أقلام حرة

كيف يمكن حل مشكلة كركوك؟

emad aliكان بامكان عدم حدوث اية ضجة حول رفع العلم الكوردستاني في مدينة كركوك لو تعمق القادة المحنكين في كيفية التعامل مع قضايا المناطق المتنازعة عليها والتي لم تمد السلطة المركزية اليد اليها ورحلها من مرحلة لاخرى متقصدة ذلك، وعقد الامر اكثر يوما بعد اخر، وكان هدفها عسى ولعل ان تلقى مرحلة من الهدوء في العراق كي تفرض اجندتها فقط، والا فانها كان بامكانها على الاقل البدء بالخطوة الاولى من المرحلة الاولى لتطبيق المادة 140 من الدستور من خلال التفاوض للوصول الى التطبيع لا ان تتركها كما هي منتظرة نزول الحل من السماء او هادفة الى استغلال وقت ملائم لها والذي لم يحن بعد لفرض اجندتها الخاصة بدلا من تنفيذ ما جاء في الدستور . وفي المقابل فان السلطة في اقليم كوردستان اكثر اهمالا بل منشغلة في الخلافات الكبيرة بين الجهات السياسية وما يهم القادة وحزابهم فقط دون النظر بجدية الى القضايا المصيرية الحاملة للشحنات العصبية لدى من استفادوا منها طوال السلطات السابقة، وهذه هي العوامل الخاصة التي تؤدي الى ما لا يحمد عقباها ابدا .

كان من المقرر ان ينتهي هذا الجدل وما تحوم حول كركوك من اجندات داخلية وخارجية في نهاية عام 2007، الا ان السبب واضح في عدم حلها انها لاسباب سياسية متعددة الجوانب، ومنها خارجية تريد فرض ما تريد على الحكومة المركزية بشكل واخر مع وجود توجهات مخالفة للبعض او متناقضة للمكونات العراقية وما تحمل من العصبية وعدم الاستناد على الحقيقة والتاريخ في مواقفهم، بل تحركهم توجهاتهم ومواقفهم وفق ما تدفعهم الايديولوجيا والمصالح الضيقة وتبعيتهم لهذا وذاك اقليميا .

لم يكن هناك اية فقرة حول تراجع القوى حول تطبيق هذه المادة والبديل المقترح في حينها، وعليهفان  تراجع الحكومة حتى في تشكيل لجنة خاصة بها وتركتها لعامل الزمن يعتبر مثلبة لها . وما كان على السلطة المحلية او اقليم كوردستان الذي لم يفكر هو ايضا في البديل المناسب ان يجدوا ما يجبروا المركز على تطبيق هذه المادة بشكل سياسي وعقلاني، كما كان بالمكان من خلال اتخاذ خطوات مهمة،  منها انذار وتنبيه الحكومة المركزية حول القضية لو لم تتعامل معها بجدية وانه سوف يكون عنده البديل  المناسب لها وكما تفعل الحكومة المحلية لمحافظة كركوك الان من رفع العلم الكوردستاني بشكل رسمي وامكان اقتراح العودة الى حضن اقليم كوردستان باقتراح من مجلس  المحافظة كما هو العمل القانوني الذي لا يعارضه الدستور العراقي  ولا اي شيء اخر عدى ما تريده بعض الجهات ان تعتمد على توازن القوى وتدخلات الدول الاقليمية . اي الخطوة التي اتخذها محافظ كركوك متاخرة جدا وكانت مفاجئة ودون سابق انذار الذي كان بالامكان ان يقوم به قبل سنوات، وبه كان بالامكان الضغط على المركز كي يركن بجدية في التفكير لايجاد خطوات الحل وفق المادة الخاصة بها دون خضوعها الى امر المعادلات والسياسة والاوضاع العراق الداخلية واراء المكونات ومواقفهم وتوجهات دول الاقليم كما حدث منذ سنوات .

لقد رفع الكورد علمهم الخاص على المحافظة ولهم الحق في ذلك، بعد تقييم ما قامت السلطة المركزية به خلال تلك السنين التي تركت القضية دون اي عمل قانوني وتركتها لمن يمكنه ان يتدخل فيها . وعلى الرغم من انها خطوة قانونية يستند على الدتور والقوانين النافذة ولا يحتاج الى ضجة وتشنجات داخلية واقليمية من قبل تركيا بالاخص التي استغلت ما يحدث من اجل كسب اصوات لتغيير الدستور التركي، ويصرخ ويزعق اردوغان وبح صوته والتقط عملية  رفع العلم فرصة سانحة كي يظهر وكانه راعي شؤون دول المنطقة وما يحمل من الافكار التي سوف تضر بنفسه دون ان يعلم، وكما حدث للدكتاتوريات والانظمة الشمولية التي تنوي تركيا ان تصل اليها ان مرر تغيير الدستور لصالحه .

ما حدث بالامس كان بالامكان ان يحدث منذ مدة طويلة، وان اثارة المواقف وما وجدناه اليوم كان يدفع الجميع للعمل الجدي حول حل القضية بسلام وامان في وقته ايضا، وتحت ضغوط اصحاب الحق الذين اعلنوا ايمانهم بالحل السلمي وفق المادة الدستورية القانونية  الخاصة بالقضية، وبينما كانت الجهات المقابلة الكثيرة منها العراقية والاقليمية تريد ترحيل القضية وفرضت ذلك كي تدفع بصنع عراقيل وتمنع بها الخطوات المطلوبة والمعلنة خلال المادة الدستورية لحين انتهاء الفرصة لفضها بالقوة او فرض اجندات مجحفة تغبن بها حق المكون الكوردي كما يحدث لحد اليوم .

اما الحل، انالايجابية الاولى قبل اي شيء اخر في هذا الامر الجديد، ان الخطوة التي جاءت دون تخطيط او دراسة في التوجه والزمن، جاءت كمحرك ودافع نحو توجيه الانظار من جديد حول القضية اولا، وان كانت عفوية وربما شخصية نتيجة عوامل اخرى داخلية او حزبية، الا انها ربما تجد الحل النهائي لو استمرت الجهات في التقدم بخطوات جريئة حول الالتزام بما يفرضه الواقع المستجد بعد الخطوة الاولى وما جابهت من المواقف المختلفة من جميع الجهات .  فان كان المركز يهمه حل القضية بسلام وامان فان امامه الفرصة في حل القصية خلال ستة اشهر فقط لا كثر، وان تقدم على تطبيق خطوات المادة 140 دون اي تلكؤ او تماطل سوف يخرج الجميع بحل مقنع في نهاية المطاف، الا انه لو تناور او تملص بشكل او اخر انه سوف يتجابه مع البديل الواقعي على الارض وما يمكن ان تقتنع به الاكثرية من سكان المدينة، فانه الحل المناسب والعامل الدافع الى فرض الحل المناسب فرضا ولم يدع اية فرصة للتناور والتماطل والتكتيك وهناك من يحمل المسؤلية المطلوبة لحل القضية التارخية نهائيا, وربماان واجه الاصار على الباطل فيمكن ان تصل في نهايتها الى الوسيلة العسكرية لفض المشكلة على حال ما، وهذا متوقع لما يؤمن به الكورد واصروا عليه في محاولاتهم في اخذ حقوقهم في الثورات المتعاقبة بشكل كامل بعيدا عن الجزئيات ودون اي تنازل عن حقوقهم المشروعة، وبازاحة التغييرات الديموغرافية المتتالية التي اقدمت الحكومات المركزية الاقدام عليها دوما، فان لا يمكن بقاء الاجحاف الذي حصل للمكون الكوردي في المدينة خلال العقود المنصرمة ال مالا نهاية . اي، بهذه الخطوة، اي رفع العلم الكوردستاني فرض الحل الممكن وفتح الباب امام تطبيق المادة 140 بشكل نهائي او الانضمام الى اقليم كرودستان باستفتاء مباشر لسكان المحافظة، حتى وان كانت المواجهة العسكرية احدى الاحتمالات والشعب الكوردي اهل للتضحيات كما يعلمنا التاريخ ذلك . ولكن القيادة العراقية وما يمكن ان تتصف بالحكمة والاعتبار من التاريخ بعيدا عن المزايدات السياسية التي تتصف بها بعض الشخصيات الموتورة او الاحزاب المصلحية او الجهات الموالية للدول الاقليمية وما يهم مصالحها وليس المكونات العراقية كافة، يمكنها ان تتصرف بما يرضي الجميع من خلال التعامل مع القضية المعقدة المتشابكة بحسن النية والحق وليس بما تتطلبه السياسات الانية، وبه يمكن ان يكون الحل ممكنا وان كان صعبا . ولكن من يصل اليه فيسجل له مجدا تاريخيا وما يضمن عدم اهدار الدم او الاقدام على الحل الناقص الذي يجعل القضية ملغوما وتبقى على حالها عرضة لكل الاحتمالات على الدوام، وهذا جيد لمصلحة العراق باكمله وبمكوناته التي دفعت الكثير من الدماء لهذا كثيرا . واول الشروط لمن يريد الحل النهائي العادل هو اهمال مصالح القوى الاقليمية وضغوطاتها قبل اي شيء، ومن ثم البت في التفاوض وعدم الحساب للثقل والنسبة وامكانية اية جهة من جهات التفاوض، والعمل بجدية دون ترحيل القضية او التهميش او التاجيل في حل القصية نهائيا كما حصل منذ عقود وما فرض بالقوة عاد بسهولة وبفرص الى حاله الاولي دون اية جهود، ولا يصح الا الصحيح في النهاية ويعود الحق الى اصحابه مهما تبجح المغرضون والمصلحيون .

 

عماد علي

   

في المثقف اليوم