أقلام حرة

الفرصة مؤاتية ان كانت نوايا اردوغان صادقة

emad aliلقد جرّب اردوغان كما غيره ممن سبقوه كل الوسائل لضرب الحركة الكوردية ليس في بلاده فقط وانما في اي جزء, حين يراها تسير لغير صالحه وتؤثر بشكل او اخر على كوردستان الشمالية حتى وان كان بشكل غير مباشر، ونتيجة ما يعتبرها حسابات بعيدة المدى ووفق نظرته الى الواقع الموجود في بلاده ومن فكره النابع من مجموعة من الطموحات والعقائد والافكار الجديدة على الساحة التركية وتتبعها سياسات مغايرة وان كانت تبان لكل من يدققه بشكل صعب جدا . لقد تغيرت الموازين ورافقه تغيير توجهات اردوغان كبوصلة ملازمة لما دارت او مالت من عوامل تلك الموازين سياسيا داخليا كانت ام اقليميا او عالميا نحو جهة يعتقد بانه ليس لصالحه، وما تغير من ثقل وموقع الكورد معه في  مدار ومسار المعادلات السياسة والستراتيجيات العالمية في هذه المنطقة.

المنحنيات السياسية الداخلية التركية ترتفع وتنخفض لحد كبير ومتفاوت في مسيرها, نتيجة المتغيرات والافعال التي تصر عليها السلطة التركية المتمثلة بحزب العدالة والتنمية باعتبار ما يهمها هو التغيير وايجاد الحلول للقضايا الملحة والمؤثرة بشكل كبير على كافة جوانب الحياة العامة للشعب التركي، وقي مقدمتها القضية الكوردية، وياتي هذا بعد مراحل من الاهمال والمحاربة من قبل السلطات السابقة منذ انبثاق الدولة التركية بعد انهيار العثمانية واعتلاء اتاتورك السلطة وحيله المعلومة للجميع في هذا الاطار .

اردوغان امام مفترق طرق في هذه القضية، لقد سار بشكل بطيء سابقا والى حدما بحذر من القوى المعرقلة في المصالحة التي استهلها بشيء من العلنية لاول مرة مع من يعتبره لحد اليوم معاديا لدولته وينعته بالارهاب والمتمثل بالحزب العمال الكوردستاني . سارت العملية بانحناءات وميلانات مختلفة الشكل والتوجه، متاثرا بالمواقف الداخلية والعراقيل التي صنعتها الجهات المختلفة من الاحزاب العرقية المتطرفة والصقور في الجيش امامه قبل الانقلاب المزعوم والمحاربين القدامى .

اما اليوم وبعد ان راوغ وتحايل وتكتك اردوغان في هذا الامر، الا انه بعد نجاحه اخيرا في الاستفتاء قد اتسعت الطريق امامه دون اي عراقيل كبيرة محتملة كما كانت تبرز اماه في السابق، نتيجة اوضاعه الداخلية المغايرة وتغيير ثقل وموقع المنافسين المصارعين له طوال سنوات حكمه السابقة تدرييا لحين الوصول الى ملحمة الاستفتاء السياسية . اليوم لقد ازاح هو بكل ما لديه او ازيحت المعارضة القوية من لدن الجيش وبقايا الاتاتوركيين الذين كانوا مسيطرين على زمام العسكر، اضافة الى ما ادعاه بالغولنيين الذين نسجوا له المؤآمرات وصنعوا له المعوقات على طريق مسيرته السياسية وخططه لتطبيق ستراتيجياته البعيدة المدى ومنها توجهاته لايجاد الحلول العادلة للقضية الكوردية في بلاده. هذا من جهة، اما من جهة اخرى فانه صرخ دوما وتباكى كثيرا على عدم امكانه السير في خطواته المرسومة نتيجة ما يصفد ايديه من الصلاحيات التي لم يتحه الدستور وبنوده له في اتخاذ القرارات الصعبة، والا فانه يحول البلاد الى ممكلة التعايش السلمي والاخاء والسلام . وبالتغييرات التي وافق عليه الشعب التركي في استفتاءه، لم يدع حجة لادعاءات مستندة على ضيق صلاحياته بعد، لقد انفكت يديه من الاغلال وفتحت على مصراعيها بعد، وبالتغييرات تكون له القدرة وما تتيح له الامكانية على السير وفق ما ينويه دون اي حاجز يُذكر.

و عليه، لم يبق امام اردوغان الا ما ينويه ويحمله في داخله هو ان كان صادقا في ادعاءاته، وله القدرة في اجتياز كل العراقيل الصغيرة السهلة التي يعتقد بانها لازالت امامه . القضية الكبرى التي يعتقد بانه يقف حجر عثرة امام تقدمه ويجب عليه حلها هي القضية الكوردية والحقوق التي يجب ان تمنج لهم والذي يدع الخطوات تسير بسهولة وسلاسة نحو السلام الدائم .

اننا سمعنا اشارات واضحة نحو هذا التوجه خلال الاستفتاء وانما بشكل خجول، واعتقد بان هذا ما ادى الى ازدياد نسبة التصويت بنعم للتغيرات في الاستفتاء في  في كوردستان الشمالية والمحافظات ذات الاغلبية الكوردية . وربما لا ينسى الكورد بعض من الانجازات التي حصلوا عليها في عهد اردوغان دون اي احد اخر من قبله، وبه يمكن ان ياملوا او يعتقدوا بانه ربما يخرج من تحت تاثير القوى المحافظة المتحالفة معه بعد النجاح من عملية الاستفتاء ويتخذ خطى واسعة نابعة من ايمانه العميق بها في قرارة نفسه، ويتخذ اجراءات صحيحة لازمة  لرفع المظلومية التي عانى منها الكورد لعهود طويلة، ان كان يؤمن بمستقبل امن ومتقدم لتركيا .

ان كان اردوغان يعتقد ويؤمن بان حل القضية الكوردية مسارا استراتيجيا له ولتركيا ولا غنى لها عنه وهي تفرض نفسها عليه وعلى اهدافه ومعتقداته، وكما يعلن دائما، وبحجج كثيرة ومنها لابعاد الايدي الخارجية التي تريد التلاعب بمصير امته عن طريق استغلال محنتهم من جهة وما يشهده الاقليم والمنطقة بشكل عام من تفاعلات حارة وما تشهده المرحلة الانتقالية وتبرز منها علامات بارزة لصالح الكورد في المنطقة، وليس من المعقول ان لا تكون لها اي لهذه المعادلات والتغييرات من الالتي افرزات تؤثر على دولته بشكل مباشرو بالضرورة، فعليه ان يتمعن ويدقق كثيرا في خطواته الاتية في هذا المسار الحيوي المستقبلي لضمان نجاحه استراتيجيا في خطته التي يوميء بانه رسمها بشكل يوافق القوى المختلفة في بلاده ولا يمكن ان تكون مجزئة .

انها فرصة سانحة وبكل المسهلات والوسائل وباقل نسبة مقدرة من العوائق امام اردوغان الذي لا يمكن ان يصدقه الكورد نتيجة تقلباته الكثيرة الا من خلال الخطوات العملية التي عليه اتخاذها في هذا الوقت المناسب دون تملص او اي كلك وملل. وان كان يفكر صحيحا فعليه ان يتسهل ما يرنو اليه من تحقيق نواياه الخاصة ايضا, ومن خلال مسار حل القضية الكوردية بعيدا عن كل العنصرية وتراكمات التاريخ التي عليه ان يزيحها بما يقول بانه يؤمن به من الانسانية من اسلاميته المعتدلة كوسيلة لنجاحه . وان فعل فانه يدخل التاريخ من اوسع ابوابه وان فشل فانه سيبقى كما كان من سبقه من القيادات العادية المسلكية منذ تاسيس دولته والتي لم تشهد تركيا على ايديهم اية انتقالة تُذكر ولم يبق ذكرهم خالدا وحتى لم يقدموا للدولة التركية شيء يُذكر ايضا، الا انه، ان نجح في هذا، سيدخل مصافي العظام في تاريخ العالم، ولننتظر ونرى ما يكن في داخله وسيبين نواياه في الخطواتت التالية له، وان كانت الفترة الحالية اي قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة مرحلة حرجة وانه يحسب لما يمكن ان يفوز بها وربما تكون الطريق التي امامه لها حدودمعينة  وغير سالكة بشكل سلس جدا او لا يمكنه ان يسير بخطى كبيرة كما يعتقد البعض .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم