أقلام حرة

هل رفع العلم الكوردستانی مفتاح لحل القضية الكوردية؟

emad aliالمعلوم عن ما مر عبر الثورات الكوردستانية السابقة، ان مدينة كركوك كانت عائقا كبيرا امام الحلول بين الكورد والمركز لاهميتها السياسية والاقتصادية، وعدم استناد المركز على الحقائق التاريخية لفض المشاكل وفك التعقيدات وحل التشابك الذي حصل جراء الخلافات التي انبثقت من النقاشات المستفيضة التي حصلت في المفاوضات المتعاقبة بين بغداد وحركات التحرر الكوردستانية والاحزاب الرئيسية الكوردية بمختلف مشاربهم . من تضرر من التعنت في القضية وعدم التنازل من قبل الطرفين عن بعض التوجهات وتجاهل الحل الوسطي نتيجة قوة المركز دائما وانعدام ارادة الحل الصادقة لديها ادت الى تعقيد الوضع اكثر وتضرر منها الطرفان وليس الكورد لوحدهم كما اعتقدت الحكومات العراقية المتعاقبة من عدم تعقلهم في التعامل مع القضية او غرورهم في العمل .

لا نريد ان نعود الى ما كانت عليه الحكومات المركزية العراقية من حيث الفكر والعقيدة ونظرتهم الى القضايا المصيرية ومدى جديتهم في حلها، لان هذا المقال لا يمكن ان يستوعب تلك الاسباب بل كُتبت وستُكتب حول ذلك الكتب العديدة من قبل العديد من المفكرين والكتاب المعتبرين، الا ان النقطة البارزة المشتركة في عدم الوصول الى الحل النهائي هو وجود النظرة الاستعلائية من قبل المركز الى الحركة التحررية الكوردية والكورد بشكل عام دائما، ومحاولتهم في التماطل والتربص بهم من اجل الانقاض على حركاتهم بالقوة وعدم التجاوب مع متطلباتهم،  ومن اجل لتمضية الوقت من اجل تحقيق مرامهم المدفون في التواصل على محاولة مسحهم وتعريبهم، كما حصل في المناطق الكوردية المحاذية لوسط العراق العربي طوال فترة السلطات المركزية منذ ناسيس الدولة العراقية والحاق مدن وقصبات كوردستان به عنوة ودون اخذ برايهم باي شكل كان .

 المعلوم ان الدولة العراقية انبثقت نتيجة اخذ مصالح القوى العالمية الاستعمارية واخذ مراكز هذه الدول في الاعتبار فقط من حيث الجانب السياسي الاستراتجي والاقتصادي . وبعد، كلما كانت السلطات المركزية متطرفة تضرر منها الكورد اكثر على الرغم من عدم خفوت جذوة الايمان باحقية الكورد في تحقيق مصيرهم لدى الشعب الكوردي طوال نضاله المرير وتضحياته الجسيمة في ذلك الطريق الصعب للوصول الى غايته الانسانية قبل الاهداف السياسية . احس الكورد منذ تاسيس الدولة بالغدر والغبن لعدم استفتائهم عن رايهم في بناء دولة اُقتحموا فيها اجحافا بحقه نتيجة منعهم  من تاسيس دولته الخاصة نتيجة طموعهم على الرغم من توفر المقومات الاساسية لبنائها، والانكى من ذلك توزيعهم على اربع دول مجاورة دون وجه حق .

