أقلام حرة

عماد علي:من يشارك في تحرير الموصل حقا؟

emad aliنسمع كثيرا عن اشتراك الجهات المتعددة في عملية تحرير الموصل وفي الوقت نفسه لم يتوضح عن حقيقة من يشترك في العملية من عدمه، في المقابل ينفي البعض من اشتراك بعض اخر منهم علنا ويؤكد الاخر عن مشاركته رغما عن البعض الاخر النافي لذلك . بين مشاركة الاطراف ضاعت علينا القصة الحقيقية او موقف ونظرة كل طرف، اي انه واقع مرير يمكن ان نضيع فيه بين الحانة والمانة والاهم هو هل تضيع لحانا، فسيكشفه لنا واقع المدينة لمابعد التحرير وما تجره العملية لما يمكن ان يستقر عليه الوضع وما تثبت المحافظة على حالتها السياسية الجديدة . الجدير بالذكر ان العملية كبيرة ومخططة لها من الاطراف العديدة، سواء من كانوا يشاركون الان فيه او لم يشاركوا، ولكن لكل منهم رغبته الجامحة في ان تكون له اليد الخاصة به في تحريك ما يمكن ان تصل اليه المحافظة، ويمكن ان تكون المخططات متقاطعة مع البعض كما تقابل الاطراف مع بعضها متخالفين ومتصادمين، ونرى ذلك من خلال بيان الخلافات العلنية لحد وصولهم حتى التلاسن بعيدا عن التشاور والتفاهم . لو لم ندخل في الجزئيات فيمكن ان نحصر ثلاث جهات رئيسية؛ ايران وسلطة العراق المهيمنة  وتركيا  وسنة العراق وجزء من الكورد المائل الى ما ينويه هؤلاء، مع الكورد المتوزعين اصلا، الا انهم لهم احلام وتوجهات خاصة بهم حول الكورد الموجود في تلك المحافظة وما يجب ان يكونوا عليه بعد التحرير، سواء  يكونوا جزءا من القضية الكوردية في اقليم كوردستان او تكون حالهم ملتصق بالمحافظة او الاقليم المستقبلي، وهذا ايضا فيه خلافات حتى بين الكورد انفسهم، وعلى الرغم من وجود العراقيل السياسية ومن افرازات المعادلات الجارية وما ينتج منها من الحال والمواد المتضررة المفاجئة الصادرة منها خلال جريان العملية . اي الاختلاط والموزائيكية المكوناتين الموجودة في المدينة يمكن ان تصعب الحال اكثر من تسهيلها، بل حتى يعتبرها البعض ان ما تقع عليه المحافظة ما بعد التحرير يمهد على ما يكون عليه مستقبل العراق سياسيا وديموغرافيا .

تراهن جميع الاطراف المشاركة وغير المشاركة على معركة الموصل وما يكون مصيره لتحقيق احلامهم واهدافهم المختلفة والمتعددة التوجهات والخلفيات . لا يمكن ان تتلائم بعض الاهداف والنيات التي يحملها البعض مع العوامل المطلوبة التي يمكن ان تدفعهم الى يتفقوا  او يتواصلوا مع البعض لانهم متقاطعون مع البعضاصلا  لاسباب تاريخية وجغرافية وديموغرافية وسياسية ثابتة حتى اليوم، والموصل مدينة حكمتها الجهات والاطراف المختلفة ايضا طوال تاريخها الغابرة والحديثة، ومعركة الموصل اليوم فاصل تاريخي عدا كونها انعطافة في الكثير من المجالات وفوق جميعها السياسية ومستقبلها ومصيرها النهائي . وعليه تصر جميع الاطراف ان تكون لها قطعة ما من الكعكة وان كانت هناك صعوبة في ان يحصل  كل منهم على النسبة ذاتها وان تحقق احلامها الكبيرة فيها .

