أقلام حرة

هل يستمر الاسلام السياسي في حكم العراق

emad aliهنا لا يمكن ان نحدد الزمن لما يمكن ان تشوب الحسابات التي نريدها من المفاجئات او الافرازات الذاتية نتيجة تفاعل المعادلات الحالية وما يبرز منها، وما يمكن ان نعتمده لتحديد المدة من اجل تغييرات وفق السياق السياسي والعسكري لمسيرة الحكم في العراق وما يمكن ان يعرقلنا جراء المفاجئات والعوامل الثانوية المؤثرة التي تنتجها الحالة الحالية الشاذة وما يبرز من المخاض العسير جدا من اجل التاثيرعلى مسير السلطة في العراق بهدف النقلة النوعية من سلطة الاسلام السياسي الى العلمانية الواقعية، الا اننا امام خطين متوازيين لا يمكن ان يلتقيا ويحاول كل منهما السيطرة على الاخر،و ما نملك نتاح الارث الغني لتاريخ العراق الحضاري الثقافي، وهما الخط العلماني الناجم من ما يضمنه الشعب العراقي من النخبة والارث العلماني الغني والثقفة العامة والوعي المشهود له في الماضي القريب (لا اتكلم عن المرحلة التي حكمها الدكتاتور لمدة خمس وثلاثن سنة) بل الفترة او يمكن ان نقول ماقبل تاسيس الدولة العراقية بيد الدولة الاستعمارية المحتلة . والخط الديني الاجتماعي المتاثر بتاريخ العراق منذ الفتوحات الاسلامية والغزوات التي شملت العراق وما فيه ابان الامبراطوريات المتعاقبة التي كانت مسيطرة على المنطقة خلفت امور ايجابية يمكن العودة اليها وسلبية يمكن تهميشها لو كان زمام الامور بيد العقلاء . اي اننا نتلكم نتيجة قراءة الظروف الموضوعية العامة من جهة والذاتية من جهة اخرى، ومن كافة الجوانب الاجتماعية السياسية الثقافية والفلسفية، وما ورثناه نتيجة التقلبات والانعطافات والتغييرات الكبيرة في مسارحكم  السلطات في العراق خلال الحقبات السابقة بعمق كبير او في المراحل الحديثة .

ما يميز الشعب العراقي دون غيره هو نشاطه وعدم ياسه واصراره الكبير على تحقيق ما يؤمن به وان اخذ ما يؤمن ويهدف وقتا طويلا . فهنااليوم نلمس ما لدينا من صراع كبير بين ما حصل من بعد السقوط نتيجة انشراح الصدور نتيجة رفع الغم عن صدور العراقيين وعدم اعتراضهم لما مروا به من الشذوذ من التعامل معهم وحصرهم بين القهر والمذلة، وما امنوا جاء لباب بيتهم بعد ان ذاقوا طعم الحرية وعادوا الى رشدهم ولازالوا في مرحلة النقاهة، وتتطلب عملية التغيير وقتا لازما للثبات على ارضية وشكل يلائم العقلية العاملة على العمل في امكان فرض استهلال الخطوة الاولى للسير الصحيح . وهذا ما نراه من توجهات العلمانية بعد التغيير المنتظر من نظرة الشعب الى ما يجب ان يكون عليه العراق بعيدا عن المؤثرات الخارجية التي لا تهدف غير مصالحها .

