أقلام حرة

فاطمة الزهراء بولعراس: قلبي عليك يا (بلدي)

fatimaalzahraa bolaarasنحتاج ألى كثير من الصّبر والأناة كي نكتب عن الوطن كما نحتاج إلى الهدوء والتفكير العميق لأن إلقاء الكلام على عواهنه يسئ إلينا وإلى وطننا ويضرّنا ويضر أوطاننا التي هي أصلا تعيش المعاناة والتخلف لأسباب منا وأسباب من التاريخ وحتى الجغرافيا.

ينبغي ألا يكون كلامنا مجرد رد فعل لمواقف استفزتنا أو آراء صدمتنا إذا كنا مبدئيا قد قبلنا بأن الناس أحرار فيما  يقولون، لكن أغلبنا فيما أعتقد يتبنى قاعدة: (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطا يحتمل الصواب) وربما أكثر حين يعتقد البعض منا أن رأيهم صواب دائما ورأيك خطا وأنهم أحاطوا بكل شئ علما. بهذا المنطق الغريب أخطأنا في حق أنفسنا وأوطاننا ، لأن الحياة أبسط من كل هذا حيث أننا نتشدق بأن من أصبح آمنا في سربه وملك قوت يومه حيزت له الدنيا بأكملها فأين نحن جميعا من هذا الصواب وهذا الحق وهذه الهدى؟.. لقد تبنينا ما نهينا عنه وجرينا وراء(الحلوة الخضرة) نعب منها عبا ونكرع منها كرعا لا يردنا عقل ولا تصدنا قناعة..وشعارنا (لا أحد أحسن من أحد) بينما أغلبنا يحضّر وينظّر وينصح ويجزل النصح ولا يستوفي من نفسه الحساب، وكأنه لا ينطق عن الهوى.

المسئول يقول ما لا يفعل و الشعب يهرف بما لا يعرف وكل الجهود المخلصة الأخرى تضيع هباء ولا أصدق أن ما من رجل رشيد في هذا البلد الرشيد.

ولأني أكره المزايدة في حب الوطن وأعتقد (جازمة) أو على الأقل صادقة أن حب الوطن فطرة لأنه متوطن فينا أو أننا متوطنون فيه فإن علينا جميعا أن نترك الحماس الزائف ولا نرفع عقيرتنا بالصياح لأن زمن العنتريات قد ولى ومعه زمن المعجزات.

جميل أن تكون لنا أقلام تعبّر عن أغلبيتنا لكن على شرط أن تتنزه عن الأطماع وتخلو من الغرور

وجيد أن يكون لنا خطباء وسياسيون يراقبون ما يحدث ويتعقبون ما يجري ولكن بعيدا عن ترصد الأخطاء قريبا من الإحاطة بالبديل والسوي من الرؤى والآراء

لا يوجد عدل مطلق لا في الشرق ولا في الغرب، ولكن هناك محاولات واجتهادات للوصول إليه بنسبة ما وعندما يتعارض هذا العدل مع المصالح والأنانيات الشخصية فإنه لا يتحقق أو يتحقق بنسب ضئيلة كما نرى، وذلك حسب الظروف الأخرى المحيطة بالاجتهادات البشرية وأهمها (الأمن)..لكن هذا الأمن لا ينبعي أن يتحول إلى غول تهدد به الدول رعاياها، بينما تلجأ الرعية إلى الإعاثة فيه(إرهابا) وترويعا للجميع وقد تبادر الدول بخلقه كنوع من أنواع السياسات الخرقاء التي ستؤدي إلى حروب لا تنتهي وهذا ما هو حاصل فعلا. فلولا الانانيات والمصالح لما كانت حروب ولعاش الناس آمنين في كل مكان. ولكن ربما كان لابد من كل هذا كي يقدر الإنسان نفسه نعمة الحياة

الحياة أغلى ما يملك الجميع غنيهم وفقيرهم عالمهم وجاهلهم وهي منة من الله ولا حق لبشر أن يسلبها من آخر مهما كانت الأسباب والذرائع، ومع ذلك فكثير من الخلق وسوست له نفسه بأن ما يفعل ويقول صواب ولا يحتمل الخطأ  حتى لو كان نتيجة ذلك دمار الإنسان وهلاك النسل والحرث والزرع.

وعليه ينبغي التأني والهدوء ولا نلجأ إلى تحسين أحوال الناس بسلب الحياة من آخرين أو ترويعهم ولا نلجأ إلى الكذب والمراوغة من أجل حيازة دنيويات زائلة بزوالنا. وأنا هنا لست ناصحة وإن كنت فاعلة فلنفسي وإنما هي مجرد أفكار راودتني وأنا أرى بعض الناس لا تتورع (في أطماعها) أن تصل بالوطن إلى التهلكة وكان لزاما أن أضع يدي على قلبي لأكتب (قلبي عليك يا بلدي) لكني واثقة كل الثقة أن الكثير من أبناء وطني يفعلون ويرددون في أنفسهم (قلوبنا عليك أيها الوطن الغالي) لذلك فأنا متفائلة بكل جميل.

 

فاطمة الزهراء بولعراس

 

في المثقف اليوم