أقلام حرة

مهدي المولى: توجهات جديدة للحزب الشيوعي العراقي

المعروف ان الحزب الشيوعي العراقي الحزب الوحيد الذي يضم كل العراقيين من كل الطوائف والاديان والاعراق ومن كل المناطق والمحافظات كما انه الوحيد الذي لا يموت نعم يضعف يمرض يخطأ لا شك في ذلك لكنه لم ولن يموت على خلاف بقية الاحزاب تولد ثم تموت  فالشيوعي بشكل عام طموح وطموحه لا حدود له فتجده دائما متفائل واثق بتحقيق هدفه يرى الحياة والمستقبل له فكل ما يحدث في الحياة من حركة من تغيير تصب في صالحه في اي مكان من العالم لهذا فهو امتداد لكل نقطة ضوء وصرخة حق في تاريخ البشرية

 لعل قيادة الحزب الشيوعي العراقي ادركت ان ضعف الحزب الشيوعي مرضه خطأه لا يؤثر على الحزب نفسه فحسب بل يؤثر على مستقبل الشعب والوطن فالعدل والمساوات والسلام هي دعوة كل انسان مخلص صادق دعوة الانبياء والاولياء والمصلحين وكل المحبين للحياة والانسان في كل زمان وفي كل مكان

من اسباب ضعف ومرض وفشل الاحزاب الشيوعية هي فرض الحزب الواحد الرأي الواحد الحاكم الواحد

فرض القطيعة التامة بينهم وبين الماضي معتقدين  ان الحياة بدأت بهم وتزول بزوالهم

 الغاء الآخر تماما وانهم وحدهم  اهل العقل وما تبقى جهلاء ومجانين

وما حدث في العراق وفي الوطن العربي من ردات عنف وتخلف وعودة الى الوراء الا نتيجة لذلك المرض الضعف الخطأ  لان الانقلابات العسكرية والثورات المسلحة والدعوة الى التغيير كانت سطحية وفوقية لم يحدث اي تغيير في القاعدة بل كثير ما ضللت وخدعت واصبحت وسيلة لتحقيق مآرب الطبقة العليا الفاسدة وكانت القاعدة الضحية من حيث لا تدري وعندما وصلت الى حالة الغليان انفجرت فكانت الفوضى

بعد التغيير التحرير الذي حدث في العراق في 9-4-2003 نعم تحرير لان عقل الانسان العراقي تحرر وكسر قيوده حيث اصبحت له القدرة على الانطلاق من قناعته الخاصة لهذا كل شخص كل مجموعة انطلقت من مستوى وعيها عقلها   فسادت الافكار الطائفية الدينية القومية العشائرية المناطقية واصبحت هي الغالبة والمسيطرة وهذا امر طبيعي فشعر الكثير من الذين ينطلقون من منطلقات عراقية وطنية ويرغبون في بناء عراق مدني ديمقراطي ودولة يحكمها القانون والمؤسسات القانون انهم لا مكان لهم ولا تأثير فالكثير من هؤلاء انتمى الى احزاب كبيرة لعله يحصد شي شخصي وبالتالي استفادت منه تلك الاحزاب ثم رمته بعيدا وهناك من جعل من نفسه ثورجيا وقرر تحرير العراق واصطف مع المجموعات الوهابية والصدامية ولا يزال رغم انه غير معروف ولا مكانة له لكنه اساء الى القوى المدنية الديمقراطية وطبعها بطابعه  ولم يبق غير الحزب الشيوعي مؤيدا للعملية السياسية ولبناء عراق مدني ديمقراطي في جو صعب وبحر هائج تأتيه الضربات والهجمات من اطراف محسوبة على اليسار على المدنية على الديمقراطية  ومن اطراف معادية للديمقراطية والمسار الذي اتخذه الشعب العراقي فاوقعته في أخطاء عديدة واضعفت دوره وجعلته يجامل وحتى يخاف من اتخاذ مواقف شجاعة

نعود الى توجهات الحزب الشيوعي العراقي الجديدة التي اعلنها السيد رائد فهمي زعيم الحزب الشيوعي الجديد

قال ان خطوتنا  المقبلة ستتركز على تجميع وتوحيد سائر القوى الديمقراطية والمدنية بطيفهم المتعدد والمتنوع وفق الاسس المتبادلة وقال اننا سنتفاعل مع اي مبادرة او اي تحرك بهذا الصدد لتحقيق شعارنا في اقامة دولة  الديمقراطية المدنية العدالة

لا شك ان هذه الخطوة اذا تمت ونجحت  يعني وضع العراقيون على الطريق الصحيح وبدءوا فعلا في علاج انفسهم وبناء وطنهم  فالحزب لم يحدد شي ولم يفرض شي حتى لم يقدم مبادرة معينة بل دعا القوى التيارات التي تستهدف بناء عراق موحد مدني ديمقراطي وحكومة عراقية تضمن للعراقيين المساوات في الحقوق والواجبات وتضمن له حرية الرأي والعقيدة الى الاجتماع الى عقد مؤتمر لتوحيد جهودنا وحركتنا وفق تيار تجمع يتحرك وفق خطة موحدة برنامج واحد

فعلى القوى المدنية الديمقراطية  التي ترغب في تأسيس دولة مدنية ديمقراطية تضمن العدالة والمساوات للجميع ان تعي انه لا يمكن ان يحدث ذلك الا بالديمقراطية وحرية الرأي والفكر واحترام القانون لهذا فان مهمة القوى الديمقراطية والمدنية الاولى هي دعم وترسيخ الديمقراطية احترام ارادة الشعب مهما كانت النتائج ويجب ان يكون قربها وبعدها  للاحزاب والتيارات الاخرى من خلال قرب وبعد تلك الاحزاب والتيارات من الديمقراطية احترام الدستور المؤسسات الدستورية

كما عليها ان تعي ان للديمقراطية اخلاق وقيم خاصة لا يمكن للشعب الذي تغلب عليه اخلاق وقيم الاستبداد والرأي الواحد ان يؤسس مجتمع ديمقراطي لا بد من تغيير تلك القيم والاخلاق باخلاق وقيم ديمقراطية وهذا يتوقف على القوى المدنية والديمقراطية ان تنزل الى الناس الناس لا تصعد اليها ان تذهب الى الناس الناس لا تأتي اليها

كما عليها اي القوى الديمقراطية المدنية اذا توحدت ووضعت خطة ان تعي لا يوجد فكر واحد رأي واحد له القدرة على الحكم بل كل الافكار والاراء تطرح ومن حق وواجب كل انسان يطرح فكره رأيه وتتفاعل هذه الافكار والاراء اي تتلاقح لا تتصارع وتنتج ثمرة جديدة هي التي تحكم وهكذا تتجدد الافكار والاراء وتتجدد الاثمار  وبالتالي تتطور الحياة وترتقي

 

مهدي المولى

 

في المثقف اليوم