أقلام حرة

عماد علي: غضب الفرات امام درع الفرات

emad aliحتى التسمية لهذه العمليات لها معانيها الخاصة بها، ومن خلال متابعة ما وراءها سياسيا سيتضح لنا الواقع الغاضب والمواجهة بين الجهات، وفي مقدمتهم بين تركيا كدولة في مازق بغرور رئيسها وقوات حماية الشعب التي بدات بعزم كما هو واضع لا يلين وبقيادة ومشارةلبوات لتحرير مدينة يحكمها تنظيم هو رمز للتعدي على النساء وحقوقهن المشروعة في الحياة بسلوك وقوانين بالية وبعقلية كان من المفروض ان تكون في سلة الاوساخ، وورثناها من مآسي التاريخ والافكار العفنة غير المنطقية لادارة وحكم المجتمعات حتى في حينه .

سياسيا، كان اردوغان وربما لحد اليوم حليفا قويا لداعش في السر وبعض العلن، استخدمته في تحقيق مجموعة من الاهداف واكثرها تحقيق مرامه الشخصي الداخلي من خلال تصدير مشكلاته الداخلية ولفت النظر عنها وما يدعيه من السلطنة والعنجهية التي يسير عليها، ومن ثم محاولة امكانه من تحقيق احلامه ومعه نوايا الترك التاريخية في المنطقة، وان تخللت تحركاته البهلوانية والمستفزة في اكثر الاحيان اخطاء انعكست عليه وعلى بلده وكسر بشكل قوي خلال مدة قليلة شوكته وهيبة بلده وانزلها الى الحضيض .

ماذا يعني ابعاد اردوغان وبلاده عن عملية تحرير الرقة وما صرح من قبل واشترط وتحدى كثيرا حولها، فهل اقتنع ام فرضوا عليه الحال وابعدوه مرغما عنه عالمين بنواياه الحقيقية . في هذا الوقت بالذات الذي تتقدم قوات حماية الشعب لمحاصرة الرقة وتحريرها فيما بعد، يعلن اردوغان تقدمه نحو مدينة الباب ليغطي فشله في امر الرقة وادعائاته امام الراي العام التركي من جهة ولربما تم استرضاءه من قبل امريكا بهذا الامر . تركيا البلد في الناتو، تركيا الحليفة والابنة المدللة لامريكا طوال الحرب الباردة، تركيا صاحبة الموقع الاستراتجي، تركيا التاريخي صاحبة المجد العثماني الذي يفتخر به اردوغان، يودع جانبا، فيما تتقدم قوة عصرية مناضلة في العملية . وهذا له دلالاته الكثيرة في الشان السياسي والعسكري ايضا،ويكشف لنا ما وصلت اليه المعادلات والعلاقات بين دول المنطقة وكيف اختلفت المواقف حول التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان والمراقبة لامور غير انسانية حصلت في ايامه دون اي فعل ازاءها وامام التعديات التي تعرضت لها الشعوب في حينه لهذا السبب ومنهم الشعب الكوردي من جهة، ومن ثم بروز قوة تعتبر داخلية وها تتعامل معها الدول صاحبة الامر والنهي في المنطقة مهمشة لحليفتها من جهة اخرى .

غضب الفرات المهاجم بالقوة الحقيقية صاحبة الحق في الامر ودرع الفرات الذي وراءها دولة تدعي انها تدعم قوى داخلية سورية بينما هي بذاتها مشاركة بنفسها في القوة الضاربة بعددها وعدتها سرا وعلنا، مضللة حتى في تركيبة القوة الحقيقية وامكانياتها وقدراتها واهدافها الحقيقية وما تحمل .

استبعد اردوغان مرغما عن معركة تحرير الموصل لحد الان، ولم يُعط له دور يُذكر ويحفظ ماء وجهه في عملية تحرير الرقة، هذا يعني ما يكون عليه موقع واهمية تركيا في المنطقة مستقبلا من جهة ودورها في المخططات والخرائط التي من الممكن ان تحل محل ما هو الموجود الان من جهة اخرى . وهو يدرك جيدا هذا الامر، ولذلك يريد التشويش والتخبط في مكانه او ربما الى ما يمكن ان يتحرك بشكل عشوائي او يخطوا دون هدف من اجل اثارة الجاري او وضع عراقيل امام سير العمليات فقط .

هدف تركيا الحقيقية من درع الفرات اساسا هو ضرب قوات حماية الشعب والحد من توسعه وتحريره للارض ومنع التواصل بين مواقع ارض كوردستان الغربية قبل اي شيء اخر، ولكن باسم ضرب داعش . المكسب السياسي للاطراف كافة واضح وبين . ويمكن ان نستنتج من خلال سير العملية ومشاركة الاطراف مدى نزول دور تركيا وكيف فرض الكورد في كوردستان الغربية نفسهم على الواقع، سواء بقوتهم الضاربة الشجاعة او تركيبتهم السياسية واهدافهم الانسانية العصرية التقدمية، وقبل هذا وذاك، ما هوموقع قوتهم الحقيقية وهو احقيتهم في تحقيق اهدافهم التاريخية ورفع المظلومية عنهم . ويمكن ان نقول ان قوة الحق والباطل تندفعان باسم رفع الباطل عن الشعب وكل منهما يتوجهان بالاتجاه ذاته وباسم ما يمكن انهم يتجهون نحو سحق قوة الظلام، الا ان احدمهما في الجوهر هو الباطل ذاته .

يمكن ان نصرّح علنا ان العمليات الجارية الان في الموصل والرقة في ان واحد، يقتربان من اهدافهما، ولكن عملية غضب الفرات العسكرية الجارية في الرقة اضافة الى ما بدت منها من الامور السياسية انها اقدس من غيرها، لانها تقابل الحيل والخداع من قبل الدولة التي تدعي محاربة داعش لاهداف ذاتية، لا بل مستخدمة داعش لامور سياسية بحتة، اي من خلال عملية غضب الفرات مزدوجة الهدف والباطن هو غير ما يقال . اضافة الى سحق داعش في معقله، فانه ضربة قاضية لقوى الشر والتضليل السياسي من الدول التي تستخدم داعش من اجل مآربها القحة وتنتهز فرصة التعقيدات الجارية في المنطقة لاهداف ذاتية بعيدة عن محاربة الشر، بل انها الشر بذاته في التركيب والهدف . اما عملية تحرير الموصل التي استبعدت يد تركيا المضللة عنها ايضا، فانها يمكن ان لا تشابه عملية غضب الفرات في اهدافها السياسية قبل العسكرية، على الرغم من التشابه بينهما الى حدما ولكن باختلاف تركيبة الاطراف والمكونات التي لها العلاقة المباشرة بها . فلنر من ينتصر في النهاية، درع الفرات وما وراءها ام غضب الفرات واحقية اصحابها .   

 

في المثقف اليوم