أقلام حرة

تحت المجهر.. مواقع النشر (1)

منذ مدة وانا أرغب بكتابة شيء عن بعض المواقع الالكترونية التي هي جاذبة في عناوينها ومعسولة في مواضيعها ويملئ صفحاتها كُتاب رائعين ومتألقين، ولكن ما يدعو الى التساؤل هو:

ان هذه المواقع غير واضحة من حيثية جهتها !

فمن هذا الذي يقف ورائها؟ ويرعاها ويمدها ..؟

وخصوصا ان بعض هذه المواقع دائرتها تتسع لتشمل الديني واللاديني والعلماني والسني والشيعي والمسيحي والصابئي ...ولكن بعد وضعها تحت مجهر النقد يتضح:

1-  انها مُتحدث عن جهة دينية بارزة وعليا

2- انها تحاول ان تُسقط اي شخصية تعارض منهج تلك الجهة الدينية العليا وترصد اي ثغرة – بزعم كُتابها- على الأخرين ممن يختلفون معهم لتلفت الانظار الى ان تلك الشخصيات الُمعارضة او التي تختلف مع جهتها هي صنيعة الاستعمار وانها منحرفة وتتخذ من المصطلحات الروائية ساند للتشهير والفضح {كالتمرجع – من المرجعية – والدجل نسبة الى الدجال .. الادعياء...}

3- انها لا تسمح لأي تعليق مضاد يحاول صاحبه ان يرد على تلك المقالات ويفند راي صاحب المقال ... والغريب ان الادارة تكتب في ذيل الموقع ان الموقع غير مسؤول من الناحية الاخلاقية والقانونية عما ينشر وفي نفس الوقت لا تسمح بالرد على مقالات خرج كُتابها عن زمرة اخلاق الكاتب المُنصف والمهذب حيث يمزق برموز اجتماعية ودينية ..

4- انها لا تأذن بنشر اي مقال يرد على تلك المقالات المحملة بالتسقيط والقدح والقذف .والغريب ان الادارة تذكر انها تهدف من خلال هذا الموقع استئصال الديكتاتورية الفكرية وتفسح المجال للفكر مع تعدده وتلونه ولكنها لم تكن صادقه في هذا المُدّعى الى حدٍّ واقعي

 ولو حاولنا النظر الى تلك العينة مع ربطها بالواقع فسنجد سؤال يشرق على ذهن الواعي :

هل يُعقل ان تكون تلك الجهة الدينية المعروفة بنزاهتها وحُبها لأبناء بلدها ان تقف وراء هذا الموقع الذي عنوانه وفحوى ما ينشر فيه انه خندق للدفاع وجبهة للصدام باسم تلك الجهة الطيبة؟

ثم ما لمصلحة في عملها ذلك وهي تحتضن المخالف والموالف وعُرف عنها الهدوء والاحتواء فهل هذا الموقع يعمل بأمرته ام هو لا يمثل خط تلك الجهة العليا؟

واذا كان لا يمثله هل هو موقع مُغرِض وتقف خلفه جهات مأجورة تهدف الى زرع الشتات والتفرقة وتشويه سمعة ومركز تلك الجهة العليا؟

ام هم اناس طيبون ومفكرون رائعون لكن صيغ تعاملهم مع الاخر إنفعالية غير مُنتجه واستراتيجية عملهم خاطئة، وكان عليهم ان يُثقلهم العلم والبرهان ويكونوا خير ميزان ! لا يبخسوا حق احد ولا يُخسروا فيه؟

هكذا مواقع هي تنفخ على نار الفتن وتأجيج العداوات وتأكيد لمشروع التكفير والطائفية المقيتة إذ ان طمس معالم الثِقافة عبر بندقة القلم ومدفعة الكلمة وجررت الاختلاف في الرؤى الى عداوات وتشكيل خنادق يتم من خلالها فتح جبهة قتال وسجال قد يتطور الى فتاوى تكفير ومن ثم تحليل للقتل والاستباحة، والامر لا يحتاج الى كثير شواهد يكفي ان داعش ومن سبقه هو نتاج الفكر التكفيري والاقصائي...

(صورة اخرى) وبعض تلك المواقع استراتيجية عملها قائم على الهجوم على الاسلام من خلال عدم التعرض الى المصدر بل توجه نقودها الى موضوعات تطرق لها الاسلام من حيثية الحلال او الحرام او الاعتقاد  فتفند أرائه وتنتقص من منزلته بشكل غير مباشر، حيث صُدر الموقع بعنوان برّاق يدعو الى اتخاذ العلم طريقا للحقيقة ونبذ الخرافة، وحينما تدخل الى صفحات الموقع وتطالع في مقالاته، تجد بعضها عبارة عن تسفيه لبعض الاحكام الشرعية والحقائق القرآنية وبعض الارشادات والآداب النبوية كــموضوع نشروه بعنوان {الحجامة بين العلم والعلم الزائف} حيث يصفون الحجامة هي علم زائف مع ما جاء في تراثنا من مرويات موثقة حول فوائد الحجامة إذ رُعيت بضوابطها الزمانية والأدائية ,,وكمقال نشروه عن {فوائد لحم الخنزير لجسم الإنسان} حيث يزعم كاتب المقال ان العلم فند ما هو رائج بأن لحم الخنزير يسبب امراض لجسم الانسان .. وهذا واضح هو هجمة نحو تعاليم الاسلام الذي يحرم اكل لحم الخنزير، فعدسة المجهر تطرح هذه التساؤلات التي تخطر في ذهن المطالع :

ان الموقع كما يبدو هو ليس من جهة عربية او عربية اسلامية لانهم في فقرة (عن المشروع) والتي هي احد عناوين مواضيع الموقع الرئيسية تتحدث عن فكرة إنشاء هذا الموقع والتي محورها هو تنوير ذهن الانسان العربي والاخذ بيده لعالم العلم والمعرفة، فيُخيل اليك انهم يتحدثون عن همج وبدائيون لا علم ولا معرفة لهم وانهم في وحل الخرافة والاساطير وهي اهانة مُغلفة بشريط لامّاع ومُزخرف..

 يعجب به السطحي ويقرأ ما خلفه الفطن اللبيب ..

 

حسن عبد الهادي اللامي

 

في المثقف اليوم