أقلام حرة

هل تعيد حلبجة القادة الكورد الى رشدهم؟

لازالت جريمة حلبجة جرحا ينزف دما قاتما باستمرار، ودون ان تؤدي ذكراها خلال العقدين الماضيين الى دفع القادة الكورد بشكل خاص ومنهم المتنفذين في التعمق في مسالة التضحيات الجسام التي قدمها الشعب ومنها ما اصاب حلبجة من الجروح التي لم تندمل لحد الان، ومن اجل الوصول الى المرام وتحقيق  اهم ما يتمناه الشعب الكورستاني  في حياتهم لكي نعطي هؤلاء حقهم المعنوي .

 لم يعلو هؤلاء القادة  على المشاكل والصراعات الجانبية  ومنها الداخلية، بل شغلوا واستخدموا جل ما لديهم من الامكانيات والتجارب الحزبية في الصراعات الداخلية والتنافس بكافة الاساليب ومنها الملتوية من اجل لوي اذرع الاخر او اذا امكنوا حتى من مسحهم من الخارطة السياسية ، ولم يرتقوا الى الموقع الذي يمكنهم من اللعب خارج الدائرة الحزبية وما عملوا عليه كان باندفاع من الطموحات الشخصية الضيقة،  وهم يدورون في حلقة في اكثر حالاتها مفرغة من المضمون، دون ان يجدوا نافذة للخروج منها ولما يمكنهم العمل على مسار تحقيق اماني الشعب وما يهم المصالح العليا للكورد وكوردستان وتحقيق اهدافهم وشعاراتهم المصيرية وفي مقدمتها حق تقرير المصير .

لماذا يكون القادة الكورد في هذا المستوى على الرغم من تاريخمه المليء بالمآسي وتجاربهم الكثيرة وان كانت سطحيةو مرورهم بمختلف المحطات السياسية العسكرية خلال الثورات، ولما لم يكن القادة في مكان فكري عقلي فلسفي يعتبر من تلك التجارب المريرة ويستفيد منها . وما وصلنا اليه اخيرا، فهل الظروف الموضوعية هي التي جعلت الكثيرين منهم اقزاما امام مجريات الحياة الجديدة وتغيير المسارات والقفزة النوعية التي شهدتها كوردستان الجنوبية، ام الثقافة العامة التي تسيطر على بعض القادة لا تخرج من مساحة العائلة والعشيرة والطموحات الشخصية التي تسيطر عليها النرجسية وفي احسن الاحوال التزامهم بمستوجبات الاهداف الحزبية فقط وان كانت على حساب المصالح العليا للشعب .

فهل تعمق ويمكن ان يتمعن بعض القادة في مجريات هذه المآسي يوما ما وفكر مع نفسه بما تفرضه كل هذه التضحيات عليه والواجب المقدس الملقاة على عاتقه وما تفرضه الدماء الزكية التي اسيلت من الشباب المضحين من اجل كوردستان كي يعملوا بحكمة وعقلانية . فهل اخلصلوا للقضية وكانوا جديرين بان يولوا امر كوردستان ام يلعنهم التاريخ والشعب وتدعي عليهم امهات الشهداء الابطال فيما بعد  .

كل ما مرينا به من قبل لا يمكن ان نحسب فيه الجانب الايجابي خلال العقدين الماضيين الا قليلا، وهذا ما نذكره يوميا . ولكن هل من الممكن ان نعيد النظر ولو متاخرا وهو افضل من السير على المسار ذاته من تكرار الاخطاء والالتزام بما يؤدي الى الخراب الاكثر . فهل وصل الحال بالقادة ان يكونوا في واحة بعيدة عنحياة  الشعب وما يعيش فيه ولم يسمعوا او يروا او يحتكوا بهم اصلا، وعليه ليسوا في الواقع الذي يعيشون فيه . ولا يمكن ان نعتقد او نامل انهم يفكرون في اعادة النظر فيما هم عليه في لحظة ما او اثناء مرور الذكريات الاليمة كجريمة الابادة البشرية في حلبجة التي نمر بها اليوم وما راح ضحية رعونة وقرار دكتاتوري وظروف المنطقة وحالة الحرب التي كانت تعيش فيه المنطقة، ولو قيمناها بدقة فانه من المفروض ان تحاسب عليه جهات عدة .

مهما كان الامر، فاننا الان وبفعل الظروف الموضوعية في موقع يمكن في اية لحظة ان نتمعن ونتعمق فيما تفرضه وما هو الواجب علينا وبالاخص القادة المتنفذين من الاعمال والتحركات الضرورية الحساسة والدقيقة في امرها، كي لا تضيع الفرصة التي لا يمكن ان نتوقع بانها تعود مرة اخرى بسهولة .  المطولب هو ابداء الحكمة والفضيلة والخروج من التصورات والعقلية الضيقة الافق، والمطلوب هو الحكمة الكبيرة جدا من خلال العقلانية في القرارات السياسية الداخلية وتجنب المشاكل الثانوية وما فرزته الصراعات والاخطاء، والبدء من نقطة الصفر، اي من الواجب تصفير كل المشاكل الداخلية كاهم منفذ للتقدم نحو الامام ، لان الوقت يمر والمنطقة في مستهل التغييرات الكبيرة ومن لم لم يكن على قد المسؤلية والمعرفة فانه سيكون في اخر المقام حتما، وهذا يحتاج لعقلية بعيدا عن العاطفة، والى القيادة والقائد بمعنى الكلمة، ولفكر واتعاض من تاريخ وثقافة، للتواضع والتضحية والاعتلاء على كل صغير مضر من جراء الصراعات الحزبية الشخصية، نحتاج لعقل مفكر ومؤمن بحق بعدالة قضيتنا في صلب عقليته وفكره، وممكن ان يضحي بكل ما لديه من اجل تحقيق اهداف الشعب الكوردستاني من خلال ما اوتيت له من الفرصة النادرة في هذه المرحلة, والى جانب ذلك نحتاج لعقليات باهرة مساندة تدفع الى الخير  والى اعلاء الوعي الجمعي النوعي الذي يفرض الاصح ويعيد المنحرف الى جادة الخير . اننا يجب ان نجعل من ذكرى الحلبجة سنبلا معنويا لحل المشاكل الداخلية، وبه يمكن ان نوفي لدم شهدائها وشهداء الثورات في كوردستان بجانب من مستحقاتهم . نتكلم وعسى ان تنفع الكلمة، وان نعتقد في قرارة انفسنا بانه ليس هناك من يقرا ويتعض ويعتبر لاي حادث او كلمة خيرة، نقول ونعيد ونعيد عسى ولعل نفيد ولو بنسبة قليلة جدا جدا .  

 

عماد علي

في المثقف اليوم