أقلام حرة

تبا للوطنية والعروبة يا عرب!!

الحديث عن الوطنية والعروبة صار أشبه بالمزحة المجة، فما عاد لهما معنى في الوعي العربي الجمعي. أحد الأخوة قال في برنامج تلفازي أن الوطن والوطنية والعروبة أصبحتا شعارات أو خيالات، إنها جيدة لكنها غير موجودة في السلوك العربي.

والدليل على ذلك أن أبسط مسح للمقالات التي تتحدث عن الوطنية والعروبة سيخبرك بأنها من أقل المقالات قراءة، بل أن كتّابها يوصفون بأنهم يعيشون في عالم الفنتازيا والخيال، وبأنهم منقطعون عن الواقع القائم في الحياة.

فالتنفير من الوطن ومن العروبة قوة فاعلة في المجتمع ومؤثر في التفكير والرأي والسلوك، والسعي الحثيث نحو تفتيت الأوطان يجري على قدم وساق وبإرادات أهل البلاد، ووفقا لمعطيات وبرامج التقسيم بالدم.

ويقوم بهذا الدور السلبي الإنمحاقي العديد من العرب من ذوي الشهادات العليا والعاملين مع القوى المفترسة التي تعزز أدوارهم التدميرية للوطنية والعروبة، وإتجاهاتهم الطائفية والإنتقامية والإجرامية بحق ذاتهم وموضوعهم، وهم يقومون بتأدية أدوارهم بفخر ورغبة مطلقة وشعور بالقوة والسطوة.

وأمثال هؤلاء ينتشرون في جميع دوائر القوى المهيمنة على المصير العربي والقابضة على مسيرة الحياة الدامية فيه، وهم المساهمون في تحويل البلاد إلى خراب والعباد إلى هاربين أو قابعين في سجون المهانة والذل والعدوان.

وعندما تلتقيهم أو تتحدث معهم تحتار في أمرهم، فنفوسهم تقدح شررا وسلوكهم ينفث حقدا، وهم الذين يحدثونك بإسم ربهم ودينهم وقال فلان وذكر علان، ويصلون خمسة أوقات في اليوم، ويحسبون أن الله غافل عما يعملون، وأنهم الأعرف والمدركون.

تلك مصيبة عربية ما عهدتها مجتمعات الدنيا من قبل إلا التي غضب الله عليها ودفعها إلى أتون الذل والهوان، وسلط عليها مَن يحيلها إلى عصفٍ مأكول، ويجعل من بنيها أعداءً لها ومشاركين بإفتراسها مع المفترسين المنقضين عليها بلا هوادة.

فمجتمعات الدنيا لا تتحول إلى أُرضة تنخر ذاتها وموضوعها، إلا المجتمعات العربية فأنها الأكثر تأهيلا للقيام بهذا الدور الإنقراضي المشين.

ووفقا لهذه المناهج الترويضية الدافعة نحو تقيؤ الوطنية والعروبة والدين، فأن المسيرة العربية تنحدر إلى وديان النسيان والإمتهان والتبعية والإذعان والهوان.

فالوطنية كلمة ستغيب من الوعي العربي وكذلك العروبة والدين، فهل سنقرأ على وجودنا سورة ياسين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم