أقلام حرة

حميد طولست: فوضى الأعيـــــاد

hamid taoulostالأعياد مناسبات عظيمة وجليلة في نفوس المسلمين في جميع بلدان العالم العربي والإسلامي، وقد تتحد في الكثير من مظاهرها وأنماطها بين العديد من الشعوب، بينما قد تختلف في بعض العادات والخصوصيات من بلد لآخر، دون أن تمس جوهر العيد،  لكن واقع حال الدول العربية والإسلامية هذا العام كشف عن اختلاف فاضح في موعد الاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف، وتباين كبير في تاريخ مولده، ما أوقعني في حيرة من أمري أمام مصر تحتفل بمولد نبي المسلمين في توقيت مخالف لإحتفال المغرب، حيث احتفلت مصر به يوم الأحد، واحتفل المغرب يوم الإثنين، وكأن عيد المولد أعياد متعددة وتواريخ مختلفة لمولد نبي واحد بدل عيد واحد وتاريخ موحد لدى جميع المسلمين، الذين انقسموا فيه إلى مجموعات أعلنت كل واحدة منها موعدا خاصا بعيدها.

إنه  ليس بجديد ولا بغريب، أن يختلف المسلمون في أمورهم عامتها، فقد تعودت الأمة على أن تختلف حول تواريخ الأعياد المتعلقة بالأهلة، كعيد الفطر والأضحى، واللذان يبلغ أحيانا الفارق الزمني بينها، إلى يومين كاملين، وحتى بين البلدان ذات الحجوج المتجاورة منها، خاصة موعد عيد الأضحى المرتبط بتحديد يوم وقفة عرفات التي تجري على أراضيها، والتي تعد الركن الأعظم في أداء فريضة الحج الذي يذكر أمة التوحيد، بأنها أمة واحدة يجمعها رب واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة، والمفترض أن تكون كتلة واحدة موحدة، ومن الطبيعي أن تكون أعيادها واحدة وعلى رأسها المولد النبوي المحدد بتاريخ وفاته صلى الله عليه وسلم .

فهل حان الوقت لتحقيق تلك الوحدة ولو في أبسط صورها أن تتجلى في "المولد النبوي" حتى تتجنب تشويه صورتها في أعين غير المسلمين من اليهود والنصارى والبوذيين والهندوس، الذين لا يختلفون في موعدٍ من مواعيد أعيادهم رغم اختلاف جنسياتهم و أجناسهم وتنوع لغاتهم وتركيباتهم وكثرة آلهة بعضهم؟ 

وهل بمقدور العرب والمسلمين الاتفاق على الحد من وتشرذمهم واختلافاتهم وانقساماتهم الفكرية والدينية والسياسية ؟ نعم وبكل تأكيد، يستطعون ذلك وأكثر، إن هم استطاعوا الإبتعاد عن طائفيتهم الضيقة ومذهبية المتخلفة، التي تتصدر كل صغائر أمورهم قبل كبائرها، التي تجعل الجميع ينظر إليهم على أنهم أمة لا يمكن أن توحد صفوفها، أو تملك مشروعاً يجمع شعوبها تحت لواء واحد ويحقق الأمن والاستقرار فيما بينها، ويعملوا بقوله تعالى: ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البيان وأولئك لهم عذاب عظيم) صدق الله العظيم).

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم