تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

سياسة دون جرأة وسلطة للعاجزين

ahmad mohamadjawadalhakimسياسة دون جرأة، دون صراحة، هي سياسة المهادنة، سياسة الترضية والمجاملة والمسايرة وغض النظر عن الأخطاء، وعن الظلم والباطل والشر. هي باختصار سلطة العاجزين الذين ليس لهم القدرة على الاحتجاج . لأن السير على طريق الحق والعدل، لم يكن يوماً من الأيام ميسراً محبباً يجلب المغانم، كونه صعباً، ثقيلاً مكلفاً. فضلاً عن ذلك قلة أنصاره، وينطوي على تضحيات كبيرة، ودفع أثمان باهضة .غير أن هؤلاء العاجزين ليس لديهم الاستعداد للقيام بذلك، ولهذا يقفون، في أحسن الأحوال، موقفاً حيادياً، يحاولون به الابتعاد عن سياسة المحاور كما يقولون. لكن هذا الموقف غير صائب، لأنه بالنهاية يصب، من الناحية العملية، لصالح جبهة الشر والعدوان. إننا لانستغرب من مواقف الذين يدعمون العدوان والشر كونهم عبيد، ومن واجب العبد ان يدافع عن سيده القوي، لكننا نستغرب من مواقف أشباه العبيد، العاجزين، الذين لا يمتلكون الجرأة على قول الحق أمام الأقوياء، وعليه ينتهجون سياسة المسايرة. وقد انتقد الإمام علي (ع) انتقاداً شديداً هذا السلوك في الأحداث التي جرت في زمانه، فوصفها خير وصف بقوله: "لم ينصرا الحق، ولم يخذلا الباطل" وأيضاً : " خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل". أي سلوك هذا؟ وأي حياد هذا؟ هوالحياد السلبي بعينه. هم يصرخون ليلاً نهاراً أنهم يتبعون سياسة النأي بأنفسهم، بعيداً عن المحاور، وهي التي توصلهم، إلى بر الأمان كما يتوهمون، لكنهم في الحقيقة لايرغبون إغضاب الأقوياء. إن خطورة هذه المواقف هي مساواتهم بين الحق والباطل، بين المعتدي والضحية.ومن أسباب هذه المواقف هو ضعف أصحاب هذه المواقف وتفرقهم، لأن النفوس المشتتة تنفر من الحق والعدل. ومن نتائج السياسة هذه، هي تمكين الأقوياء الظلمة وأصحاب الضلالة مزيداً من الهيمنة والاستقواء على أصحاب السلوك المهادن. ولا عجب أن نجد أولئك الذين وقفوا يوماً ما مع الأقوياء الظلمة أن لايحتجوا ويغضبوا على ممارسة هؤلاء الأقوياء فيما بعد. وختاماً يمكننا القول: أن كل ما يحتاجه القوي الظالم من أجل النجاح هو أن لا يعمل الطيبون أو الضعفاء شيئاً.

 

أحمد محمد جواد الحكيم

 

في المثقف اليوم