أقلام حرة

قارون العصر وعبيد المال

لا أدعي الفهم في السياسة وهي أبعد ما تكون عن اهتماماتي لولا أنها أصبحت تتسلل إلى حياتنا مع الهواء الذي نتنفسه والطعام الذي نأكله فكل ما يحدث للبشر من كوارث هي بسبب القرارات السياسية التي تمليها المصالح على (الاقوياء). وقدلا تكون لرأيي أية قيمة لكني سأدلي به واعتبره مجرد انطباع ربما يجد الصدى عند الكثيرين من أمثالي المتهمين (بالسذاجة) ولو لم أكن كذلك (كما اتهموني) لما كتبت في هذا الموضوع (الخطير) أو عن هذا القارون (دونالد ترانب) .وأين أنا من الصحفيين المتمرسين والخبراء والمحللين وأساتذة العلوم السياسية في نيويورك و باريس(باغي اقراوها بلغة باريس رجاء)  ولندن وغيرها من عواصم العالم الكبرى. لكن المتأمل العاقل ولو كان ساذجا مثلي سيدرك ببساطة أن الإنسان هو الإنسان (حيث وكيفما  كان) هو نفسه الإنسان الذي وجد منذ قرون بكل أخطائه المتكررة ،بكل غروره، بكل صلفه وكبره وعنجهيته، يتكرر في كل عصر في مكان ما هنا وهناك. وهكذا تكرر فرعون وتكررهامان ونيرون وهولاكو وهتلر وقارون، وهاهو قارون العصر يتكررفي الرئيس الأمريكي الجديد ويبعث بأمواله وما يدعي من (جماله) وأنه أوتي كل شئ على علم وهاهم الناس حوله يصنعون (سطوته) ويؤكدون (قوته) بما يكتبون بما يراقبون ويتتبعون من لحظاته وهنيهاته الغارقة في الفوضى والغرور.

فإذا كانت (و م أ) قوية وعظيمة بدون ترامب فكيف نتوقع أن تصبح في نظر الضعفاء المنبهرين أو لنقل (المستضعفين) وهم يرون هذا (الفتى الذهبي) يعتلي عرش المغرورين ويتحدث عاليا باسمهم ولا يلتفت إلى وراء؟

فد يلطّف من غلواء (الأنانية والغرور) لدى الأمريكيين تلك المظاهرات التي يقوم بها البعض منهم وتلك الاعتراضات التي يتصدون بها لقرارات الرئيس وحتى ما يكتبه آخرون مستنكرين سياسته لكنه كل هذا مجرد نقطة في محيط التجبر (الأمريكي) والتكبر(الغربي) الذي لم ولن يتغير مهما انتظر المستضعفون الذين صنعوه بانبهارهم.

ماذا قدم أوباما للعالم؟ أوباما الذي كان عاقلا وحكيما وإنسانيا؟ ولماذا ينتظر العرب من الرؤساء الأمريكيين أن يحلوا مشاكلهم؟

إن الرؤساء الأمريكيين إنما جاؤوا لخدمة بلدهم وشعبهم وعندما جعل ترامب شعاره أمريكا أولا فإنه لم يأت بجديد لقد كان أقل دبلوماسية ونفاقا سياسيا ليس إلا.

إنها سياسة أمريكية خالصة تُدرّس وتُحفظ ويُقاس عليها وهم محقون في ذلك فأحسن ما يفعله أي رئيس هو أن يخدم بلده ولا شك أن هؤلاء الرؤساء يعرفون (مصلحة بلدهم) جيدا وليسوا في حاجة لمن يذكرهم بها إنما السبيل علينا نحن العرب الذين أضاع حكامنا بلدانهم وشعوبهم وأهانوها وأصبحوا يقفون كالمتسولين أمام رؤساء الغرب وأمريكا يطلبون دعمهم ومساندتهم رغم أنهم لا يلقون سوى التعنت والغرور

والأكيد الآن أنه عندما يجوع الناس في الصومال ويموتون في العراق وسوريا وغيرهما فلا نتوقع أن يتخلى ترامب عن كراسيه (الذهبية) كي يطعم الفقراء ويحمي الضعفاء الذين تخلى عنهم حكامهم واسترخصوهم في سبيل كراسيهم (الخشبية) المتضعضعة

لأن ترامب ليس إلها ولكنه بشر (تألّه) بفعل الأفكار العنصرية المزروعة في الفكر الغربي وبفعل الخنوع الذي يجده عند الحكام العرب فلا ننتظر أن يكون الرئيس الأمريكي إنسانيا  من أجل شعوب أجرى يعاملها حكامها بمنطق فرعون وقارون معا. ألم يصف أحدهم شعبه بالجرذان؟ هذا الذي تكلم أما من صمتوا فقد فعلوا الكثير مما نعلمه ونجهله ونحن صامتون  وخائفون كا(الجرذان)؟؟

عجيب أمرنا  إذا انتظرنا شيئا من ترامب بينما نحن على يقين أن أغلب حكامنا يقولون (ليت لنا ما لترامب إنه لذو حظ عظيم) ولن يأسفوا حتى لو خسف بهم كما حدث لقارون.

باختصار إنه عصر الظلم والطغيان عصر فرعون وقارون ومن يشبهونهما أما ماعدا ذلك فمجرد تسلية تطل علينا من الفضائيات ونقرأها في الصحف والجرائد اليومية كي نقتل بها الوقت الذي يقتلنا ونحن غافلون.

 

فاطمة الزهراء بولعراس

جيجل  (الجزائر)

في المثقف اليوم