أقلام حرة

نساء أهملتهن الأزمنة السابقة ونسيتهن المجتمعات الحالية

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة اندفعت العديد من الجمعيات المغربية مشكورة، بشغف كبير واحتفاء أكبر، لانتقاء مجموعة من الأسماء النسائية، لتكريمهن، الأمر الجليل الذي لاشك يُكتب في سجلاتها بمداد الفخر والتقدير، رغم أن أغالبيتها مع الأسف الشديد، اختصر المكرمات  في فئة خاصة من الفعاليات النسائية المتميزة، المنتميات للعوالم الراقية المختلفة، العلمية منها والفنية والإبداعية والسياسية والإعلامية، والرياضية، والتي شملت في عمومها فقط الوزيرات والكاتبات والطبيبات والمهندسات والمديرات والمدرسات والممرضات والرياضيات، وغيرهن كثير من الفاضلات المستحقات فعلا للتكريم والتبجيل، اعترافا بمجهوداتهن ومبادراتهن الخلاقـة، ويستهلن التقدير والاحترام لمكانتهن وعطائهن المستمر في مختلف المجــالات والتي لا يتسع المجال لذكرهن جميعا ، ناسية -الجمعيات- أو متناسية في احتفالاتها الكثيرة وتكريماتها العديدة بمناسبة العيد الأممي للمرأة، تلك الفئة العريضة من النساء العاديات التي أهملتها الأزمنة السابقة والمجتمعات الضيقة، و التي من بينها الأم التي أنشأت وربت وأعدت وكانت وراء كل الأجيال المتميزة التي تبوءت المراتب العالية التي جعلتهن يستحقن ما هن فيه من وجاهة وأبهة وشهرة، أغرت العديد من الجمعيات بالهرولة واللهاث وراءهن للظهور في مهرجاناتها  التكريمية، وكأنهن وحدهن من يستحق التكريم والاحتفاء، بينما هناك من هن أجدر بالتهنئة والتكريم في هذه المحطة، لتذكيرهن في هذا التاريخية، ولو ليوم واحد ووحيد، بأنهن يستحقن أغلى وأسمى صنوف التكريم التي مهما عظمت، فإنها لن موازي قدر ما أعطين وبذلن من أوقات وجهود، وسخرن من مجهودات مضاعفة في مجتمع ذكوري لا يرحم النساء، للوصول بهذه الأجيال  للتميز والشهرة والجاه، بدل الحرمان مما يستحقن من التكريمات أكثر من غيرهن، الذي قوبلن به من طرف الكثير من الجمعيات، عن قصد أو بغيره.. 

وأختم هذه الخاطرة بالمقولة الشهيرة : "أن لكــل ميدالية وجههـــا الآخــــــر .. ولكــــــل وردة شوكتهــــــــــــا"، ووجه ميدالية الاحتفال بالمرأة في عيدها الأمم وشوكة وردته، هو إهمال الجمعيات للنساء العاديات البسيطات من الأمهات العاملات والمطلقات والأرامل، رغم عطائهن اللامحدود من أجل الإعتراف بحق المرأة في الوقوف شامخة فوق منصات التتويج .

هذه بعض من الحقائق التي تشوب عمل الكثير من الجمعيات بمناسبة عيد المرأة العالمي، والتي يراها الكثيرون ويتألمون لها ويتأسفون عليها، ويضطربون بسببها ، ولكنهم مع الأسف، لا يفعلون شيئاً لمواجهتها، فتنتشر، وتعم كل الجمعيات، وتتكرر كل عام .

 

حميد طولست

في المثقف اليوم