أقلام حرة

المجتمعات والنوازع السايكوباثية!!

هل أن المجتمعات تختزن نوازع سايكوباثية تعكسها في مَن تنتخبهم وتضعهم على كراسي المسؤولية والحكم؟!

السايكوباثيون يتميزون بصفة مشتركة وطاغية هي "موت الضمير"، فجميعهم وبلا إستثناء، لا توجد فيهم نقطة ضمير، أو قدرة على الشعور بالآخرين من حولهم أو وبالحياء مما يقومون به ويرتكبونه.

وهناك صفات أخرى عديدة ومتنوعة، لكن هذه الخصلة تترتب عليها متواليات سلوكية غريبة ومدهشة ومروعة.

فعندما يفقد البشر ضميره، يتحول إلى نفس متوحشة بلا وازع أو رادع، ويكون كيانا فارغا من القيم والأخلاق والمعايير، ويتحرك في الوسط الذي هو فيه وفقا لبوصلة غرائزه ونوازعه، التي تسيّرها النفس السيئة الفاعلة فيه بحرية مطلقة.

وحالما يصل البشر إلى هذا الموقع السلوكي المُتدني فأنه ينطلق بمشاريعه الرغبوية بإنفلاتية عالية وأنانية فائقة وشراهة مدقعة.

ويبدو أن العديد من الخصال السايكوباثية تتحرك في دياجير المطمورات البشرية، لكنها تظهر علانية عندما يشارك البشر أو يساهم في إختيار مَن ينوب عنه في البرلمانات والحكومات، وكأنه يريد لهذه الكوامن أن تحقق إرادتها، وتمارس عملها المبني على الخفايا المختبأة فيها.

وهذا يفسر أن بعض المجتمعات تنتخب أسوأ مَن يمثلها،  ليقوم بإمتهانها وإذلالها وقهرها ورهنها بالحاجات، وأخذها إلى دروب الويلات والخيبات والإنكسارات، وهي مذعنة مستلطفة للظلم الواقع عليها ومتلذذة بعذابها المقيم.

وبسبب ذلك تجد برلماناتها محشوة بأصحاب الضمائر الميتة والنوازع المنفلتة، وهم يترجمون ما فيهم بإندفاعية عالية ويتلذذون بما يغنمون، ولا يسد طمعهم ما ينهبون ويسرقون، بل يمعنون بذلك ويجتهدون في خنق الشعب ورهنه بقطع رزقه والتحكم بلقمة عيشه، ويبيحون لأنفسهم الرفاهية والتخمة والثراء الفاحش والفساد الوقح المشين، فهم القوة والقدرة والدستور والقانون، وهم الأسود والذئاب والذين إنتخبوهم مجرد قطعان فرائس من الأغنام والأرانب والغزلان.

فالثريد ثريدهم، والقطيع قطيعهم، المجازر مجازرهم، والولائم ولائمهم، فلماذا تتثاغى الأغنام، وهي التي إرتضت أن تحرسها الذئاب والكلاب، وتأنس بإفتراسها لها، وبإمعانها بإضطهادها ومحاصرنها والإنقضاض عليها، أنى تجوع وتشتهي لحما لذيذا مطهيا على مواقد الرعب الشديد؟!!

عاش المُنتَخبون الأشاوس وتبا للأغنام التي توجت عليها الذئاب، وحسبتها بشرا في أعماقه حثالة ضمير!!

 

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم