أقلام حرة

الدولة الكردية.. حلم الاكراد القديم

نال اقليم كوردستان، شبه الاستقلال والحكم الذاتي منذ 1991 وبالتحديد بعد الانتفاضة الشعبانية وانسحاب القوات العراقية من الكويت، لكن لم تعترف اي دولة باستقلال وانفصال الاقليم من العراق، بسبب عدم مطالبة الاكراد علنا الانفصال، حيث لم نسمع منذ 1991 وحتى سقوط الطاغية سنة 2003 ان قياديا كرديا طالب باستقلال كوردستان مثلما يطالبون الان.

ويبقى السؤال لماذا يطالب الاكراد بالانفصال منذ سنوات وهم شركاء رئيسيون في الحكم والعملية السياسية الجارية في العراق ؟

ان الرسالة التي دائما يوصلها رئيس اقليم كوردستان الى العالم ان الاكراد لا يستسيغون العيش ضمن الجمهورية العراقية ويبدا التحدث دائما امام الاعلام بحق الانفصال وحق تقرير المصير.

لننظر لحظة الى مستحقات الاكراد من الوطن الام بعد 2003 ولغاية هذه اللحظة !

17% حصة الاقليم من الموازنة مع حصة وزارية ونيابية برلمانية وحصة في الرئاسات الثلاث لم يتم التفريط بها نهائيا على مدى الاربعة عشر عاما الماضية .

اذن سيكون سؤالنا التالي ما هو طموح الاكراد الذي سيحققوه من الانفصال واقامة الدولة ؟

الاجابة واضحة هي ضم ثلث مساحة العراق، ضمن الدولة المزعومة والتمسك بكركوك ونفطها، والاحداث التي حصلت في كركوك كثيرة تفضح المطامع الكردية فيها بالاضافة الى المعابر الحدودية، التي ستكون للدولة الجديدة ووارداتها، والسياحة من باب اخر بسبب الطبيعة الخلابة لشمال العراق، وامتيازات اخرى كثيرة منها اقتصادي ومنها اجتماعي ومنها سياسي والاهم من هذا وذاك الدولة المسماة بالامة الكردية التي يحلمون بها منذ سنين.

اصبح الأكراد من اللاعبين الرابحين في العراق بسبب رسم سياسة معينة طبقت من قبلهم بعد 2003حيث! التخطيط الناجح، والمشاركة الفعالة في حكم العراق مع بقية المكونات العراقية الاخرى، فسيطرتهم على رئاسة الجمهورية من جهة، ووزارة الخارجية من جهة اخرى ساهما في فتح نافذة حوار مع العالم العربي والدولي، واقامة علاقات طيبة مع الاقليم لتهيئته للانفصال، واقامة الدولة الكردية هذه الدولة التي لن يعترض عليها الكثير من دول العالم، بسبب وصول رسائل عن طريق الدبلوماسيين الاكراد الذين كانوا يمثلون العراق في السفارات العراقية، في دول العالم المختلفة، تشرح تلك الرسائل مظلومية الاكراد الى تلك الدول وكذلك تشرح معاناتهم من الوضع الامني الراهن، والشكوى من الارهاب المتطرف الذي جاء من خارج الحدود الى العراق وكيف انه سيطالهم بسبب ضعف الاجراءات المتخذة من قبل الحكومات المركزية المتعاقبة في بغداد.

في نفس الوقت ومنذ سنوات، استقرار الاقليم امنيا ساعد في تطور وتقدم البنى التحتية واستقطاب شركات الاستثمار العالمية المتقدمة هناك، مما ادى الى انتعاش اقتصادي في الاقليم، فيما تازم الوضع في غرب ووسط العراق، بسبب الارهاب الذي استنزف الاموال والرجال، بالاضافة الى تولد شعور التذمر من قبل الشعب العراقي على الحكومة المركزية، بسبب السيارات المفخخة، والتقشف الحاصل وضياع اموال الموازنات بدون تقدم ملحوظ، كذلك البنى التحتية السيئة، التي لا تجد مسؤول ذكي وطني ينزل الى الساحة الميدانية لمعالجتها الا القلة القليلة من المسؤولين الشرفاء، ذلك جاء بسبب الصراع على المناصب والتحاصص الحزبي، كل هذه الاسباب وغيرها الكثير جعل من المترقب الكردي ان يمارس سياسته بذكاء.

لكن يبقى من هو اذكى منه واقوى منه وهو الرافض لاقامة الدولة الكردية على ارض العراق وهي دول الجوار وهي تركيا سوريا ايران وهي ترفض اقامة هذه الدولة بسبب مصالحها لا بسبب وحدة العراق وعدم تقسيمه.

مما ادى الى تاخر اقامة الدولة الكردية المنشودة، فلكل دولة مجاورة للعراق لها مصالح معينة، ففي تركيا يمثل الاكراد النسبة الاكبر حيث يصل تعدادهم الى 24 مليون نسمة ويمثلون 17 بالمئة من تركيا ومن الممكن أن يكون انفصال اكراد العراق بدولة مستقلة مشجعا ﻷكراد تركيا علي الانفصال خاصة مع ازدياد العلاقات بينهم وبين الدولة التركية سوءا.

أن تركيا تدك الأكراد في الجنوب، وتقاتلهم أيضًا في سوريا، وتتعاون مع كردستان لملاحقة حزب العمل الكردستاني لديها، حتى لا يسيرون قدما في حلمهم القديم بتأسيس دولة كردية كبرى، تنتزع حدودها من العراق وسوريا وإيران وتركيا.

كذلك! فإن انفصال كردستان ستكون له نتائج عكسية على إيران, حيث يمثل الاكراد في ايران مانسبته تقريبا 6 -7 بالمئة من مجموع سكان ايران الذي يتجاوز 70 مليون نسمه, بالتالي سيجعل اكراد ايران بالمطالبة بالانفصال .

هذه كانت اسباب النجاح واسباب الفشل لاقامة الدولة الكردية، برائي سيقدم الاكراد على طرح امور اخرى جديدة، لتحقيق الهدف الاسمى لديهم واقامة دولتهم المنشودة، لكن في كل هذا، لم نجد من يدافع عن وحدة العراق غير الشرفاء الوطنين الذين تربوا على هذه الارض، وذاقوا طعم حلاوتها الذين دائما نسمعهم يطالبون بوحدة الارض، وعدم تقسيم البلد، فنتمنى من الله ان يحفظهم، ويطيح بالمتامرين والمترقبين، وان يقول الشعب رائيه بتقديم ناس اكفاء ينتخبهم ويكونوا حريصين على وحدة البلد وبناءه, ولا ينتخب اشخاص حريصين على جيوبهم وكراسيهم، الحل اذن هو بيد المواطن لا بيد المترقب الكردي ولا بيد المسؤول الفاسد.

 

ندى صبيح

 

في المثقف اليوم