الاطراف المشاركة ومنها تحاول ان تشارك كثيرة سواء بشكل مباشر او غير مباشر، ولكل منهم اساليبه ووسائله وطريقته وخططه واجنداته واعتماداته، بعضهم؛ الواقع يسهل له المشاركة باي شكل كان، الاخر له وسائله السرية وتحالفاته وتحركاته الخبيثة كانت ام صريحة، البعض الاخر له ثقله المعلوم ولا يمكن ان يتحرك الا في مجال امكانياته وقدرته فقط، ومن خلال هذه المعمعة هناك توابع للاطراف الدولية والجهات المختلفة في المنطقة ويعمل بالوكالة من اجل من يوالونه في السراء والضراء .

و من خلال هذه العملية تبين مدى الخلافات الموجودة بين جميع القوى حول مواضيع هامة وهو مشاركة ما هو المحسوب على السنة والشيعة والكورد على الارض من التوابع عسكريا وبالاخص الحشد الشعبي والحشد الوطني والعشائر المختلفة والقوى السياسية المتععدة الشكل والاهداف ايضا  في هذه العملية وليس ما يخص المحافظة ومستقبلها بحد ذاتها فقط .

اما مستقبل المدينة او المحافظة بشكل كامل، فانه يمكن ان نقراه وفق التكهنات والمشاريع المختلفة الموضوعة وما ينجح منها في نهاية الامر ومن يكون المتسلط المسيطر الحاكم اكثر من غيره، هل تكون الدولة العراقية ام الاخرون وهل تبقى متوحدة ام تمسها الانشطار او التقسيم او التوزيع على ثلاث محافظات ضمن اقليم جديد، ام تبقى غير مستقرة لمدة طويلة مما يصيبها التمزيق و التهميش، ويمكن ان تدور فيه المعارك الجانبية لمدة غير قليلة . وهناك دواعم او عوامل تدفع لعدم بقاء المحافظة كما هي او لم ترسخ طريقة لتوحيدها ثانية بعدما اصابها التفريق والاختلافات والخلافات الطائفية الجذرية التي لا يمكن ان نعتقد بانها يمكن ان تتصالح او تتفاهم بالشكل المطلوب لبقاء وحدة المحافظة . وعليه يمكن ان نقول لا يمكن لاي طرف مهما كانت مواقف السلطة المركزية وتوجهاتها ان يبقى بعيدا دون مشاركة وهو ينتظر ما يؤول اليه،  فان كل طرف يستخدم ما لديه من اجل المشاركة الفعالة لضمان تحقيق اهدافه مهما كان نجاحه نسبيا وفق ما يفرز خلال العملية وبعدها، المشاركون داخليا هم؛ الجهات الثلاث والمحورين بشكل خاص، وخارجيا من المنطقة من الجانبين ايضا المحورين الشيعي والسني لكون العملية تمس استراتيجيتهما ودوليا من يشرف هو امريكا ظاهريا الا ان العملية مرتبطة بمدينة الحلب والقضية السورية، لذلك يمكن ان نعتقد بان روسيا ايضا من المشاركين رسميا وبشكل غير مباشر، هذا عدا تركيا والمتحالفين معها داخل العراق وفي المنطقة سواء ضمن محورهم او خارجه، وايران ايضا وفق تحالفها مع الدولة العراقية وجزء من الكورد  او ثقلها المؤثر الاكبر، وما تهدف اليه لوحدها ايضا بماتعتقد من انها لها اهداف خاصة ايضا بعيدا عن دول المتحالفين مع البعض المشاركين بشكل او اخر في عملية تحرير الموصل . كان من الاجدر ان تكون بعض الاطراف بعيدة لكونهم حاملات لاجندات خاصة على العكس مما يهم العراق كدولة مركزية، الا ان السيادة الناقصة والمشاكل الداخلية العميقة مهدت لمشاركة القاصي والداني، ويكون لهم كلمتهم وارائهم ومواقفهم المؤثرة سلبيا على عملية تحرير الموصل ومستقبلها

 

في المثقف اليوم