أقلام حرة

الفتنةُ لا تنام في المنطقة العربية والأديان لا تخمدها فكيف تزهر بالإسلام إنسانا ؟!!

ما بين لغةٍ ولغة تسقط أبجدياتٌ من إمبراطوريات الفعل النخبويِّ المزعوم ونبحث عن ذواتنا في قمقم هُويَّةٍ تجعلنا نتلاشى لكنْ نعودُ دوماً إلى مربَّعات النسب المتكسِّر على قبليتنا المدبَّبة وعشائريَّتنا المنتصبة كما كذبة قاماتنا التي غنَّى ينصبها مارسيل خليفة بعد أن تسرَّع سميح القاسم في كتابة الهامات المرفوعة ولا شمس تلوحُ في الأُفُق فاستمرَّ تكدُّس الشموس التي لا محلَّ لها فوق رؤوسنا التي تصلَّبتْ في أمجادٍ باتت تجعل الأديان عالةً رفع رايتها المسلمون أوَّلاً عندما لحقوا بركب عمر بن الخطاب حينما قال "نحن قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام " ونسوا أنَّ ما كان يقصده عمر بن الخطاب "نحن قومٌ أعزَّنا الله بالبنيان " فكلَّما توفرت مقوِّمات الدولة بقيت صامدةً في وجه الرياح العاتية وهل من إسلامٍ يُعزِّ دون أعمدة تجعله راسخاً أم سنبقى نظنُّ أنَّه سيرفعنا كما رفع الله السماء دون عُمُد ؟!!!!...

لن أبَرَّئ السياق التاريخيَّ للأنظمة العربية الحاكمة ولن أخرج من تاريخ الطبريَّ لأتغنَّى مع ابن زيدون بالدولة الأمويَّة ولن أكون شاعريَّاً في وصف هارون الرشيد وهو يدخل ما هبَّ ودبَّ من ملك اليمين ففجَّر أبناؤه كلَّ جنسيات العالم المتسارع قبلهم إلى السيطرة على بلداننا ومُقدَّراتنا وبأيادينا نحن لا بأيادي غيرنا ولن أقف مع المتنبي وهو يفتك بالإخشيدي ويبجِّلُ سيف الدولة  أو أبرِّر ل سيف الدولة الحمدانيِّ سقوط حلب ذات حقبةٍ في العصر الحديث برهنت أنَّ الشعوب لم تعتنقْ فكرة الاستقلال مهما دخلت في كلِّ مقادير التكوين وفي كلُّ أيقونات الحضارة التي نتغنَّى بها في تاريخ العرب والمسلمين الذين لن ينتهوا في كتب سهيل الزكار ولن يسكنوا فلسفة الطيب تيزيني أو جدليَّة صادق جلال العظم   نعم سقطت وبجدارة كل الأسس والمبادئ فلا قومية رفعت سقف توقعاتنا أو أنقذت حلم الدولة من وحوش القطعان الدينية الغرائزيَّة ولا عروبة عزَّزت مدَّ من يرفعون كذبة فارس وهم يطأطئون لحقيقة الصهيونية المارقة !! .............

سار الشاه تاركاً وليَّ الفقيه يكنسُ غبار العصرنة ويقبل بقبلته النووية إلى مصافي الدول القاهرة في المنطقة الشرق أوسطيَّة ربَّما من قمّ رفع راية القدس ليس صاغراً ولو فرضنا أنَّه كان تاجراً فتجارته رابحة أكثر من كلِّ صفقات الحُكَّام العرب التي تفرضُ عليهم صاغرين وما هم إلا ضحايا الاتفاق النووي الإيراني وضحايا الخلاف النووي الإيراني أيضاً وفكا إيران وإسرائيل يطبقان على دول الخليج ذات الحُكَّام التابعين التي تعتبر إيران عدوَّ اليوم ولا نراها تعتبر إسرائيل عدوَّ الغد !! .................

يتحوَّل صادق جلال العظم الذي من أشهر كُتُبه "نقد الفكر الدينيّ" إلى كائن ديني مازوخي يؤمن بأصوله التركيَّة ويكسرُ كلَّ قواعد الانتماء البنيويِّ الصحيح للأمَّة العربية التي كان من كبار منظِّريها السوريين روحاً وجسداً  ويضرب بعصاه التاريخيَّة العثمانية الموسويَّة كلَّ خرافات الأمجاد ويثبت بشكل قاطع أنْ لا ماضي يستطيع أنْ يُزنِّر الحاضر ولا مستقبل يستطيع أن يرى يد موسى بيضاء ناصعة طالما أنَّها ملوَّثة بحبر التاريخ المُجيَّر  المُزوَّر دوماً لصالح الأقوياء فالأقوياء فقط يكتبون التاريخ ولا حياد في فكر من يمسك القلم مهما ادَّعى المهنيَّة ولا مسافة واحدة من الجميع مهما تطوَّرت المقاييس ومهما كان مكيال الشرف المهنيّ دقيقاً وإن كان الذهب يقاس بالغرام فجولات التاريخ تقاس بالنانوكذبة التي إن سرت على صغرها ستصل الأجيال مقلوبةً رأساً على عقب وإنْ وجدتم يوماً الطيب تيزيني يشرق من حديث أبي هريرة ومن تكبيرة أبي بكر البغدادي ومن تصديقة أبي محمد الجولانيّ كي يكسر عنق المجوسيَّة الفارسية فاعلموا بأنَّ عروبته لم تنطلق من مقياس النبيِّ عليه السلام الذي قال عن الناس بأنَّهم سواسية كأسنان المشط  ومن شعر عليٍّ كرَّم الله وجهه  الذي قال :

فقد رفع الإسلامُ سلمانَ فارسٍ ..... وقد وضع الشّركُ الشريف أبا لهب !!

فهل أبو لهب هو من تحدَّث عنه نزار قبَّاني في السياق التاريخيِّ المنطلق من إسقاطات الشعر وتأويلاته  أم أنَّ أبا لهب هو من يصبُّ الزيت على النار كلَّما انطفأت نار الفتنة  ؟!!

و لنستفد في النهاية من الحديث المختلف عليه المتنازع على صحته ولربَّما هو بالمعنى الإيجابي أصحُّ من غيره بكثير "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها " وها هي استفاقت فماذا ستصبُّون عليها كي تنام من جديد ؟!!!

 

بقلم: الكاتب السوريِّ: لمهندس ياسين الرزوق

 

في المثقف اليوم