أقلام حرة

المشهد السياسي العراقي تحولات بينية ومتغيرات آنية!!

يشهد الوضع السياسي تحولات كبيرة وخطيرة، ويعيش تبدلات واضحة سواء في داخل أطار الحركات والكتل السياسية، او العلاقة بين بعضها البعض الاخر، والان وبعد مرور اكثر من أربعة عشر عاماً على التغيير ٢٠٠٣ ولحد الان، فان جملة من المتغيرات والاحداث حصلت، فتبدلت وتغيرت المواقف وحصلت مستجدات في عموم المشهد السياسي، كما شهد تباين وتراجع واضح في العلاقة بين القوى السياسية، خصوصاً وان التحالف الوطني هو الاخر تحول الى تخالف قبل ان يشهد تطور في حركته السياسية وتسنم الحكيم لرئاسته، وعودة خطابه الى الساحة السياسية وصوته الذي بدت مؤثراً في بعض الجوانب والمواقف السياسية عموماً،سيما ان الكيانات السياسية حملت صراعات داخلية بين مكوناتها، الامر الذي جعل خارطة الحركة السياسية تتغير وفقاً لهذه الصراعات والمتغيرات، كما أن دخول التنظيمات الارهابية المسلحة على الساحة أمسى هو المؤثر الابرز على الوضع السياسي عموماً، حيث شهدت البلاد تحول خطير في مسارها عبر سقوط ثلث البلاد وبسهولة بيد تنظيم داعش، وضياع البلاد بيد هذه التنظيمات الاجرامية، والتي استطاعت ان تغير الجيوغرافي للمنطقة، ولو بتأثير لاحق، يحقق الغاية والهدف المراد من هذه التنظيمات، الامر الذي يجعلنا امام خارطة من المتغيرات والمؤثرات على الخارطة العراقية، وعلى الرغم من الخطاب الذي يتوحد فيه المختلفون في ضرورة الحفاظ على وحدة الارض والشعب، الا ان الواقع على الارض لا يتحدث هكذا، فالموصل لا يمكنها أن تكون الموصل امس، وكردستان لن يكون موقفها كالأمس، ناهيك عن مواقف الدول الاقليمية، والتي هي الاخرى عبرت عن مواقفها في خارطة العراق الجديدة .

الوضع الإقليمي هو الاخر كان ومازال الجانب المؤثر على هذه التحولات، مع وجود التسويات القائمة في المنطقة، ووجود الملفات المتداخلة، واهتزاز بلدان وسقوط حكومات تحت عنوان ما سمي "الربيع العربي"، ومادة هذا التحول هو الصراع الطائفي، اذ كان حاداً وعنيفاً في جوانبه، كما حصل في سوريا واليمن، كما هو الحال في العراق وتأجيج الصراعات الطائفية، وهو ما يعد تمهيداً لخارطة جديدة في الشرق الأوسط، فالوضع في العراق  ليس بأحسن حال من الأوضاع في اليمن وسوريا، فالكتل السياسية متشظية، وازمة ثقة حاضرة بين الجميع، وعدو داعشي يترقب الفرصة للانقضاض وتوسيع رقعة نفوذه، فالسنة العرب  بين من يعتاش على داعش، وبين من هرب من داعش، وبين من هرب من جحيم موت بطيئ، وبين من يتحكم بحركة تنظيم داعش في البلاد وخيوطه، فالسنة العرب عموماً يعيشون في منطقة الحرام، اي خارج جغرافية وجودهم، وبين فوهات بنادق الارهاب وتحريرهم .

الوضع الكردي هو الاخر تعرض لاهتزازات داخلية، وتراجع الاقتصاد في اقليم كردستان، ناهيك عن الخلاف السياسي بين المكونات الكردية وصراعها على السلطة والنفوذ، ومحاولة مسك الارض المحترقة، والصراع عليها مع بغداد، وفرض الامر الواقع عليها .

ما تعرضت له العملية السياسية ومنذ اربع عشر عاماً، كان بفعل الجهل السياسي للأحزاب المتنفذة عموماً، سواءً الشيعية منها او السنية او الكردية، وعبور مصالح الشعب العراقي نحو مصالح الحزب والكتلة والشخصنة، ومحاولة الاستيلاء على مقاليد الحكم في البلاد .

اعتقد وكما يراه المحللين ان من الضروري وجود رؤية مشتركة في داخل القوى السياسية، وان يسعى الجميع لإيجاد هذه الرؤية، خصوصاً في الوضع الشيعي، اذا ما وصلنا الى قناعة ان هناك أزمة ثقة، وتفرد بالسلطة والنفوذ، كما ان الوضع الحالي يتيح لنا ان ندعوا الى تشكيل كتلة قوية ورائدة،وتكون عابرة للطوائف والقوميات، وان تتحمل مسؤولياتها في بناء مؤسسات الدولة، وايقاف التفرد بالسلطة، وغلق ملف الوكالات، كما ان من الضروري دعوة القوى السياسية جميعها الى المواطنة الصالحة، ومكافحة الفساد، وتطويق مكان وجوده، والحفاظ على الدستور كونه الوثيقة الرسمية التي تحفظ حقوق المواطن العراقي، ومعالجة الثغرات وبآليات قانونية ودستورية، كما يجب الدعوة الى ايجاد ميثاق شرف وطني وإعلامي للقوى السياسية ينضم العلاقة بين القوى السياسية، وتوحيد الجهود جميعها من اجل مكافحة الارهاب الداعشي، واعتبارها التحدي الابرز والتمسك بوحدة العراق أرضاً وشعباً .

 

محمد حسن الساعدي

 

في المثقف اليوم