أقلام حرة

حميد طولست: النحس والعكس والتابعة في تشكيل الحكومة الجديدة

hamid taoulostيبدو أن أنات الولادة العسيرة للحكومة المغربية الجديدة قد صمت أخبار مشاوراتها، الآذان في الداخل والخارج، بعد فشلها في الخروج للوجود بالولادة الطبيعية، ولاشك لأنها في حاجة  لعملية قيصرية، نظرا للصعوبات، التي واجهتها تلك الولادة، فأدت إلى حالة من "البلوكاج" -رغم من مرور شهر ونصف الشهر عن إجراء الانتخابات التشريعي - الذي تُعُمّد اتهام العديد من الجهات بالتسبب فيها .

ورغم تدخل الملك محمد السادس من خلال خطاب المسيرة الخضراء، الذي لم يكن موجها إلى زعيم حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران المكلف بتشكيل الحكومة فقط، وإنما إلى جميع الأحزاب المتزلفة للتمرغة بوحل بركته رئيس الحكومة، للوصول إلى تحقيق مكاسب شخصية، على حساب الكرامة ؛ الخطاب الذي يستشف منه، أن جلالة الملك لم يكن راضيا على الطريقة التي بُوشرت بها مشاورات تشكيل الحكومة، واعتمادها، في شقها الأكبر، على لغة المؤامرة والفيتوهات، والشروط القبلية البعيدة كل البعد عن خطاب الاتفاق والتوافق والقواسم المشترك، التي تجمع ولا تفرق، والشرط الأساس في أي عمل مشترك يروم خلق حكومة جادة ومسؤولة غير مرتبطة برغبات الأحزاب السياسية .

الشروط التي لا يقصد منها إلا إذلال المتحالفين المفترضين، وجعلهم يخفضون الرؤوس بين يدي "موزع كعكة الحكومة" متضرعين متذللين ومنكسرين، الأسلوب، الذي لم ولن ينفع في مثل هذه العملية الخطيرة، لما اتسمت به من ثقة زائدة في النفس والاستخفاف بالأحزاب المرغوب في تحالفها، والتي عقدت المهمة، وربما جعلت تحققها مستحيلا، و"لا مجال لتجاوز حالة البلوكاج الذي عرفته إلا بتجاوز لغة الفيتوهات واللغة الحربية" كما قال يتيم، بينما دعا "الاتحاد الاشتراكي" رئيس الحكومة، إلى التخلي عن شروطه التعجيزية، والكف عن توجيه سهام إنتقاذاته واتهاماته للسياسيين، في الوقت الذي تفرض فيه "تحديات المغرب" العمل على تشكيل الحكومة التي ينتظرها المغاربة،  في أقرب وقت، بدل الاعتصام في البيت، والترويج لقلق رئيس الحكومة وعزمه على ترك الجمل بما حمل، بسبب "البلوكاج" أو الاحتباس السياسي الذي لا يشعر به المواطن البسيط، الذي كان في حالة  شرود عن تشكيل الحكومة، في خضم إيقاع سير حياته المكتظ بأزمة لقمة العيش ومواصلة الأسعار في صعودها، بوجود الحكومة أو في غيابها..

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم