أقلام حرة

عماد علي: الترامبية والقادة الكورد

emad aliكان التقليد من خصائص القادة الكورد وافعالهم دوما خلال الثورات التي اندلعت في كوردستان منذ عقود مرت . ولم يكن التقليد بهدف التجديد والتلائم والاستفادة من تجارب الاخر في تدبير شؤون الذات وانما نقل الموجود عميا دون دراسة . التقليد الكلاسيكي الغالب كان من جانب الفكر والفلسفة والتطبيق ايضا . اي اخذ ماهو الموجود قالبا وباطاره وجوهره (ان تعلموه ام لا)  من مكان انبعاثه او ولادته ومحاولة تطبيقه في ارضية  وان كانت غير مناسبة في اكثر الاحيان ولم يلق النجاح حتما .

عندما كان الفكر اليساري الماركسي سائد ابان مرحلة ذروة علو شان الاتحاد السوفيتي، اخذت الاحزاب والقادة الكورد الفكر والفلسفة الماركسية بمظهرها دون ان يتخذوا جوهرها الحقيقي التي تفرض التلائم مع ارضيتها المناسبة، اي ترسيخ الارضية اهم من جوهر المفهوم وهو المفروض قبل محاولة التطبيق واتخاذ الفكر سندا للمسيرة الايديولوجية من جهة ، او دون معرفة خصوصيات المنطقة والمجتمع من النواحي الاجتماعية النفسية المعرفية الثقافية من جهة اخرى، ومن ثم  محاولة ما تفهم القادة من الفكر وان كان باطاره ومظهره فقط كما يريد ومن المفروض ان يكون في ارضية راسخة بعيدة عن الارتداد ورفض المستورد في حقيقتها . كانت اليسارية موديلا وفكرا اقتدى به القادة اليساريين سواء ممن عرفوا فحواها او جوهرها او من ادعى ذلك ولم يتعمق في جوهر الفكر الماركسي .

القادة الكورد كما هم على حالهم كانوا مقلدين لما استوردوه، وخاصة ما نقل من الافكار من قبل النخبة العاملة على الساحة السياسية الكوردستانية ومنهم الثوار في الثورات المتعاقبة منذ ثورة اكتوبر عام 1917 . اي تقليد ما هو الموجود ومحاولة نقله كما هو دون ان تدرس بعلمية وبابحاث علمية ما الضرورات المطلوبة لنجاحه، وعليه في مثل هكذا حالة، لا يمكن ان تنتظر النجاح الا في حدود ما يمكن ان ينتج بشكل فوضوي وما تفرضه مسيرة التطبيق بعشوائية وما يلاقيه من الصعوبات او العراقيل ويكون تحت رحمة عدد احتمالات النجاح والفشل له .

اضافة الى ذلك،ما جاء الينا من الافكار الرسمالية وما تقع في خانتها واصبحت مرتبطة بها فيما بعد وضمن مساحتها من الليبرالية والليبرالية الجديدة وحتى القومية الشوفينية اريد منها التطبيق بمفهومها وما هي عليه دون تغيير او تلائم مع الواقع مغاير لرحم الام التي ولدت منها وبدافع التقليد دون مراعات ما الموجود على الارض،و فيما يخص كوردستان عديم الدولة والكيان ايضا، ولذلك لاقت هذه الفشل ايضا كما الاخرى التي استوردت من قبل .

كما نعلم، برز في كل مرحلة فكر وتوجه معين في بقعة ما، واثر على بقاع العالم وفق ثقل وامكانية كل موقع او ارضية التي ولد منها وتمكن بامكانياته وثقله ومقدرته من تعميمه ونشره في العالم وبالاخص ما لقيناه من المعسكرين الشرقي والغربي وتصديراتهما .

اليوم برزت الى الوجود ظاهرة نابعة من ما يمكن ان نسميه بتغيير التاريخ او الانعطافة وما تفعله وتدفع بما تبرزه المرحلة الانتقالية العالمية وما يشهده العالم من المتغيرات غير المسبوقة، ومن الفوضى هنا والعشوائية في الفكر في موقع اخر نتيجة تداخل السياسة والاقتصاد بشكل غير مسبوق، وربما يمكننا ان نقول ان الاقتصاد والتجارة ومصالح البلدان دفعت الى ان تكون السياسة تابعة لها ومن اجلها فقط دون ان ينظر الى المصالح الانسانية والانسان في عين الاعتبار . بعد التقارب الشديد في بقاع العالم نتيجة التطورات الالكترونية وتاثيرات العولمة، اصبحت الدول الكبرى مثار الكثير من الشكوك اولا ومن ثم ما يبرز منهم ويدفعون او يثيرون ما يمكن ان ينشروا ما يفيدهم في العالم نتيجة منافعهم او مصلاحهم وبعد دراسات مستفيضة من قبلهم لما يمتلكون من المراكز العلمية لما يمكنهم من ضمان مستقبلهم الاقتصادي اولا وقبل اي شيء اخر في العالم وان كان على حساب الاخر ودون ان يرف لهم جفن لو اضر باعداد هائلة من البشرية نتيجة ما تفرزه افكارهم من التوجهات او المواضيع والمفاهيم المضرة .

اليوم بعثت وبرزت ظاهرة الترامبية الامريكية الراسمالية التي شغلت العالم، سواء كانت مدروسة هذه الحالة كما يعتقد الكثيرو لما يعلمون بانه عند التدقيق والتمعن في سياسات امريكا وافعالها السابقة لا يمكن ان تبرو الترامبية ويفوز ترامب بنفسه دون ان يكون الضوء الاخضر قد اشعل في مكانه المخصص لذلك ومن قبل المؤسسات المسيطرة على السياسة الامريكية كافة، او كتحصيل حاصل لما جاء من خلال استقطاب القطب الراسمالي وتجمع ما يُراد به في امريكا ومن خلال لعب سرية وما يُراد منها في تسيير امور العالم خلال القرن الجديد .

وان نظرنا الى ما موجود عالميا واختزلنا كلامنا على القاادة الكورد وتاريخهم خلال العصور المنصرمة، اننا نرى انهم دائما في قعر المسالة ومقلدين حقيقيين وممثلين بارعين لما يرونه فكر دون ان ياخذوا بالحسبان ما يهمهم وشعبهم وماوراءه او ما يفيدهم ويتلائم مع خصوصياتهم . وعليه انني متاكد واذكره للتاريخ هنا بان الترامبية يمكن ان تُطبق في كوردستان قبل اية بقعة اخرى في العالم، ان وصلنا الى الانتخابات بسلام، وعليه فان الشعبوية التي تمتع بها ترامب ليست بجديدة على القادة الكورد، ولذلك ينتهزونه كفرصة لاعادة امجاد شعبويتهم التي مارسوها اثناء الثورة الجديدة قبل الانتفاضة  او بعدها من خلال بعض الحركات الشعوبية التي حذروا من ذكرها  او الايمان بهاعلنا على الرغم من تطبيقها على ارض الواقع من قبلهم، واليوم يلتقطونها فرصة وما يتصفون به من التقليدية ليلتزموا بالترامبية كفكر شعوبي ملائم لافكارهم هم ودون ان يدرسوا الواقع الكوردستاني وما يفيد استراتيجيته من الناحية السياسية الاجتماعية الثقافية والنفسية ايضا .

فننتظر ما تاتينا من خلال اكثرية الاحزاب والقادة من الترامبية الشعبوية في كوردستان كما كانت حالنا في زمن تقليد اليسارية وبعدها الراسمالية ومنها الليبرالية وما بينهما ومن ثم اتت فترة الترامبية الامريكية التي اثرت كما نرى لحد اليوم ومستمرة وبفعالية وهي في بدايتها على الكثير من بقاع العالم، وان كانت امريكا احست بنفسها ان ما تؤمن به لقد ملّ منه العالم، وكما يعتقد المتابعون، ارادت ان تبرز شيئا جديدا مغايرا وفق نفسية مجتمعها وو تتطلبه الحالة النفسية للانسان ومنهم الشعب الامريكي مما تريده من التغيير الدائم من كافة الجوانب في الحياة، كي تبقى هي القائدة الاوحد للعالم ويفرض ان يتبعه الاخرين

 

في المثقف اليوم