لو قارنا المرحلة الحالية بطول التاريخ وما جرى، اننا نرى ان السير بهذا الاتجاه الموجود وبالالية والعقلية المتسلطة لم يكن لدينا شبه لها الا في مراحل قصيرة الامد خلال التاريخ الغابر والحديث، اي، وان سايرت هذه الشعوب ومنها العراقية ما اروثوه بالقوة الخارجية وباليه الغزاة من افكار وعقائد ومذاهب خاصة الا انه لم يتمسك به كثيرا، اما تراجع وغطى على ما فُرض عليه بغطاءات مختلفة او ازاح عنه نهائيا وبشكل جذري ما لم يلائمه . اليوم نعيش في مرحلة سيطرت احزاب الاسلام السياسي على زمام الامور لاسباب معروفة سواء موضوعية او ذاتية . ولم يستقر الوضع نهائيا لحد الان على شكله النهائي، ولم تبنى حتى ارضية ملائمة للاستمرارية في النهج والطريق الجديد، بل كل ما شاهدناه هو استمرار المرحلة على كونها انتقالية غير مستقرة على حالة نهائية، وذلك نتيجة ما احتك به الواقع مع المثاليات التي انتجته المصالح المختلفة باسم العقيدة والدين والمذهب وحتى العرق غير المنسجم مع الواقع والارث والثقافة والوعي العام (بعيدا عن الشذوذ التي ابرزتها السلطات الشاذة الدخيلة غير الاصيلة التي لم تلد من رحم تاريخه المشرق) .

اي، ان سلطة الاسلام السياسي الموجودة الان ليس في حالتها المستقرة النهائية بقدر كونها تريد ان تلائم نفسها باي شكل كان كي تثبت على ما هي اقتنصته في غفلة من الزمن او نتيجة الخطوات الخاطئة للكثيرين او كرد فعل لما كان موجود فيه الشعب العراقي من الضيم  وبشكل خيالي بعيدا عن الواقعية .

ربما ياخذ الموجود وقتا ولكنه لا يمكن ان يستمر بنغمته الحالية، لان العراق غير الدول المجاورة او حتى الشرق الاوسطية البعيدة عنها من حيث الكثير من الامور، لو حسبنا للحضارات التي تمتع بها والمراحل التاريخة الغنية من الفلسفة والعلم التي شهدها، اضافة الى ثراء ثقافته وامكانياته البشرية والعقلية وان حاول البعض طمس كل ما لديه يصيبنا تفاؤل ولكن حذر بشكوك نجاح المصلحيين الخارجيين . نحن هنا نتكلم عن ما يتصف به اجتماعيا وثقافيا الا ان ما حصل له طوال التاريخ وكيف اخذ مكانته الحالية هذا شان اخر، وربما  هو ايضا غدر بالاخرين وغدروا به طوال التاريخ او فترات منه ايضا، وحصلت فيه تغييرات جذرية كبيرة لا يمكن ان يعقلها المتابع الا اذا علم بما حصل بدون شك وبيقينية تامة ان ما حصل حقيقي ويمكن ان تثبت صحة ما نتلكم عنه بعض السمات التي بقيت لحد اليوم موجودة بين سلوك واخلاقيات مكوناته .

من منطلق ما نعرفه عنه، فاننا على اعتقاد بان مرحلته الحالية لا يمكن ان تستمر مادام نلمس ما وجود ويتمتع به من امكانية وخصائص تركيبته البشرية وما يتصف به تاريخه الغني . وعليه نعتقد بان هذه المرحلة المؤقتة ستمر ولا يمكن القاء بهذا الشكل تحت سيطرة  سلطة الاسلام السياسي، ونعلم ان ما حدث نتيجة ما حدثله بشكل مفاجيء وطاريء، او يمكن ان نعتبره تغيير طبيعي كرد فعل لما كان مختنقا تحت ثقله من وجود غير طبيعي، فانه سيعود الى حاله وينتعش بعدما يتمكن من ان يمر في فترة نقاهة تتطلبه حاله المتاثر بما حدث له بعد الفترة الشاذة التي مر بها . اي المتقلب المؤقت والسطحي الى ما هو عليه هو سلطة الاسلام السياسي وما يمكن ان يثبت على ارضية العراق الصلدة التي بنيت خلال تاريخه المديدة هو العلمانية بمعناه ومضمونه الحقيقي الصحيح الملائم، لما يتعمتع به العراق ضمنا من السمات المستمدة لحياة حرة سعيدة مثمرة لا تقبل الخرافات والاساطير التي مر عليها الزمن واكل منها وشرب .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم