أقلام حرة

يتصرف ولا يعلم بانه ينكأ جرحا طريا

emad aliعندما لا يقدّر المسؤل زبدة العقل العلمي والنخبة من جهة ولا ما يهم الشرائح والقوميات والمكونات واهدافهم من جهة اخرى، ويتصرف بمزاجية استنادا على الاجعاءات الفكرية المتخبطة بمساندة القوة والتاريخ والدوافع الذاتية النابعة من النرجسية التي يتصف بها، ليس امامه طريقا سويا ويصدطم في مرحلة ما بالحجر العثرة التي ينفلق امام مسيرته، واما ينعطف وينحرف او يسقط وينتهي . هذا هو الامبراطور الوالي الجديد المنبري كثيرا الى الامام باندفاع ذاتي وبتطرف في اكثر الاحيان ، كي يحقق حلمه ويستلم راية السلطان الجديد .

يرفض علمانية اتاتورك، وينقلب على من دعمه وسانده بل اوصله الى هذا الموقع دون ان يهز له شعرة . يرتمي بين احضان عدو الامس واليوم دون ان يوفي بوعود لصديق الامس وصاحب الفضل عليه . يلون ويغير جلده وينسلخ منه بلحظة دون اي يتردد ولو بقليل جدا في اية خطوة يخطوها، ويتخذ الدين ايديولوجية من الزاوية التي تفيده في بقاءه امبرطورا باي اسم كان، انه سلطان الزمان اردوغان .

يضرب يسارا ويمينا، لا يتخذ اي موقف من المتجاوزين ان كانوا لجانبه ومصلحته، او بالاحرى ربما يكون كل ذلك باوامر شخصية منه، ويسلك الطريق غير الملائم ويغامر بدولته ومستقبله ويسير على ضفاف البحر المتلاطم دون ان يحسب لسلامة سفينته ولمستقبل بلده، انه ليس بشجاعة وانما مغامرة لصالح الذات وعلى حساب الشعب ومستقبله . لا يهمه الامن والامان والاستقرار ويتشبث بما قدمه خلال فترة قصيرة ويتشدق بالتقدم المرحلي ولكنه يظل على مساره دون ان يفكك رموز المرحلة التي وضعته على حالو في وضع مغاير لما ات ولم يعلم بانها لم تكن من صنيعته بقدر ما فرضته الظروف الموضوعية للمنطقة، ولم ينجح نموذجه للحكم الذي اعتقد الغرب بانه ناجح لهذه المنطقة المصابة بكل الامراض السياسية الثقافية والاقتصادية الا في جو فارغ من البديل المنتظر من الشرق والغرب لما يجري في المنطقة .

 انه اردوغان يفعل ما يشاء دون ان يحسب انه بخطواته ينكأ بحراح عميقة طرية عند جهات كثيرة من مكونات شعبه وحتى في المنطقة، ولاتزال على حالها منذ عقود ولم تجف داخليا على الاقل حتى اليوم جراء الممارسات غير الانسانية بدواعي واسماء مختلفة ضد تطلعات مكونات شعبه بمختلف مشاربهم وليس الكورد لوحده .

لازال اردوغان يسير على خطوات بعيدة عن المسار الصحيح، متخذا ما لا نعتقد انه نسميها استراتجية متنوعة المضمون من الفكر والفلسفة، ومتضمنة لاحتمالات مختلفة متغييرات متباينة حسب ما تفرضه المراحل المتتالية من تاريخه وما تسير عليه سلطته من تكتيكات مختلفة تقطع حتى مسار الستراتيجة التي يرسمها هو بين حين واخر . الغريب في الامر هذا، انه يحمل في يديه الاثنتين مجموعة من المتناقضات السياسية التي لا يعرف المتابع ما يهمه ويؤمن به وما لا يؤمن ولم يعترف به اصلا، ويفرض نتاج يديه ويفرضه الواقع عليه وما يفعله هو في لحظات او نتيجة ردود الافعال ما لا يتصوره اي متابع ومحلل عاقل وصاحب الراي السديد ايضا .

هل يعود بعد فوزه في الاستفتاء للمصالحة الوطنية التي يدعيها ويعلن ايمانه بها من خلال فترات قصيرة الامد مستخدمة اياها كتكتيك بين مسار المرحلة التي رسم لها ما يريد ان يصل، ام يعتبرها تكتيكا مر عليه الزمن وليس له الحاجة بها وربما خوفا من انه من المتوقع ان لا يصدقه احد بعد ما عمل بما لا يمكن ان يعمله اي احد غيره . انه يتصرف وكانه دبلوماسي وسياسي محنك لحظة ويسلك طريق واسلوب الشوارع في لحظات اخرى، كما حدث في سبه وشتمه للقضاة والقضاء، وكم مرة احرج من انتقد خطواته باسلوب جاف بعيد عن كل الاعراف والعادات الدبلوماسية والسياسية . لا يهمه ان كان يريد ان يندمل جرحا ينكأه بكلمة او موقف او خطوة، يفكر بانه افضل ما يسلكه من السير الصحيح في نظره ويخالفه المتابعون لمسيرته ولا يعلم بانه لا يتوافق مع حتى التقليد السياسي لبلده .

يهتم بشريحة ويهمل اخرى، يعادي البعض ويصادق الاخر في لحظة ومن ثم ينقلب الى  العكس في لمحة بصر. من يعتقد بانه يستمر في تقاربه وصداقته للحزب القومي المتطرف فهو لا يعرف اردوغان وعقليته، ومن يفكر بانه يعادي الحزب الجمهوري الى النهاية فهو لم يقترب من فكر اردوغان ومزاجه ونظرته الى السياسة في خطوة واحدة .

انه باسلوبه وطموحاته يمكن ان يكون خطرا وشرسا ومضرا بالحيوان قبل الانسان ايضا . فهو لم تبرز منه اية اشارة الى اهتماماته الستراتيجية بشكل نهائي بقدر ما يعرفه الجميع بانه لا يجهر ما يهم به في لحظات  التي يمكن ان تصدرمنه امور نتيجة ردود الافعال تجاه ما يلامسه في يومياته . انه يستهتر احيانا بحتى القيم التي يحملها ولا يعلم المتابع باي عقل يسير وما هي اولوياته في الحياة . انه لم يوضح فكره السياسي، لازال يدعي احيانا ايمانه بما يسير عليه الغرب في وقت يسلك ما يبعده عنه، وفي المقابل يبين ويظهر بانه عكس توجه الشرق ويبرز ويفعل وفق ما لا يؤمن به في قرارة نفسه في الوقت ذاته، ويقع كل ما يخطوه في مصلحة الشرق وعلى عكس ادعاءاته .

انه اردوغان وتركيا ماقبل وبعد الاستفتاء، وما لديه من المكرمات التي يدعيها ويريد ان لا يحرم المنطقة منها بعقليته المتنوعة التوجه والمختلفة التركيب والتدبير . من الواضح انه لا يعلم ببعض ما يفعله وكانه يسير على خطا من يتخذه قدوة من ما يدعيه من الاقدمين، وفي اللحظو ذاتها يفتعل امورا انه ينكأ بها حقا الجروح التي اصيبت بها الجهات المختلفة من مَن يتعامل معهم، سواء كانت في بلده او في المنطقة بشكل عام، ويريد ان يتقدم بشكل مستقين الا انه يجد نفسه على  خطى متخبطة مبنية على عقلية متشابكة دون اي رادع يوقفه عند حده، وانه لا يعلم بانه حتما سيسطدم بما لا يستسيغه في النهاية ويكون مصيره مجهولا باي شكل كانكما كان حال غيره من قبل .  

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم