اليوم والعقوبة التي يواجهها كل من يخالفه يدل على مدى التزام اكثرية النواب التشريع الاسلام السياسي اكثر من المدنية والنظام التقدمي في السلطة، وبالاخص اتباع النظام الاسلامي الشكلي وما يؤدي الى الاحتقان والتضيق في حرية الفرد وكيفية تسيير اموره وايمانه وكل ما يخصه وليس امام غيره التحكم به، والتدخل في شؤونه ومبادئه وقيمه وايمانه ومنهجه في الحياة، لانه  من الامور الشخصية البحتة التي ليس لاي احد ولا اي نظام مهما كان نوعه مناتباع خطة من اجل التسلط عليه وخرق خصوصياته ووفرض ما لا يرضاه، وهذا ليس من جانب الحلال والحرام الذي يستند عليه التشريع او الاضرار التي تلحق بمن يتناوله او يتداوله كما يدعون بهتانا، بل يعتبر تعديا فاضحا من جانب الحرية والمدنية والعصرنة على معيشة ابناء الشعب العراقي.

من الناحية القانونية؛ انه مخالفة صريحة للدستور وبنوده الرئيسية التي لا تسمح بالتضيق على حرية الفرد ووفق المواد الواضحة التي لا تحتاج الى تفسير . انه مزايدات الافراد والاحزاب المصلحية المتملقة التابعة للقوى الخارجية للتضليل ومن صفات الشعبويين لكسب الاصوات،  وعليه لم يتمكن حتى من لا يؤمن بهذا القانون رده في البرلمان ايضا من اجل عدم اتهامه بالزنديق وتشويه سمعته امام الراي العام من جهة، وانه جاء في وقت ضيق مستغلين ما هو فيه العراق من حرب ضروس امام اعتى قوة وهي داعش وما يفعله باسم الدين من جهة اخرى، وفي المقابل استغلال المرحلة لتنفيذ اجندات اسلامية قحة ذو اهداف بعيدة المدى وضيقة الافق التي لا تتماشي مع العقلية والفكر العراقي ولا تتناسب مع تاريخه العريق والحضاري .

يحدث هذا ويصوت البرلمانيين على منع استيراد وتداول وتناول المشروبات مستغلين الوقت وما يجري في الموصل من عملية تحريرها، مستغلين بالذات التهاء الراي العام من اجل تمرير هكذا قوانين وبنوده محل الخلاف ومثير للجدل دون ان يلقى اي رد فعل يُذكر .

و اهم اسباب تمرير مثل هذه القوانين ونتائجه هو :

*بتمرير هكذا قانون خاص على الفرد وبحاصل جمع التطبيق والالتزام  يتبعها وينفذها الشعب بشكل عام وهو اتباع لخطط وتوجهات وافكار وعقائد الاخرين خارجيا وتنفيذا لاستراتجيتهم ومصالحهم وافكارهم وانظمتهم .

*يؤدي هذا الى ازدياد التبعية والتمسك بالاخرين قانونيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا على الرغم من نشر الكبت والقهر بين ابناء الشعب العراقي. غير ان هذا لا يعني انقطاع او انخفاض عدد ممن يتناولون المشروب بل يؤدي هذا الى ازدياد نسبتهم وحتى يؤدي الى ارتفاع نسبة المدمنين على المشروبات وحتى المخدرات .

*بهذا يتوضح مدى فرض طلبات وتحقيق نوايا واهداف الاخرين خارجيا بخطوات مستوردة  وخطوات للانظمة الضيقة الافق وملتزمة بتوجهات ناتجة عن خلفيات ايديولوجية عقيدية متخلفة .

* تضييق نسبة الحرية الفردية وتقليل مساحة الحرية العامة من خلال هذه القوانين والتفاصيل التي تدخل في شؤون وحرية الفرد وافكارهم وتوجهاتهم ويدخل ضمن الاعمال المخابراتية التي تفرض العقائد على الشعب لاهداف سياسية .

* بتطبيق هذه التفصيلات التي تتبعها الانظمة الاخرى في المنطقة، وهذا مايفرض التبعية بشكل مباشر لتلك الانظمة وطبيعة معيشتهم الاجتماعية مما يصعب فصلهم عن البعض بسهولة، وهذا هدف خاص لتقوية التواصل والاتصالات التحالفية بين الانظمة ومن اجل التداخل مع البعض دون امكان الانفصال .

*يعتبر تمرير القانون بهذا الشكل تصفية للحسابات مع النظام العلماني ومحاولة لقطع دابر من يحاول تمرير اي نظام اخر غير الاسلام السياسي . وهذا ما يضع سواتر وعراقيل كبيرة لانتعاش حال الناس وعودة حياتهم الى سكته الصحيحة التي كانوا عليها من العلمانية التاريخية العفوية الصحيحة .

*منع العراق من اي تقارب او تحالف مع الانظمة الاخرى غير الاسلام السياسي، ويفرض التصاقه مع النظام المماثل له ويبعده بهذا عن التعاون المشترك والعلاقات الطبيعية مع الانظمة الاخرى دون الاستاذان من الاخرينالمماثلين المتحالفين، وهذه الخطوات التي تمرر مثل هذه القوانين والبنود الشاذة الخارجة عن سياق ما يفرضه الدستور سيفرض التبعية السياسية الاقتصادية الاجتماعية للعراق لمثيلاته من هذه الانظمة فقط .

*يفرض بقاء العراق ضمن الحلقة الضيقة باتباع مثل هذه القوانين وما تاتي وتفرض فيما بعد، وبالتالي يفرض البقاء ضمن الحلقة الضيقة من الاسلام السياسي فقط، والاكثر توقعا هو ضمن الطائفة الواحدة والتوجه الواحد ايضا .

* استغلال العراق من قبل اصحاب مثل هذه القوانين خارجيا وكما فرض تمرير هذا البند في قانون البلديات بهذه السهولة من قبل التابعين والموالين، وبه يمكن استغلاله من كافة النواحي السياسية الثقافية الاجتماعية وابتعاده عن خصوصياته التاريخية الحضارية وفرض التبعية المخذلة عليه .

اي، ان العملية السياسية في العراق تتوضح خطوطها العريضة من خلال تمرير مثل هذه القوانين الشاذة التي توضح افق النظام العراقي على ارض الواقع ويكون بعيدا عن خصوصياته الحضارية التاريخية . من المعلوم ان  هذه الافعال والتوجهات ليست قضية الحلال او الحرام او احتراما لواجبات الاسلام  وما يفرضه الدين الاسلامي بالذات وتعليماته او ضمن سننه بقدر كونه توجه وفعل اسلامي سياسي مصلحي فقط ونابع من عقلية حاملي فكر الاسلام السياسي المصلحي فقط . 

 

   

في المثقف اليوم