أقلام حرة

ماذا تستفيد كوردستان من جعل اربيل وكرا لنشاطات البعثيين؟

يبدو ان القادة في اربيل لازالوا على التوجه ذاته من ما ساروا عليه قبل السقوط والصراع الذي كان قائما بين الاحزاب الكوردستانية من حيث علاقتهم مع دول الجوار، غير ابهين بما تغيّر من الاوضاع السياسية .  لم يبق اي مبرر لديك على ان تبقى على العقلية والتوجه ذاته وتتعامل مع الاخر بما يمكن ان تفعل ما يمكن ان تضرب  حتى من تحت الحزام وتستقوي بعدو الامس دون ان تعتبر من التاريخ وما تاثرت به انت بنفسكقبل غيرك، وكيف فرض عليك ما اعتمدت عليه الفشل الذريع في اخر الامربعد ابرام اتفاقيات بين القوى الاكبر منك، وتاتي اليوم وتعيد اللعبة ذاتها مع تلك القوى وغيرها .

من هذا المنطلق يجب ان ندرس كيفية التعامل مع الجهات العراقية الداخلية مع التفاعلات الجارية والتداخل المفروض بين الجهات الخارجية والداخلية ومنها الجهات التي تقحم نفسها وكانها قوى داخلية عراقية، كما هو حال تركيا وايران وصراعهما في العراق سواء بشكل مباشر اوعن طريق مريديهما والتابعين لهما في بغداد واربيل .

نسمع في هذه الايام ان القوى والاجنحة البعثية تجتمع وتلتقي في اربيل بشكل دوري وتخطط بشكل علني وتتحرك بحرية تامة كما لم نلمسها او نسمع بها من قبل . هنا يمكن ان نسال لماذا ومن له المصلحة في ذلك وما هو دور القادة الكورد وموقفهم من هذا وماذا عن خصوصياتهم وكيف لايعلمون بانهم  يضرون بما يفعلون القضية الكوردية برمتها، لو خضعوا للامر الواقع بامر دول اقليمية، ام المصالح الشخصية والحزبية الضيقة قد غطت اعينهم دون ان يروا بعد خطوة عن توجهم وتوقعاتهم   .

هل تخطط السنة من اربيل لما تفضل ان تكون عليه العراق فيما بعد انهاء داعش، ام هل تريد السنة  ان تصارع الشيعة من اربيل وتستقوي بالكورد او جزء من الكورد بمساعدة تركيا والخليج، وهل من الممكن ان ينفذوا مع الكورد مخططات مشتركة يمكن ان تفرضه دول محورهم، وهذا المحتمل لما يمكن ان تسمى بدولة شمال العراق تاركين بغداد والجنوب للشيعة كما يمكن ان يحلوا لهم، وبه يمكنهم ان يقطعوا الهلال الشيعي في المنطقة ويمنعوا التواصل فيه، يعتقدون انه سهل المنال و يمكنهم بهذا منع ايران من التواصل على الهلال الشيعي ويعرقلون به ما يمكن فرضه في المنطقة من قبل ايران والمتبقى من العراق المستقبلي  .  اما نسبة النجاح لهذا السيناريو لا يمكن تقديره بل يمكن ان نجزم بان الكورد هم الخاسر الاول في هذا .

اما ان تجعل اربيلمكانا و مأمنا ومقرا دائما لمن استعمل كل ما لم يحله الله ضد الشعب الكوردستاني فكرا وعملا سياسيا وعسكريا ابان السلطة الدكتاتورية العراقية السابقة، فانه عمل بعيد عن الاخلاق والاداب والضمير الانساني ونُفذ باسم السياسة والحفاظ على امن العراق . انك لم تضع خطا احمرا امام تفكيرك وخطواتك لما تريده وتصارع من تعتبره عدوك الداخلي كما تصارع به الطرف الخارجي فهو ماسآة وكارثة سياسية لا تعرفها بعض الجهات الكوردستانية من اساسها، لانها استمرت في ممارسة المخططات التي ارادت بها نفي الاخر واعتمد عقلية ولبعة  اما انا او لا احد . وعليه غير مهم لديه ما يمكن ان نسميه القيم والاعراف الاجتماعية السياسية ايضا .

هل خرج الامر من ايدي السلطة الكوردستانية وانهم خضعوا لللجهات الاقليمية المنفذة ومن لديه بما يمكنه ان يلجمهم ان اعترضوا نتيجة ما لديه من نقاط ضعفهم السياسي والاقتصادي ويامرهم بما يجب  ينفذونه صاغرين وشاكرين .

من البديهي ان لا ينتظر الاخر بما تفعله ويفرض ما لديه من القوة لمنعك من هذا سواء يستبقك او يضع العراقيل الداخلية وبايدي الداخلية ان امكنه، وعليه لا يمكن ان تفيد بما تعلمه من ان تجعل اربيل وكرا للبعثيين وهم يهبون ويدبون وعلى الهواء مباشرة، فانك تغامر كل ما اكتسب من الشيء القليل بالدماء الغزيرة التي سكب من المضحين الشهداء من الشعب المغدور على امره دون ان تتوقف لحظة وتفكر بعمق على ما يحصل فيما بعد خطواتك البهلوانية .

لو فصلنا ما يجري بحذافيره، محاولة تركيا ودول الخليج مساندة السنة وبمساعدة الحزب الديموقراطي الكوردستاني وبشخص البرزاني مغرينه بمنصب ربما يكون وهميا الان، وبه تسحب البساط من تحت ارجله داخليا او عراقيا في ابقاء على اي خيط رجعة للتعامل مع المركز في حل المشاكل العويصة بينهما من جهة، وتسحبه من مجال ان يكون على الحياد بين المحورين مستقبلا .  العراق وبما فيه من السلطة الحالية هي الخاضعة بشكل واخر لما يهم ايران مهما نفت السلطة المركزية، اي لا يمكن ان تخطوا السلطة المركزية خطوة واحدة دون استرضاء ايران او دون ان تكون لصالح ايران، وعليه الخطوة الحازمة التي تريده ذلك المحور فانك خرجت من المعادلات الداخلية العراقية وفسحت المجال لاي خطوة عسكرية ممكن ان يتبعه المركز بناءا على هذا المبرر او الحجة  .

لذا، سواء علمت بنفسك ام لا فان هذه التحركات الخطيرة التي تتم في اربيل وبموافقتك ستكون بداية مضرة وتقع على مصالحك بعد انهاء مرحلة داعش، وانت تكرر يوميا بان طريق الاستقلال يمكن ان تبدا من ارضاء بغداد بما تنويه وتحل القضية باشترضاء وديموقراطية . فهل من الممكن ان تكون هناك دولة سنية باكثرية جغرافية وعددية من حيث النسمة وتشاركه انت الذي ليس لك اي مسند او دعم وتكون لك ما تريد او تحقق اهدافك خلاله، هذا خيال . اي الضربة الاولى ستكون ضدك ممن تتوافق معهم اليوم ولم تقدم لكوردستان غير الانقسام والانشقاق والتوزيع الاجباري على المحورين، وتبني بما تعمل حدودا جديدا وتقسم بها كوردستان الى خمسة ازاء بدلا من توحيدها . وعليه يجب الحذر الشديد من اللعب الاقليمة وما تحاول الدول وبالاخص المنقسمة عليهم الكورد من مخططات وسيناريوهات بعيدة الامد، واول المسؤلين على اي فشل للتربة الحالية بمشاركة القوى الخارجية في خططهم، هو البرزاني والحزب الديموقراطي الكوردستاني بشكل اكبر واكثر من الاخرين المنقسمين على المحورين .

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم