أقلام حرة

عقيل العبود: ليس الموضوع حكومة الدكتاتور ايام زمان، انما الموضوع حكومة بغداد هذا الزمان

akeel alabodالعراق وفقا لبغداد، مشاهد بقيت تنبض بالحياة. هي حتى نهاية السبعينات، ابان عصر الطاغوت، صور تنام وتصحو معي، حكايات ما زلت اذكرها.

انذاك الجسور والبنايات وأنفاق العبور تنبض بالعابرين،  كما دجلة والفرات، وبصرة البواخر والنخيل. البناء المعماري ومحطات توليد الطاقة والكهرباء. الجسور و الإنفاق والشوارع؛  شارع الأميرات،  والنهر، والمتنبي، والسعدون.

سكك الحديد وباصات النقل، ومصلحة نقل الركاب، ومحطة العلاوي. الحدائق ومحلات بيع الزهور. الاحياء البسيطة والشناشيل، والمقاهي، ويتبعها ايضا المطاعم والواجهات الزجاجية لدور العرض، وفنادق الخمس نجوم، وأسواق الاورزدي باك. بالمقابل المناطق الخضراء كالكرادة والمنصور والأعظمية. 

المراقد المقدسة، والمتاحف انذاك، كما حمورابي وزفورة اور، والجنائن المعلقة ومراكز الاثار، وبيوت الفولكلور والتراث كلها عامرة. 

المسارح، العروض الخاصة بإنتاج الأفلام العالمية. سينما بابل، قاعات الفنون، ودور الثقافة بغض النظر عن طبيعة النظام ودكتاتوريته البغيضة،  مهرجانات ما زالت احداثها تسري في عروقي، تنام وتصحو معي. انداك بغداد كانت لفيروز اغنية تتلى على مسامع الوافدين من جميع أنحاء العالم العربي، وغير العربي، تلك بطاقات بقيت اثارها تحمل لغة التاريخ.

العلوم والاختراعات، المدارس والمعاهد والكليات، الطب والأطباء، مستشفيات الجراحة، مختبرات التحليلات المرضية، العقول والمهارات الطبية، أساتذة الجامعات، اصحاب الانجازات العلمية، الخبرات التكنولوجية والتقنية.

ولكن العقبة الكاداء هو الدكتاتور ونظامه الذي كان سلاحه الموت والتخويف وأجهزة الأمن والسجون السرية، هذا الذي على اساسه اختلط الحابل بالنابل، وبسببه اختلطت جميع الأوراق والأقنعة، وبسببه ايضا سلبت لغة الانتماء الى الوطن، حتى تحولت هذه اللغة المقدسة الى بهرجة إعلامية تقودها سياسات الاعلام الهجين والركيك، حتى بفعل ذلك. أتيح للهزيل ان يسرق ويفعل ما يشاء، فسرقت الاموال، وامتهنت حرمة الشهادات العلمية والكفاءات، كما سلبت حقوق من لا حول لهم ولا قوة تحت عناوين اريد منها باطلا تضليل العقول. 

لذلك مساحة الفقر والمرض والجوع اتسعت بقدر هذا الذي فرضته الفوضى والسرقات ومعاملات الزور وأشغال المواقع المهمة لمن لا يستحقها من البعض من الحكام والمسؤولين،

هؤلاء الذين يبررون اليوم أكاذيب زيفهم تحت قناع ما يسمى بعصر التغيير؛ هذا الذي تحت غطائه زهقت ارواح، وسرقت أموال، وهدمت محافظات، وانتزعت وأحرقت اثار، واجهضت قيم.

لذلك ولغرض المقارنة بين زمان مضى وهذا الزمان،  السؤال الذي يطرحه عامة الناس، ماذا عملت هذه الحكومة بكل وزاراتها، هل تم وضع خطة لازمة الفقر والجوع والسكن والتخطيط والطاقة والرواتب، وأمور الصرف الصحي، والعلاج؟

بغداد التي قررت ان لا أعود اليها، فارقتها وحرمت منها مرتين؛ الاولى يوم كان يحكمها الدكتاتور بعصاه وهراوته الغليظة، والثانية يوم رأيتها وكل العراق يحكمها هذا النوع من الكذب والنفاق والتزوير؛

النتيجة لم يبق من خزينة العراق الا اشلاء قروض تم الاتفاق عليها سلفا لترميم فراغ ما تم الاحتيال على سرقته والاعتداء عليه بحجة عقود ومشاريع.

لذا كما يقول احد الشعراء" فارقت بغداد الحبيبة مرغما" تراني اقول مستانفا وارغمت بعد فراقك يا بغداد ان أموت عنك بعيدا.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم