أقلام حرة

المسارات السياسية للصور الصحفية.. صورة تقديم تشكيلة الحكومة المغربية كنموذجا

hamid taoulostتستخدم الصحافة لإيصال معلوماتها وأفكارها إلى الآخرين، لغتين، واحدة  لفظية، وتشمل اللغة المقروءة (لغة الصحافة)، وأخرى مسموعة (لغة الإذاعة والتلفزيون)، وثالثة ليست لا لفظية ولا مسموعة، وتعتمد الإشارات والحركات والإيماءات والكاريكاتير والصور الصحفية، التي تبقى من أهم الفنون التعبيرية غير اللفظية التي تسهم في نقل رسائل اتصالية إلى الجمهور، وتقدم لها، وبدقة وبلاغة، كل مستجدات الأحداث الساخنة، لحظة وقوعها بالدقيقة والثانية، وفي سباق محموم للاستحواذ على المتلقي، ما يجعل المصور الصحفي الناجح، يتفنن في تصيد لقطات الصور الهاربة، والتي لا تتكرر بسهولة في زمن الأحداث، ويبرز جوانب معينة منها ويهمل أخرى وفقا لأهميتها أو قلة تلك الأهمية، التي يبحث فيها عن مواطن القبح والإهمال حسب أهمية الحدث،  كما هو حال الصورة الصحفية المرفقة تحته، والتي إذا نحن نظرنا إليها من كل زواياها، ومن جميع أبعادها، ولم نكتفي بمواطن دلالاتها الإخبارية فقط، فإننا سنلاحظ أن المصور هنا قد سلط الأضواء، وبطريقة واضحة وذكية، على بعض الرسائل والإشارات المتبّلة بنكهة السخرية السياسوية التي تتضمنها اللقطة المأخودة لقادة الأحزاب السبعة  أثناء تقديم السيد سعد الدين العثماني لائحة الأحزاب التي ستشكل الحكومة، والتي تُظهر قادة الأحزاب في حالة من التيهان والشرود والارتباك -التي تذكر بـ"سليت" الأطفال إلى الملاعب دون أداء-، وقد انحنت أعناقهم من الحسرة والأسى وعمق وجع طريقة الدخول للحكومة سعد الدين العثماني، "متشبطين" في ذيل حمامة قائد الحزب الذي وقف مستقيم القامة، وقد ارتفعت هامته فوق رؤوسهم المنتكسة، من كثرة الزهو والرضا والفرح الذي كان فيه، كيف لا وهو الذي دخل الحكومة بدون التنازل عن أي شرط من شروطه السَّابقة، والتي كان أهمها إدخال أحزاب الوردة والحصان والسنبلة للحكومة.

إنها الصورة/اللوحة ذات المسار السياسوية - المقصود أو غير المقصود - التي بدأت عبقرية المصورين الصحفيين في إبداعها، والتي ليست الأولى –فقد كتبت عن تلك التي تخلى فيها حزبان وكنيان عن حمل شارة التضامن- وربما لن تكون الأخيرة في حياتنا السياسية والتي تفضح أذواق ومعاملات وتصرفات سياسيينا التي تجمع بين كل المتناقضات، والتي، مع الأسف، لم تنل ما تستحق من استنباط معانيها وإيماءاتها من طرف الكثير من المتتبعين.

 

حميد طولست

 

في المثقف اليوم