أقلام حرة

الديمقراطية وقانون المرافق الصحية

musadaq alhabibفي مثل هذا الوقت من العام الماضي، تقدم مجلس المشرعين في ولاية كارولاينا الشمالية في الولايات المتحدة بما يسمى بـ "مشروع قانون المرافق الصحية" الذي يفرض قيودا معينة على من يستعمل المرافق الصحية العامة في عموم الولاية، بيد ان القانون يخص فئة معينة من المجتمع وهي فئة أولئك الذين يعتبرون أنفسهم مزدوجي الجنس والذين تحولوا من جنس الى آخر سواء اجتماعيا ام جراحيا. القانون يلزم هذه الفئة باستخدام المرافق التي توافق جنسهم الذي ولدوا معه والمثبت في شهادة الميلاد. فالرجل الذي تحول الى امرأة عليه (عليها) ان تستخدم مرافق الرجال، والمرأة التي تحولت الى رجل عليها (عليه) ان يستخدم مرافق النساء!! وتصور صفاقة وسخف وصعوبة تطبيق هذا القانون. التطبيق العملي الوحيد يستلزم بوليسية المرافق وجعل استعمالها مشروطا بإبراز شهادة الميلاد وتعيين حراس وشرطة ومراقبين لتنفيذ ذلك، ناهيك عن مشاكل حشر نساء في مرافق الرجال ورجال في مرافق النساء حتى لو ان شهادات ولاداتهم تغفر ذلك!!

الغالبية القائدة في مجلسي نواب الولاية إضافة الى حاكم الولاية كانوا من الجمهوريين المحافظين الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بما وجدوه "كأهم القوانين التي تخدم الشعب"!! لقد تمكنوا من الفوز بتمرير القانون التافه التمييزي المجحف وغير العملي اشباعا لرغبتهم المريضة بان يكونوا "اشرافا محافظين"!! وذلك رغما عن ضجة الرفض والشجب التي اكتسحت الولاية وعموم الولايات الاخرى. مباشرة بعد اعلان المشروع كقانون تقدمت جامعة كارولاينا الشمالية بدعوة لإيقاف العمل بهذا القانون وأحرزت الفوز من قبل احدى المحاكم العليا. ثم بعد ذلك تم انتخاب حاكما جديدا ديمقراطيا للولاية هذه المرة، مما عادل كفة المناكفات السياسية في أروقة حكومة الولاية. وبعد عشرات المناقشات والسجالات والمفاوضات والصفقات التي كانت عمليا قد شلت العمل السياسي في الولاية وابعدت السياسيين عن الانشغال بالتشريعات الضرورية، وقع يوم أمس حاكم الولاية قرار ابطال القانون، ولكن بعد خراب البصرة حيث خسرت الولاية سمعتها وأصبحت اضحوكة وتسببت في هروب الاستثمارات والمشاريع والفعاليات التي تدر مواردا كبيرة للولاية وتخدم اقتصادها وتشغل عمالها وموظفيها وتنعش حياة مواطنيها. فقد قدر الخبراء الاقتصاديون بأن الولاية خسرت ما قيمته أربعة بلايين دولار نتيجة لهذه الفعلة الشنيعة!!!

زبدة الكلام هي ان الديمقراطية تعتبرحكم الشعب فعلا، وليس كليشة سياسية، بشرط ان تستخدم بالشكل الصحيح لأن من يقرر في نهاية المطاف هو مصلحة الشعب. ان الشركات الكبرى التي انسحبت من الولاية والغت عقودها وتسببت بتلك الخسائر الفادحة التي أجبرت السياسيين على التراجع لم تفعل ذلك لسواد (او زرقة) عيون الناس ولا لأن أصحاب الشركات اشراف، إنما حفاظا على مصالحهم التي تدفعهم ان يكونوا مضطرين للنزول لرغبة الشعب (الذي يعمل ويشتري ويبيع) وليس لرغبة حكام الولاية وقد كان ذلك ما حدث فعلا بان القانون تم الغاءه بسبب ما تكبدت الولاية من خسائر وبسبب ثقل الشعب (المستهلك) كعنصر أساسي في النشاط الاقتصادي الذي تبنى عليه القرارات السياسية والاجتماعية.

 

مصدق الحبيب

 1228 musadiq

 

 

في المثقف اليوم