أقلام حرة

ما يحمله اردوغان هو هوس امبريالي قومي تركي

في خضم الاحتدامات السياسية والتصريحات الاعلامية وما تطلق من العبارات الرنانة من جهة والتهديدية من جهة اخرى وما يفكر به قادة تركيا، يبين لنا صلب ما يفكرون به دون ان ان نجهد انفسنا في التحليل والتفسير ودراسة ما يريدونه للمنطقة والعقلية التي يتعاملون بها الاخرين . والمنطلق الجوهري الرئيسي لتحركات تركيا وعلى راسها اردوغان هو استغلال الدين والمذهب سواء اخذ الدرس واعتبر من ايران محاولا ردع  الاخر مع الانتشار خارج حدود بلده بالتنسيق مع من يوافقه سواء الشعوب او الدول واكثرها عربية ام يريد اعادة التاريخ دون دراسة معمقة وبعشوائية فكرية وسسياسية. ولسوء الحظ ان اردوغان يتلاعب بهؤلاء باسم الدين والمذهب دون ان يعلموا، وبمجرد ينطق او ينبس بكلمة تقع ضد توجهات ايران يراهم انهم ينجرون وراءه ولا يعلمون بانه يريد تحقيق اهداف اخرى والتي ستقع على حسابهم ايضا ولا يعيدون الى الاذهان ما يعمله اردوغان مع اسرائيل حتى، والذي يقع عكس ما يديعه على العلن تماما . انه يحمل هوس قومي ونرجسية شخصية وعقلية عثمانية او طورانية غاية الخطورة للجميع ومنهم العرب ايضا لكونهم غافلين وام يسيرون عليه وما  يعملون به يقف على رد الفعل وليس اكثر . اي ينبطحون لاروغان او لغيره لمجرد ان صارع ولو سطحيا ايران باسم المذهب او القومية .

لو اراد العرب كما القوميات الاخرى ان يعلموا ما ينويه اردوغان لتابعوا افعاله وسلوكه ومواقفه من قضاياهم ليتاكدوا ان كل ما ينطق به  ليس الا لهدف ومصلحة ذاتية بعيدة عن ما يؤمنون هم او لاساس لاي مبدا في عقليته سواء كان دينيا او مذهبيا . انه يريد ان يكون سلطانا تركيا قحا وان يعيد امجاد العثمانية في عصر لا يمكن ان يفعل هذا الا بمساعدة الاخرين ومن خلال ثنايا خلافات دينية مذهبية ودون ان يتطرق الى ما يهمه وهو ما يحمله من هوس امبريالي قومي تركي ليس الا .

تركيا تريد ان تكون لها اليد الضاربة لمن يحاول ان يكون له الكلمة من خلال التراوغ واللعب على الرنة المذهبية عند العرب والعدائية القومية ضد الكورد والمصالح الدبلوماسية لدى ايران والاستناد على الاقتصاد والمصالح الخاصة لدى جيرانها الاخرين وفي مقدمتهم روسيا .

اي ما يحمله اردوغان هو التلاعب على الحبال العديدة وفي بعض المرات بيد واحدة، دون ان يعلم بانه يدها الاخر مقيدة داخلية وما يعانيه من المشاكل الداخلية بانواعها السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية يمكن ان يفشله خارجيا ايضا كما يجري حتى اليوم  .

بعد ان ياس اردوغان من اوباما في حينه ادار وجهته وارتمى في حضن بوتين لعله يؤثر على توجهات امريكا فقط وليس التغيير الاستراتيجي وهو يريد ان يعيد الكرّة كي يصبح الطفل المدلل لديها مرة اخرى، رغم التغييرات الجذرية  في المعادلات السياسية الرئيسية للمنطقة والتي حدا الى ان تكون تركيا في مرتبة ادنى من الاهمية للسياسات التي كانت اهم من غيرها  قبل هذه المرحلة . لقد تغيرت المرحلة بكل ما يحمل، وتغيرت الاولويات السياسية لجميع دول العالم في هذه المنطقة، وتغيرت السياسات المختلفة  المتبعة لهم في هذه المنطقة ايضا، ولازال اردوغان يعتقد متوهما بانه العامل الحاسم لكل ما يجري في هذه المنطقة و غير قارئا لما تحت البساط الا من خلال طموحاته العاطفية وما ينويه فقط .

يريد اردوغان ان يعيد التاريخ دون ان يقرا الافكار المستجدة والثقافات المتغيرة وما فعلت العولمة بالمنطقة والعالم ايضا . لو تابعنا التصريحات المتناقضة له بين ليلة وضحاها نرى مدى التخبط التي فرضه عليه ما يحمل من الافكار والرؤى للمنطقة وما يريد هو ومن ثم دولته ان تكون عليه المنطقة كي يحقق طموحاته ويسجل لنفسه التاريخ . فهل يعتقد ان زمن العثمانية لازال باقيا ويمكنه ان يعيد الكرّة وهو يعلم انه لازال متخبطا ولم يحكم سيطرته الشخصية على بلاده بشكل كامل، انه يعتقد بان النظام الرئاسي سيفتح له الطريق ويفك ايديه على التمادي . وكما سمعنا من اعوانه بان الدولة التركية الحالية هي ليست الا تراجعا عن الحقوق الجغرافية والقومية والسياسية لهم، وعند امرار النظام الرئاسي سيمكنون من توسيع بلادهم  ولا يمكن ان يغفلون  عن حقوقهم التارخية  .  يا لهذا الوهم الذي يعيشون فيه ولديهم من العنصرية التي مر عليها الزمن دون ان يغيروا هم عقليتهم ويعيشون في اوهام ما يفرضه عليهم فكرهم التعصبي وما خلقته لهم فشلهم الذريع وتراجعهم وابعادهم عن الامبراطورية العثمانية، اي لازالوا يعيشون في عقدة الفشل والانكماش والتراجع للامبراطورية العثمانية التي مر عليها اكثر من قرن . لازال يعيش وهم وعقدة سيطرة القومية الفارسية لمدة طويلة على هذه المنطقة ومن ثم تراجعهم هم ايضاو احلالهم محلهم في كثير من المناطق، واليوم لديهم نزعة التوسع غير المجدي ولا يعلمون ان هذا الطموح الخيالي والحلم  لا يمكن تحقيقه في ظل ما هم عليه والعالم الجديد الذي نعيشه، وحتى يقف هذا الهدف الحصري عائقا امامهم في التعاون مع الاخرين اكثر من الشكليات في لقاءاتهم، الا ما ينظرون اليه من منظور واحد وهو القضية الكوردية وما يرهبهم ولكنهم ايضا يختلفون في كيفية التعامل معها ايضا .

اليوم يدعي اردوغان بان مشاكل المنطقة تتمحور حول الخلفية القومي باسماء وطرق وادعاءات مختلفة ويبعد الخلفية المذهبية لاغراض سياسية معلومة لدى الجميع، وهذا عند وجوده في منطقة يعلم بان القومية اهم من الدين والمذهب لديهم، ولكنه يتكلم عكس ذلك تماما عندما يحس بانه يكسب ود من يهمه الصراع الديني المذهبي، وفي منطقة اخرى يدعي الاثنين معا عندما يحس بانه يمكنه ان يدخل البيت السياسي من ذلك الباب . انه يريد من جهة اخرى ان يخرج من المشاكل التي يمكن ان يضع نفسها فيها عند النطق بالمشكلة الحقيقية ويريد ان يقنع الاخرين من اجل ما يهدف وهو غير ما يتكلم به او ينطقه تماما . فهل يتمكن بما لديه من هذه القدرة الضعيفة على الرغم من حيله وخداعه من كافة الجوانب ان يتقدم في طريقه التي رسمها في ذهنه ام يصطدم بالواقع اخيرا ويتعض ويتراجع . لو نريد تقيم ما يحمله اردوغان، نعلم بانه لا يحتاج الى جهد يذكر بمجرد لو جمعنا هذه التوجهات لنعرف ما يحمله اردوغان اننا نخرج بنتيجة مفادها بانه شخص نرجسي يحمل في قرارة نفسه هوسا امبرياليا قوميا تركيا في صلبه ولا يحمل من المباديء الاساسية الحقيقية للدين  او المذهب الذي يتخذه مطية لتحقيق ما يهدف في استراتيجية تفكيره العنصري النابع من تراثهم وما جبلوا عليه .

 

عماد علي

في المثقف اليوم