ان المناطق الكوردستانية المستقطعة التي سميت بعد سقوط النظام في بغداد واقرار الدستور بالمناطق المتنازعة عليها، كانت هي السبب الاكبر او الاول لفشل المفاوضات السابقة بين الحكومات العراقية والحركات التحررية الكوردية، لذلك كانت هي مشكلتها  وهي العائق الاكبر في تجاوز الخلافات التي بقت لحد مابعد السقوط . كانت للحكومات المركزية امكانية وقوة وعمق دولة، وعليه تفاعلت وتعاملت، فارغمت هذه الحركات على النكسات باستعمال القوى العسكرية المفرطة لحد ضربهم بالاسلحة الكيمياوية، وما فعلته باسم عمليات الانفال السيئة الصيت وهي السابقة السيئة الوحيدة لحد اليوم لحكومة تضرب ما تعتبره شعبها بهذه الاسلحة المحرمة دوليا . فان هذه المناطق التي اصبحت موضع الخلاف وادت الى الثورات واعتمدت هذه الثورات على العزيمة الذاتية والخلافات بين الدول المجاورة التي انقسمت عليها الكورد، ولا ننكر ان هذه الدول استخدمت الكورد نتيجة استغلال نقطة ضعفهم كورقة ضغوط على الاخر من اجل تحقيق اهدافهم ومنها التوسعية كما فعل الشاه مع الحكومة العراقية . اي النتائج التي ترتبت على اندلاع الثورات سواء باستمرارها او فشلها او الانتكاسات كانت هي السبب الرئيسي في عدم استقرار العراق وحتى الدول المجاورة نتيجة ما عندها من التشابه في هذه النقطة المشتركة لديهم، وبالتالي فان تراوح الوضع العراقي  وعدم تقدمه وتمخضه في الدماء هو عدم الاعتراف بالقضية الكوردية وبعدم الجدية في البحث والتفاوض حولها، وتعامل معها المركز العراقي كقضية ثانوية على الرغم من انها كانت سبب الاسباب في تواصل الوضع المزري في العراق من كافة الجوانب ، عدا محاولات دول الجوار لمصالح ذاتية بهم في التدخل في هذا الشان وان كان المركز العراقي قد حاول احيانا العمل على التوصل الى حلول ناقصة، نتيجة خوف هؤلاء من اوضاعهم المشابهة للعراق في هذه القضية، ولذلك ضغطوا على العراق بكافة السبل من اجل عدم التوصل الى الحلول النهائية ايضا .

اليوم وبعد التغييرات الكبيرة والقفزة النوعية من حيث الواقع السياسي الاقتصادي الاجتماعي في العراق واقليم كرودستان، فوصلنا الى مرحلة يمكن ان تكون متنقلة بشكل كبير وربما تحصل انعطافة كبرى ويمكن ان تنقلع معها الكثير من الثوابت التي كانت اكثرها مضرة ايضا بالشعوب العارقية من كافة الجوانب، فان التهيئة وترسيخ الارضية لحل القضايا الملحة عمل ضروري من اجل الانقطاع عن الماضي الاليم او ازاحة السبب الرئيسي في استمرار الحال المزري السياسي لعقود اخرى، والقضية الكوردية هي اولى الاولويات لكل سلطة مركزية عراقية عاقلة مفكرة بكل ما لديها من الخبرة ومعتبرة من التاريخ، فعليها ان تتعامل مع القضية الكوردية كحل ولتوفير مقومات وعوامل لاستقرار الدائم في العراق. فان كانت كركوك والمناطق المتنازعة عليها عامة هي السبب الرئيسي في فتح ابواب الحل امام القضايا الاخرى ومنها القضية الكوردية بشكل خاص فان فتح الباب بعقلانية بداية لدخول الغرفة المضيئة واستهلال لمرحلة منقطعة عن ما كنا عليه في المراحل التي استمرت فيها هذه القضية الشائكة .

اليوم الواقع هو الذي فرض خطوة رفع العلم الكوردستاني في كركوك وعلى الجميع النظر اليه بتاني وصبر وبعمق ومن منظور كيفية ايجاد الحل النهائي للقضية الكوردية ومستحقات الكورد التاريخية وليس من دوافع سياسية  مرحلية او بدوافع حزبية او مزاديات مختلفة او مصلحية بحتة او من نظرات دول الجوار وما يهمهم هو مصلحتهم الضيقة على حساب الشعب العراقي الذي يسيل منه دم منذ عقود جراء بقاء هذه القضية على حالها دون حل . فليكن رفع العلم الكرودستاني بداية التعامل العقلاني مع الواقع الجديد ومع ما يمكن ان يفتحه هذا المفتاح من باب التعامل مع الحل النهائي للقضية الاهم في العراق وهي القضية الكوردية بشكل عام، ونحن نعلم وكما ننظر الى ما نحن فيه الان وكما علمتنا الحياة فانه لا يمكن ان يصح الا الصحيح في النهاية مهما تطلب الامر من وقت او تضحيات، وعليه يمكن ان نقطع دابر الشرور ونمنع سكب الدماء بعقلانية وقيادات يعتبر من التاريخ وما وصلنا اليه من المركز كان او اقليم كوردستان .

وعليه فان الوقت ان تاخر في ايجاد الحلول النهائية للقضية الاهم فيمكن ان يبدا الحل النهائي للقضية بشكل عام من رفع العلم الكوردستاني من كركوك واعتباره مفتاح لبيان النوايا الصحية لحل كافة جوانب القضايا السياسية الساخنة بسلام وامان . 

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم