أقلام حرة

حميد طولست: الإستثناء المغربي !!

hamid taoulostكثيرون هم من عولوا على أن يكون "سماك الحسيمة" نسخة مغربية من "بوعزيزي" تونس، لكن،والحمد لله والشمر له، منيت آمانيهم بالخيبة، وعرفت آمالهم الفشل الدريع، وحالت الخصوصية المغربية، التي تؤرقه وتقض مضجع الخصوم، دون تطور الأحداث وفق النموذج التونسي الذي شهد ثورة عقب مقتل محمد البوعزيزي عام 2001، وعلى الرغم من تشابه أحداث الظلم والحرمان التي وضعت نفسية المواطن تحت شدة الضغط وشدة الاحتقان وشدة الحركة وشدة الذل، والتي أحس بها كل من البوعزيزي ومحسن فكري، ودفعت مجتمعة الأول لإضرام النار في جسده، وليرتمي الثاني داخل شاحنة نفايات لتطحنه، دفاعا عن لقمة عيشهما، ورغم محاولة التيارات والتوجهات المعروفة بالضرب على أوتار القضايا الاجتماعية لإثارة الفوضى وإحراج الدولة، بتحريض الناس على الخروج إلى الشوارع، ورغم خروج آلاف المحتجين إلى شوارع مدينة الحسيمة مسرح الجريمة، وغيرها من شوارع مدن البلاد، رغم كل ذلك وغيره كثير، لم تكن النتائج  كتلك التي عرفتها تونس والكثير من الدول التي احتضنت الثورة وسارت في مواكبها ورددت شعاراتها، وإنما كانت تظاهرات جماهيرية للتعبير عن حالة غضب لم تتجاوز حدودا معينة من المطالب المشروعة، وعلى رأسها "محاكمة المتورطين في مقتل محسن فكري" وتحسين الأوضاع، وذلك لأن الحراك الاجتماعي بالمغرب ليس وليد تلك الساعة، ويعبر عن نضج سياسي كبير، وعلى ارتفاع منسوب وعي وإدراك  بمآلات الربيع العربي ونتائجه التي أفضت بالملايين إلى الضياع واليأس بعد أن لم يتحقق منها شيئاً على الإطلاق،  ولأن الملك البلاد محمد السادس استطاع بحنكته وتفهمه احتواء الأحداث بما اتخده من إجراءات استباقية أثرت في الرأي العام وشكلت نقطة تحول جديدة في المشهد السياسي و الاجتماعي المغربي،  كما سبق أن حدث مع تجربة ما عرفته البلاد سنة 2011 من إحتجاجات شعبية التي واكبت انتفاضات الربيع العربي، والتي أعلن على إثرها الملك -بعد شهر واحد فقط من اندلاعها- عن إصلاحات كبيرة من بينها، الدستوري الشامل الذي عزّز من دور البرلمان، وحقوق الإنسان والحريات الفردي، ما جعل التكهن بأن ما يحدث في المغرب راهناً لن يكون نسخة جديدة مما حدث في تونس، لما يتميز به المغرب والمغاربة من إستثناء، بل استثناءات مشهودة ..

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم