أقلام حرة

من هو المراقب الرئيسي والمساعد في القضية الكوردية

emad aliلا نزيد شيئا ان قلنا ان القضية الوحيدة بعد محاربة داعش التي تهم الجميع دون استثناء لترتيب اولوياتهم في المنطقة في هذه المرحلة وبعدها هي القضية الكوردية بفروعها العديدة . اصبح الكورد عاملا وثقلا فرضوا انفسهم على الحسابات الدقيقة لما يجري وتخوض فيه الكبار من الدول عدا الدول الاقليمية التي تعتبرها قضيتها، وهي القضية التي ما يمكن ان تعطي اية معادلة من نتائج الا بوجودها، وفي مقمدتها ما تفرزها معطيات نتائج الخطوات السياسية لجميع اللاعبين على الساحة الشرق الاوسطية في نهاية الامر .

تقتضي الخطوات المتسارعة لتوجهات القوى المختلفة علينا ان نستدل من وراءها ما المحسوب للكورد في كل خطوة، لانها لا يمكن ان تكون ذات اثر دون الحساب لما يخص الكورد من جميع النواحي . بمعنى ان الحسابات والمراد في النتيجة المطلوبة لاهجاف الكبار استراتيجيا وما تصاحب الخطوات العامة لكل تكتيك سياسي الذي يتطلب احيانا افعال وحوادث عسكرية كاشارة لتغيير السياسات او توجيهات عملية على الارض لحث الاخر على المطلوب ، ولبيان الموقف واشهار التغييرات التي تفرضه المسيرة المستديمة للخروج من الحال باحسن حال لكل مراقب، وكما شاهدنا القصف الصاروخي الامريكي لمطار الشعيؤرات بعد اتهام سوريا باستخدام الاسلحة الكيمياوية، ولم نكن نرى مثل هذه الخطوات ابان سلطة اوباما مهما كانت افعال سوريا .

هنا يمكن ان نفرق بين عمل واهداف كل طرف عالميا كان ان اقليميا في المنطقة،و ما يضمر كل منهم من الاهداف للقضية المثيرة دائما وهي الكوردية التي اصبحت العامل المشترك لدراستها مع القضايا المرحلية والدائمية الاخرى جميعا دون استثناء . اي لا يمكن الخروج من الحسابات المرادة للتعامل مع داعش تكتيكيا الا ويفرض استراتيجيا التعرج للقضية الكوردية في بحث ودراسة المطلوب لانهائه، وهكذا في التعامل مع الدول في المنطقة من قبل القوى العالمية والتعامل مع موقف كل دولة ومصالحها ونظرتها الى الكورد وقضيتهم .

المراقبون السياسيون الذين يلعبون في الخفاء وفي القليل من الاحيان جهارا، فانهم لا ينكرون ان قضايا المنطقة قد تداخلت واصبحت الحلول النهائية في نهاية الامر لكل منها وقعا كبيرا على الاطراف التي تخصه القضية وعلى النتائج المفترضة التي يمكن ان يستحصلها كل مراقب جراء تفاعله مع اي حدث او عملية او خطوات سياسية، وفيما تتمخض فيه المنطقة من الناحية السياسية والعسكرية بما لها من الارتباط الوثيق بما يمس الاقتصاد والموارد الطبيعيةالضخمة الموجودة في المنطقة والتي تهم المراقبين قبل اي شيء اخر . ومن القضايا التي تفرض الخوض فيها بشكل مسهب من قبل المراقبين وفق المستجدات من المواقف المختلفة للحلفاء والاعداء للمراقبين الكبار هي القضية الكوردية التي اصبحت تفرض نفسها اكثر بكثير من السابق .

اذن، لو اردنا توضيح من هم المراقبين الرئيسيين للقضية الكوردية، ونستوضح ما تفرضه مصالحهم عليهم التعامل معها بكل جدية؛ هما الولايات المتحدة الامريكية وروسيا قبل الدول الاقليمية التي تعتبر القضية تخصها دون غيرها . فان المراقبين الكبيرين وان تراقبان الوضع بشكل عام الا انهما ايضا تدققان الخطوات اليومية لكل طرف وما تؤثر كل منها على توجهاتهما واهدافهما وما تريدان التوصل اليه في النهاية، وانهما تحددان عندهما الخطوات التي من المفروض ان يتخذها كل طرف دون تخطي المساحة المسموحة له في مسيره حسب ما تتطلبه مصلحتهما المصيرية . وان اختلفا احيانا في التكتيكات فانهما متفقان على الامور الاستراتيجية التي تخصهما، وهذا ما يستوضح لنا مدى بعد بعد عودة الحرب الباردة للسياسة العالمية التي تتبعها القوتان او القوى العالمية البارزة الكبرى . اي القضية الكوردية وان كانت الاطراف الداخلية التي تعتبر نفسها اصحابا لها، غير متوافقين في امورهم ولم يتعاملوا لحد اليوم مع المستجدات وفق ما تهم شعبهم وتفيدهم الا ان الظروف الموضوعية الناتحة من السياسة العالمية الجديدة للقوى المؤثرة على المنطقة باكملها تقع لصالحهم وان اضروا هم بها كثيرا لحد اليوم مستمرين على اخطائهم الجسيمة . فالمراقبين الدوليين الذين يتفاعلون مع ما يجري في منطقتنا اصبحوا مظطرين بفعل وامر مصالحهم ان لا يهمشوا الكورد في اية خطوة لهم ووفق ما يتخذون من الافعال السياسية بمحركات مختلفة ويستخدمون فيها القوى المحلية باقل كلفة واكثر ربحا في سياساتهم العالمية، وبالاخص امريكا التي اصبحت تدير السياسة العالمية لها وفق نظرياتها الاقتصادية واصبحت العولمة السياسية امرا واقعا مفروغا منها من قبل السياسية الامريكية الجديدة.

اي المراقب المؤثر الاكبر هو امريكا وسياساتها المتعددة الجوانب وبمضامين مختلفة الشكل وومتوحدة الهدف والمراد . وعلى الرغم من بروز خلافات امريكة روسية ضئيلة على المسار اليومي للتعامل مع مجريات الامور في المنطقة الحارة التي يعيش فيها الكورد، فان توافقهم المصلحي العالي بات مكشوفا في الامور الاستراتيجية، ولا يمكن ان نتوقع الابتعاد عن العمل المشترك الا اذا حاولت احداهما التغاضي عن المعهود او التباعد من اجل الوصول الى ما هو المطلوب من جانب واحد وغير المطلوب لدى الاثنتين معا وماهو لمصلحتهما العامة عالميا .

و عليه، فان المراقب العام للقضية الكوردية الذي يساعده الطرف الاخر، اي امريكا وروسيا، قد يلتقيان في نقطة مشتركة واحدة ازاء القضية الكوردية ولا يضر الوصول الى نتيجة ايجابية او تحقيق الهدف الكوردي المنتظر باي منهما ويسيران على مخططهما ان لم يتمكن الموالين لهما من دول المنطقة من الحركة الالتفافية حول تحركات الاثنتين في تسيير الامور\\ن وبه يمكن ان يصلوا بما يفعلون نحو ما ينتج عوائق امام التعامل المراد من المراقبين مع القضية الكوردية. الا ان الحواجز الكبيرة التي تقف حجر عثرة امام تحركات الدولتين تركيا وايران للوقوف امام اهداف القضية الكوردية على حال دائم منذ فترة، وان كان الكورد بانفسهم يصنعون بعض منها ويساعدون هؤلاءفي تحقيق مرادهم لاسباب داخلية انانية تخصهم ومنها امور شخصية وحزبية اصبحت العامل المساعد لتلك الدول في نجاح مهامهم وتحقيق اهدافهم . وبه يضعون العراقيل امام مسيرة المراقبين فيما ينوون لخدمتهم ولما تفرضه مصالحهم وليس من اجل عيون الكورد انفسهم، كما نعلم هذا ما تفرضه المصالح والسياسة الصحيحة في كل زمان ومكان .

فان اكبر المعيقين في المنطقة لما ينتظره الكورد هما تركيا اولا ومن ثم ايران، ولكنهما في حال يمكن ان تفرض الظروف العامة التي تاتي بها الكبار من الدول المعنية من وضع العوائق الكبيرة امام خطواتهما الدافعة لمنع الكورد من الوصول الى مبتغاه . فالمراقبين المحليين من المنطقة هم من الممانعين لما تفرضه المراقبون الكبار في تسيير امورهم في المنطقة ومنه بناء ارضية للحلول التي تفيد السياسة العالمية لهما وما تفرضه المستجدات على خطواتهما من ما موجود في المنطقة من قضية الكورد كعامل استراتيجي لنجاح عملهما والداعش كهدف تكتيكي وقتي في سياستهما الخاصة .

اذن، المطلوب هو قراءة المتغيرات من قبل الكورد انفسهم وازاحة المعوقات الذاتية التي بنوها امام اهدافهم بانفسهم، ولا يحتاج الوصول الى النهاية السعيدة للشعبهم الا التعامل بعقلانية مع السياسات العالمية التي وقعت اخيرا في مصلحتهم في هذه الفترة بالذات، ولا نعلم ما تخبئه المرحلة القادمة التي ربما لن تكون كما هي الحال للكورد الان، وبه يمكن ان تطمس قضيتنا عهودا اخرى في بحر الظلمات ..

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم